البحث

التفاصيل

رب ابن لي عندك بيتا

الرابط المختصر :

رب ابن لي عندك بيتا                                                                                                                                      

أ د ليلى محمد بلخير (عضو الاتحاد)

 

تنشد امرأة فرعون من الله بيتا في الجنة، وفي ذلك إشارة إلى نوع من الافتقار كانت تحس به وهي داخل القصر، حيث الفخامة والخدم والحشم وكل المباهج، طلبت حاجة خاصة بها، تمنحها السكينة والراحة النفسية والسعادة التي لم تذقها في قصر فرعون، فكانت مثالا غير مكرر في التحدي والقوة في صنع القرار والفعالية في التغيير قال الله تعالى {ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} التحريم 11.

تؤسس لفظة (عندك) لظلال وجدانية روحية تشير للتجاور والتقارب والأنس ، وهي مشاعر جديدة تولدت مع الإيمان بقوة الله المناهضة لغطرسة فرعون وطغيانه، وامرأة فرعون أثبتت استقلال شخصيتها في موقف إرادي خاص، فكانت سيدة الموقف  بحسن تحكمها في سير الحدث، لصالح ما تؤمن به ولو خالفت في ذلك أعتا الجبابرة، وهي ألصق الناس به وأعلمهم بملفه الأسود في البطش وسفك الدماء، وبهذا الموقف البطل كانت جديرة بالتنويه الطيب والإشادة العطرة، لمبادرتها الحرة المستقلة للانفصال عن الباطل ،والاتصال بالحق

 فكانت بحق المثل الباهر للمؤمنة الموقنة المترفعة عن مغريات الدنيا ومظاهر الترف ، لم تنتظر، ولم تتردد بل وقفت روحها ووجدانها من أجل احتضان الوليد الصغير البريء وحمايته ، ليكون من شأنه الظهور على جبروت فرعون وسطوته، كيف تغفل أو تتراجع وقد ذاقت حلاوة الإيمان؟ وعرفت الطريق، فطالبت بما عند الله من حسن جوار وآمان وسعادة فكانت نموذجا فذا للمرأة الفاضلة القوية ، فكم شريفة من النساء ضعيفة الإرادة  سلبية مستلبة ،رهينة عادات اجتماعية بالية وذهنيات راكدة، وكم من وضيعة فاقت صيحاتها عنان السماء قوة وبأسا شديدا، الأولى مؤمنة لا تتقن فن الدفاع عن وجودها ورسالتها، والثانية لا دين لها لكنها تصنع النصر لحياتها بتفعيل دورها وتطبيق مشروعها ، الأولى على حق، لا تبذل أي شئ لإعلاء الحق، والثانية من أجل الباطل تبذل سواد ليلها على بياض يومها. ومن هنا نفهم خصوصية عرض النموذج القرآني لامرأة نادرة، تدير ظهرها لمباهج الدنيا وتسير في طريقها إلى الله بكل ثقة ويقين لأن ما عند الله خير وأبقى....  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*هذا المقال ضمن سلسلة مقالات حول " القرآن والحياة".

                                                                                                                                                 


: الأوسمة



التالي
متعلقات الحياة الزوجية
السابق
اعتدلْ أو اعْتزل!

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع