البحث

التفاصيل

مكانة الفتوى ومشاكل الخطاب الفقهي

الرابط المختصر :

مكانة الفتوى ومشاكل الخطاب الفقهي

س: كثرة المفتين واختلافهم بل وربما تناقضهم أيضا هل ترون أن مثل هذا الأمر أثر على مكانة الفتوى عند الناس؟

يجيب فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الريسوني:

 نعم، بطبيعة الحال كثرة الخلافات والتناقضات والتضاربات بين الفقهاء هذا عموما يضعف مكانة الفقه ورسالته ووظيفته وخاصة إذا كان ذلك يقع في البلد الواحد وأحيانا يقع في المسجد الواحد وفي المنطقة الواحدة هذا يضعف بدون شك ولكن مع ذلك علينا أن نعترف أن الاختلاف الفقهي بما فيه من تضارب أحيانا ليس خاصا بزمننا وليس خاصا بفقهاء زمننا والمفتين في عصرنا، الخلاف الفقهي شيء طبيعي جدا ولم ينكر في أي عصر من العصور ولم يختف إلا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حياة رسول الله لأنه كان المرجع الوحيد والمرجع النهائي والمرجع الأعلى حتى إذا اختلف بعض الناس أو بعض الصحابة وهم بعيدون عنه صلى الله عليه وسلم فإذا عادوا إليه وعرضوا عليه الأمر حسمه وانتهى الخلاف لكن مباشرة بعد ذهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بدأ نوع من الخلاف معروف بين كبار الصحابة ومتأخري الصحابة وهلم جرا إلى اليوم، وقد اشتد الخلاف في وقت من الأوقات في القرن الثاني على الخصوص ربما بشكل لا مثيل له عبر العصور اللاحقة ربما إلى اليوم حتى كان الفقهاء والعلماء يصنفون هؤلاء أهل أثر وهؤلاء أهل نظر وهؤلاء أهل قياس حتى قال بعضهم حينما ذهب من المدينة إلى العراق قيل له كيف وجدت الأمر في العراق؟ لما رجع إلى المدينة، قال وجدت حلالهم حرامنا وحرامنا حلالهم، أو كلاما بهذا المعنى بمعنى وجد اختلافا كثيرا حتى في الحلال والحرام والأحكام الرئيسية وهذه هي الفترة التي كانت السنة النبوية لم تستقر بعد ولم تهذب ولم تمحص فاشتد الخلاف إلى درجة كبيرة جدا ثم قل هذا الخلاف فيما بعد وكان الإمام الشافعي نجما في هذا الباب كما هو معروف وهكذا يستمر الخلاف دائما، لكن الخلاف إذا كان بين مذهب ومذهب وهذا مذهب في المغرب والآخر في المشرق والآخر فيما وراء النهرين، هذا أثره أو ضرره السلبي يكون قليلا، لكن اليوم الفضائيات تعولم الخطاب الفقهي فيتضخم المشكل، صار العراقي يسمع فتوى المغربي والمغربي يسمع فتوى الأفغاني ويقع هذا في الحج وفي الفضائيات وفي الإنترنت فهذه الوسيلة التي نقلت الخطاب الفقهي من النطاق المذهبي الإقليمي المحدود إلى أن صار خطابا عالميا فاضطرب الناس، قديما كان المتدين والمستفتي يذهب إلى الفقيه في مدينته أو في أقصى الحالات في عاصمة قطره وينتهي الأمر وعادة..

ولكن هذه التناقضات التي يزيدها الإعلام طبعا ليس بالضرورة بقصد أبدا ولكن هذه طبيعة الزمن، هذه التناقضات والتضاربات التي تزداد ظهورا وتزداد سوء تأثير عبر الفضائيات وعبر الإنترنت، الحل فيها هو المؤتمرات للعلماء وهو المجامع الفقهية، الآن عندنا مجامع فقهية متعددة، بعضها مجامع عالمية فعلا تستطيع أن تضطلع بدور مهم جدا ولكن المشكل هو أن هذه المجامع أولا لا تستقطب معظم ولا كل الفقهاء الفاعلين ذوي المصداقية فإذاً تأخذ منهم قدرا ويبقى قدر آخر ذو مصداقية وذو تأثير خارج هذا المجامع، ثم هذه المجامع ما زالت ضعيفة، الإنتاج الفقهي والمواكبة الافتائية لهذه المجامع ضعيفة جدا لا تلبي حتى عشر ما يحتاجه المسلمون، فلو أن هذه المجامع الفقهية مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة والمجمع الفقهي الإسلامي في مكة ومجمع الإفتاء والدراسات في أوروبا والمجمع الفقهي في شمال أفريقيا والمجمع الفقهي في الهند ومجمع البحوث الإسلامية في الأزهر لو أن هذه المجامع صارت لها فاعلية ومكانة ولو أنها نسقت فيها بينها ولو أنها ضاعفت من إنتاجها ومن قدراتها فهذا هو الطريق حقيقة لترشيد العمل الفقهي وترشيد الإفتاء الفقهي وتقليل هذه التضاربات التي تسألون عنها.


: الأوسمة



التالي
هل صحيح أن صوم عاشوراء يكفر سنة؟ وهل تدخل الكبائر في ذلك؟
السابق
فضائل شهر محرم الحرام

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع