البحث

التفاصيل

الأسباب التي اتخذها داود (عليه السلام) للتمكين لدين الله:

الأسباب التي اتخذها داود (عليه السلام) للتمكين لدين الله:

د. علي محمد الصلابي

الحلقة: السادسة

قال تعالى: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ *﴾ [البقرة 251] بين القرآن الكريم أنّ داود عليه السلام كان مجاهداً في جيش طالوت، وممّن نجحوا في الامتحان العسير الذي قرر رئيس الجيش طالوت أن يخوضه هو وجميعُ جنوده، فسقط مَنْ سقط، ونجح من نجح، فقد رفع داود عليه السلام رايةَ النصر، وشرع في إعادة التمكين لبني إسرائيل بعد قتله لجالوت، وكان إذ ذاك فتًى، وتمَّ له الظفر، فالتقت على محبته القلوب، وتأكدت له أوامر الإخلاص، وأصبح بين عشية وضحاها حديثَ بني إسرائيل، يكنّون له في نفوسهم الاحترام والمحبة، والتوقير.

ومنذ ذلك الحين بدأ نجمُه يصعد في السماء، ويتنقل من ظفر إلى ظفر، ويجيئه النصر يتبعه النصر، حتى وليَ الملكَ أخيراً، وأصبح ذا سلطانٍ، وظهرت ملامحُ الحكم في زمنه في عدله وحكمه، وكان أوّاباً رجَّاعاً إلى ربه بالطاعة والعبادة، والذكر والاستغفار.
لقد كان منهجُ التغيير في زمن داود عليه السلام هو الصراعُ المسلّح بين قوى الخير والشر والإيمان والكفر، والهدى والضلال، وبالفعل تم دمغُ الباطل وإضعافُه، ووصل بنو إسرائيل إلى قمة مجدهم وعزهم، 
قال تعالى: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ *إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ *وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ *وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ *﴾[ص: 17 ـ 20].
أ ـ أخلاقه القيادية:
إنّ المتأملَ في القرآن الكريم في قصة داود عليه السلام يتعرّفُ على صفات الحاكم المؤمن الذي مكن الله له، وهي تحقق للقائد المسلم كمالَ السعادةِ في الدنيا والاخرة، ومن أهم هذه الصفات:
• الصبر: فقد أمر الله تعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على جلالة قدره بأن يقتديَ به في الصبر على طاعة الله.
• العبودية: وقد وصفه ربُّه بقوله: وعبّر عن نفسه بصيغة الجمع ﴿عَبْدَنَا﴾، والوصف بالعبودية لله غاية التشريف، كوصف محمد صلى الله عليه وسلم بها ليلة الإسراء والمعراج ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾[الإسراء: 1].
وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا ذُكِرَ داود عليه السلام تحدّث عنه، وبيَّن فضله واجتهاده في العبادة: «إنَّ أحبَّ الصيامِ إلى اللهِ صيامُ داودَ، وأحبَّ الصلاة إلى الله صلاةُ داود عليه السلام: كان ينامُ نصفَ الليل، ويقومُ ثلثَه، وينامُ سدسَه، وكان يصومَ يوماً، ويفطِرُ يوماً».
• القوة على أداء الطاعة: والاحتراز عن المعاصي في قوله تعالى: ﴿ذَا الأَيْدِ﴾
• الرجوع إلى الله بالطاعة في أموره كلها: في قوله تعالى: وصف بالقوة على طاعة ﴿إِنَّهُ أَوَّابٌ *﴾، وبأنه أواب دليل على كمال معرفته بالله التي جعلته يجتهدُ في العبادة على نهجٍ ربانيٍّ صحيح.
• تسبيح الجبال والطيور معه:
﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ *وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ *﴾[ص: 18 ـ 19] أي إنّـه تـعالى سخر الجبال تسبّحُ مع داود عندَ إشراق الشمس واخر النهار، كما قال: ﴿يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾[سبأ: 10]، قال ابن كثير: وكذلك الطير تسبّح بتسبيحه، وترجّع بترجيعه، إذا مرَّ به الطير، وهو سابحٌ في الهواء، فسمعه، وهو يترنم بقراءة الزبور، لا يستطيع الذهاب، بل يقف في الهواء ويسبّحُ معه، وتجيبه الجبال الشامخات، وترجّع معه، وتسبّح تبعاً له.
• قوة الملك: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾ [ص: 20] أي: قوّينا ملكه بالجند أو الحرس، وجعلنا له ملكاً كاملاً في جميع ما يحتاج إليه الملوك.
• الحكمة: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ﴾[ص: 20] أي: أعطيناه الفهم والعقل والفطنة، والعلم، والعدل، وإتقان العمل، والحكم بالصواب.
• حسن الفصل في الخصومات: ﴿وَفَصْلَ الْخِطَابِ *﴾[ص: 20] أي وألهمناه حُسْنَ الفصل في القضاء، بإحقاق الحق وإبطال الباطل، وإيجاز البيان، بجعل المعنى الكثير في اللفظ القليل.
إنّ داود عليه السلام شدَّ ملكَه بالتسبيح والذكر والطاعة، فكان عليه السلام يسبّحُ بالعشي والإشراق، وتجاوبت الجبالُ مع ذكره العذب الجميل، وكذلك تجاوبتِ الطيورُ، قال تعالى: 
﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ *﴾ [ص: 18] فوهبه الله هبة عظمى ذكرها في كتابه عز وجل: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ *﴾[ص: 20] الذي جعلنا له ملكاً كاملاً من جميع الملوك العظماء، بحيث لا يتمكّنُ منه أعداؤه لكثرة جيوشه، وكثافة حرّاسه الذين قيل: إنّهم كانوا ألوفاً كثيرة يتناوبون في حراسته، ولم ينكسر له جيش في معركة أبداً بعون الله ونصره.
ب ـ استخلاف الله تعالى لداود عليه السلام:
قال تعالى: ﴿يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ *﴾ [ص: 26] خاطب الله تعالى داود عليه السلام بأنْ جعله حاكماً بين الناس في الأرض، فله الحكم والسلطة، وعليهم السمع والطاعة، ثم بين الله تعالى له قواعدَ الحكم تعليماً لغيره من الناس ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ فاقضِ بين الناس بالعدل، الذي قامت به السماوات والأرض، وهذه أُولى وأهمّ قواعد الحكم أي: ﴿وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى﴾ تَمِلْ في الحكم مع أهواء نفسك، وبسبب مطامع الدنيا، فإنّ اتّباعَ الهوى مزلقةٌ ومدعاةٌ إلى النار، لذا قال: أي: إنّ اتباع الهوى سببٌ في الوقوع في ﴿فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾، والانحراف عن جادة الحق، وعاقبته الخذلان، قال تعالى: أي: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ *﴾ الذين يتنكّبون طريقَ الحق والعدل لهم عقابٌ شديدٌ يوم القيامة، والحساب الأخروي بسبب نسيانهم أهوال ذلك اليوم، وما فيه من حساب شديد دقيق لكل إنسان، وبسبب تركهم العمل لذلك اليوم، ومنه القضاء بالعدل.
ج ـ هبـةٌ من الله مباركةٌ وفتحٌ وإلهامُ:
إنَّ داود عليه السلام كان له كثيرٌ من الأبناء والأولاد إلا أنَّ الله خَصّه بالابن الصالح النبي الملك سليمان عليه السلام، وأثنى الله عليه في كتابه بكونه أوّاب إلى الله عز وجل، كثير الطاعة والعبادة والإنابة إلى الله عز وجل في أكثر الأوقات، ومن مزيـدِ فضل الله على عبـده داود أنْ وهبه سليمان، الذي ورثَ عن أبيه المُلْكَ والنبوّة، قال تعالى: 
﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ *﴾ ]ص ،30] .
لقد أكرم الله تعالى سليمان عليه السلام بالملك والنبوة، وأعطاه الفهمَ الثّاقب، والرأي السديد، ورجاحة العقل، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ *فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ *﴾ ﴿وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾[الأنبياء: 78 ـ 79].
د ـ ابتكارٌ في صناعة الأسلحة:
قال تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ *﴾[الأنبياء: 80]، كان داود عليه السلام أوّلُ من اتخذ الدروع وصنعها، وتعلّمها الناسُ منه، وإنّما كانت صفائح، فهو أول مَنْ سردها وحلّقها، فأصبحت النعمةُ عليه نعمةً على جميع المحاربين على الدوام أبد الدهر، فلزمهم شكر الله تعالى على النعمة، وذلك يقتضي الشكر، لذا قال تعالى: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ﴾ ﴿شَاكِرُونَ *﴾[الأنبياء: 80] أي: على تيسير نعمة الدروع لكم، وأن تطيعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر الله به، والمراد: اشكروا الله على ما يسّر عليكم من هذه النعمة، وهذا دليل على جواز اتخاذ الصنائع والأسباب، فالسببُ سنةُ الله في خلقهِ، وهي شهادةٌ للعمال وأهلِ الحرف والصَّنائع بأنَّ العمل شرفٌ، واتّخاذ الحرفة كرامةٌ، وهذه الآية فيها إشارة لحثّ أهل الإيمان على العمل والإبداع، والأخذ بأسباب النصر على الأعداء ومحاربة الفساد بإعدادِ الجيوش مقودة بقيم الإيمان وتعاليم الرحمن، وشريعة الديان، قال تعالى: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ *﴾[سبأ: 10 ـ 11].
وكانت هذه هبةُ الله فوقَ الملك والسلطان مع النبوة والاستخلاص، إنّ الله تعالى أنعم على عبده داود بتسييل الحديدِ له، أو تعليمه كيف يسيل الحديد الذي هو مادّةُ الإعمار والبناء والتصنيع، ولا شكَّ في خطورة مادة الحديد في صناعة الحضارات، وبناء الدول، وفي حَسْمِ انتصارات الجيوش.
وفي سورة الحديد نقرأُ هذه الآية: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ ﴿وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ *﴾[الحديد: 25].
هل ثَمّةَ أَكثر دِلالةً على ارتباط المسلم بالأرض من التحضير والإبداع والبناء التي جاء الإسلام لكي يجعلها جزءاً أساسياً من أخلاقيات الإيمان وسلوكياته في قلب العالم من هذه الآية التي تعرض خام الحديد كنعمةٍ كبيرةٍ أنزلها الله لعباده، وتعرض معها المسألة في طرفيها اللذين يتمخّضان دوماً عن الحديد (البأس الشديد) متمثلاً باستخدام الحديد كأساسٍ للتسلح والإعداد العسكري و(المنافع) التي يمكن أن يحظى بها الإنسانُ من هذه المادة الخام في كافة مجالات نشاطه وبنائه السلمي؟ وهل ثَمَّةَ حاجةٍ للتأكيد على الأهمية المتزايدة للحديد بمرور الزمن في مسائل السلم والحرب، وأنه غدا في عصرنا الراهن هذا وسيلةً من أهم الوسائل في ميادين القوى الدولية سلماً وحرباً؟!
إنَّ الدولةَ المعاصرةَ التي تمتلك خام الحديد تستطيعُ أن تُرْهِبَ أعداءها بما يتيحه لها هذا الخام من مقدرة على التسلُّح الثقيل... وتستطيع أيضاً أن تخطوَ خطواتٍ واسعةٍ لكي تقفَ في مصافّ الدول الصناعية العظمى التي يشكّل الحديدُ العمودَ الفِقْري لصناعاتها وغناها.
إنّ الله سبحانه وتعالى منحَ الحديد لداود عليه السلام، وعلّمه كيف يُليّنه، لأنّ الفائدةُ تتحقّق بوجود الحديد الخام، والقدرة على تشكيله، ولا شكَّ أنَّ ذلك ساعدَ على بناء حضارة عظيمة جمعت بين المنهج الرباني والتطور العمراني والصناعي... إلخ.
وإذا تأملنا في آية الحديد [25] نجدُ تداخلاً عميقاً وارتباطاً صميماً بين آية الحديد، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب معهم، وإقامة الموازين الدقيقة لنشر العدل بين الناس، وبين إنزال الحديد الذي يحمل في طياته (البأس)، ثم التأكيد على أنَّ هذا كلّه إنما يجيءُ لكي يعلم الله مَن ﴿يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ *﴾[الحديد: 25].
إنَّ المسلم الرباني لن تحميه بعد قدرة الله إلا يده المؤمنة التي تعرفُ كيف تبحث عن الحديد وتشكله وتستخدمه من أجل حماية الإسلام والتقدم به وتحقيق النصر للمؤمنين وإقامة شرع الله في مناحي الحياة.
إن قول الله تعالى: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ *﴾[سبأ: 10] فيه إشارةٌ إلى أهمية هذا المعدن الخام وتوظيفه لخدمة الإنسانية في طاعة الله.
المصادر والمراجع:
- علي محمد الصلابي، سنة الله في الأخذ بالأسباب، 2017، دار الروضة للطباعة والنشر والتوزيع، استنبول، ص(31:26)
- عماد الدين خليل، التفسير الإسلامي للتاريخ ، ص (221 ـ 222).


: الأوسمة



التالي
الاتحاد ينعي الشيخ الداعية يوسف جاسم الحجي عضو الاتحاد المؤسس ووزير الأوقاف الكويتي سابقا
السابق
تجليات

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع