البحث

التفاصيل

قواعد ومبادئ في القيادة

الرابط المختصر :

د. طارق السويدان
قواعد ومبادئ في القيادة
القيادة علم كما أنها فن وموهبة، لذلك فأنا مهتم جدا بتعلمها وتعليمها لأن قائدا واحدا ناجحا وملهما ومخلصا أفضل عندي من اقتصاد دولة غني لا يجد من يحسن إدارته، أو خطة مشاريع ضخمة تهدر فيها الأموال الطائلة، أو سنوات من عمر الأمة لا نتقن فيها غير الاستهلاك والتبعية.

الفرق بين القيادة والإدارة

من المعاني التي أركّز عليها عند تعليم القيادة ومهاراتها، أهمية التفريق بين القيادة والإدارة، لأن أزمتنا أزمة قيادة، وليست أزمة إدارة، وخلاصة الفروق أن القائد يركّز على ستة أمور، وما سوى ذلك فهو داخل تحت باب الإدارة، ووظائف المدير:

_ القائد يركّز على التخطيط.

_ القائد يركّز على الإبداع.

_ القائد يركّز على العلاقات الإنسانية.

_ القائد يركّز على التدريب والتعليم.

_ القائد يركّز على التقدير والتحفيز.

_ القائد يركّز على حلّ المشكلات المزمنة.

ويمكننا القول باختصار: إن القائد يركّز على أمرين، الناس والمستقبل، بينما يركز المدير على العمل (الإنتاج) للمدى القصير.

* قواعد أساسية في التربية القيادية:

1) لا ارتباط بين القيادة والشهادات والعلم، فأبو ذر كان أعلم من خالد بن الوليد، ومع ذلك لم يكن يصلح للقيادة، بينما خالد كان يصلح للقيادة، مع أنه ربما إذا قرأ القرآن أخطأ فيه، بل إن بعض الروايات تقول: إن خالداً كان إذا أم الناس قرأ بقصار السور، وذات مرة قرأ فأخطأ، فلما فرغ نظر إلى الناس وقال " لقد شغلني الجهاد عن تعلم كثير من القرآن ".

2) لا ارتباط بين القيادة والأقدمية، فأبو ذر أقدم وأسبق من عمرو بن العاص وخالد بن الوليد والأحنف بن قيس، لكنه لم يصلح للقيادة، بينما عمرو وخالد يصلحان، وتوليا مناصب قيادية في الجيش بعد إسلامهما بأشهر قليلة، لذا أدعو إلى حذف الفكرة التي ينادي بها البعض، بأن القيادة للأقدم، بل أقول القيادة للأصلح والأنجح والأقدر على صنع التغيير والتأثير.

3) لا ارتباط بين القيادة والسّن، فليس صحيحاً أن الأكبر سناً هو من يجب أن يتولى القيادة، أو الأقدر على القيادة، فهذا أسامة بن زيد، قد تولى قيادة الجيش المتوجه إلى بلاد الشام، وكان عمره آنذاك (18) سنة، وفي الجيش من يكبره سناً كأبي بكر وعمر وأبي عبيدة رضي الله عنهم أجمعين، لأن القيادة قدرة ومهارة وتأثير، وليست منصباً فخرياً يُعطى للأكبر سناً.

* مظاهر أزمة القيادة

أزمة القيادة حالها حال باقي المشكلات والأمراض التي تعاني منها الأمة، لها أسباب وأعراض وعلاج، وفيما يلي بعض مظاهر أزمة القيادة، والتي نستدل بها على وجود المشكلة أو عدم وجودها:

1) الحرية: كم تبلغ درجة الحرية الممنوحة للأفراد؟ سواء في الدولة أو الوزارة أو الجماعة أو الأسرة، فإذا كان هناك مركزية، وأننا يجب أن نرجع دائماً إلى الشخص الأول (المدير...)، ولا يمكن لأحد أن يتحرك دون إذنه، فهذه مؤشرات على وجود أزمة قيادة، لأن من صفات القائد الفعال أنه يعطي غيره بعض الصلاحيات التي من شأنها أن تؤثر إيجابياً على سير العمل، من حيث الوقت أو الجهد أو التكلفة، وهذا ما يسمى بالتفويض، أما القائد غير الفعال (المدير) فهو من يفتخر أنه يملك زمام الأمور، وأنه المرجع الوحيد للموظفين، وأنه الآمر الناهي في الشركة أو المؤسسة أو حتى الوزارة.

2) الإبداع: والإبداع ببساطة هو الإتيان بجديد، وحتى يكون إبداعاً لا بد أن يكون أمرا ملموساً يشعر به الناس ويؤثر فيهم وعليهم، وبقدر ما تكون هناك مشاريع جديدة، وأطروحات جديدة، وإنجازات جديدة يكون هناك إبداع وتجديد، لأن الإبداع والإتيان بجديد من وظائف القائد، ومهام القيادة، أما المدير فوظيفته تحسين الواقع وتطويره.

3) عدم الفردية: ومن أبرز مظاهر الفردية ظاهرة التعلق بالأشخاص، فكم من جماعة ومنظمة وشركة لا يتحرك فيها الأفراد إلا بوجود شخص بعينه، فإذا وجد هذا الشخص (القائد الفذّ) تحرك الفريق، وإذا غاب توقف العمل وتباطأ الإنتاج، فمن مظاهر أزمة القيادة تعلق الأفراد بشخص واحد، وغياب العمل بروح الفريق الواحد، وغياب العمل الجماعي، وغياب المؤسسية، وهذا كله من نتائج المركزية.

4) الكفاءة: ونعني بالكفاءة: مدى جودة الإنتاج، والتحسين المستمر للعمل، وتقليل الجهد والتكلفة والوقت في عملية الإنتاج، وتعتبر الكفاءة من أبرز العلامات التي تدل على وجود أزمة في القيادة، فكلما كانت الكفاءة منخفضة كانت هناك أزمة عميقة في القيادة.

5) الأخلاق: غياب الأخلاق دليل على وجود أزمة قيادة، لأن القيادة ليست مالاً أو شهرة أو مظاهر، كما هي ليست كاريزما وجاذبية شخصية، بل القيادة أخلاق، قبل أن تكون مهارات أو خطب رنانة، فبقدر ما توجد الأخلاق وتنتشر، وبقدر ما تكون مرتبطة بالقرارات نبتعد عن أزمة القيادة وفشل الإدارة.

* مبادئ ومفاهيم قيادية

قوانين القيادة:

بعض العلماء مثل "بلانك" يرى أن قوانين القيادة أهم من صفات القائد، فإذا فهمت جيداً قوانين القيادة، وطبقتها بمنهجية، فأنت قائد فعّال، بغض النظر عن الصفات التي تمتلكها، فالمهم هو القوانين، وليس أي شيء آخر.

وقد تناولت بالشرح شيئاً من ذلك في ثلاثة كتب:

- الكتاب الأول: القيادة في القرن الحادي والعشرين، بالاشتراك مع الدكتور "أكرم العدلوني".

- الكتاب الثاني: صناعة القائد، بالاشتراك مع الابن البار " فيصل باشراحيل".

- الكتاب الثالث: القيادة المتميزة، بالاشتراك مع الأستاذ "غياث الهواري".

صفات القائد:

هناك صفات أساسية يجب أن تتوفر في الشخص، حتى يُدعى بين الناس قائداً، ولا ننكر أن العلماء اختلفوا في تحديد بعض الصفات، لكنهم اتفقوا على غالبيتها، والتي منها:

- المصداقية والأمانة، لأن القيادة أخلاق قبل كل شيء.

- صاحب رؤية مستقبلية واضحة.

- القدرة على التحفيز والإلهام.

- الكفاءة والقدرة على تحريك الناس بطريقة فعالة.

- الذكاء، فلقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الناس تحب أن تتبع القائد الذكي.

المواهب القيادية (Leadership talents)

القيادة مثلها مثل باقي الفنون والعلوم، فكما أن هناك مواهب للفن، ومواهب للرياضة، كذلك هناك مواهب للقيادة، وقد تحدثت عن هذه المواهب في كتاب "الموهبة القيادية" بالاشتراك مع الأستاذ "غياث الهواري"، وهو عبارة عن مقياس يقيس (32) موهبة مختلفة، وبناء على نتائج المقياس، قمنا بتحديد (8) مجالات قيادية تناسب كل شخص، يمكنه أن يختار من بينها المجال الذي يناسبه، فبعض الناس يناسبه التنفيذ أكثر من العلاقات، وآخر يناسب التأثير أكثر من التنفيذ، وثالث يناسبه التفكير أكثر من التخطيط، وكل ذلك يتحدد بناء على المواهب التي يمتلكها الفرد.

أنواع القادة

لسنا بصدد تفصيل هذه الأنواع، وبيان سلبيات وإيجابيات كل نوع، لكن هناك بشكل عام قائد إداري، وهناك قائد يصلح للعمل التطوعي، وهناك قيادة عامة "الدولة" وقيادة متخصصة كقائد الجيش، ومن الأمثلة التاريخية على ذلك شخصيتا عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما، فعمر كان نموذجاً للقيادة العامة، المتمثلة في الخلافة ورئاسة الدولة، أما خالد فهو نموذج للقيادة المتخصصة، وهي قيادة الجيوش والمعارك.


: الأوسمة



التالي
حول الآخرة والإيمان بها
السابق
س : ما حظ الفقه السياسي في المراكز العلمية للعلماء وإنتاجاتها وخطابها؟

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع