الحديث الثاني: إتقان العمل سبيل نيل محبة الله وخلقه
بقلم: د. عبدالله السادة
عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ قالت : قال رسول الله r: ((إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ.)) ([1])
إن " العاقل من يؤدي واجبه، و يتقن عمله، و يحسن صنعته، حتى يكسب الناس ثقته ، فمن أخلص في عمله نجح، و أحبه الله والناس، فما يكاد الناس يرون صنعة متقنة حتى يقبلون عليها، و يثقون فيها، فمن غش في عمله ظلم نفسه، وأهدر ثقته، وكسدت بضاعته، و تجنب الناس التعامل معه، ومن أخلص في عمله و وظيفته أدى أمانته، و ارتفعت مكانته، وأقبلت عليه الدنيا، و أمن من العذاب والإهانة، وساعده زمانه، و ظفر بحب المجتمع و احترامه .
لقد كان رسول الله r إذا عمل عملاً أثبته([2])
قال الإمام الصنعاني ـــ رحمه الله ــ : " (كان إذا عمل عملاً) دينيًا أو دنيويًا (أثبته) أتقنه وأحكم عمله، فإن الله يحب من العبد إذا عمل عملاً أن يتقنه." ([3])
فإتقان العمل يدل على كمال العامل.
ولله در أحمد شوقي حيث يقول :
أَيُّهـا العُمّـالُ أَفنـوا ال * * * عُمـرَ كَـدّاً وَاِكتِسابـا
وَاِعمُروا الأَرضَ فَلَـولا * * سَعيُكُـم أَمسَـت يَبابـا
إِنَّ لـي نُصحـاً إِلَيكُـم * * * إِن أَذِنـتُـم وَعِـتـابـا
في زَمـانٍ غَبِـيَ النـا * * * صِـحُ فيـهِ أَو تَغابـى
أَينَ أَنتُـم مِـن جُـدودٍ * * * خَلَّـدوا هَـذا التُـرابـا
قَلَّـدوهُ الأَثَـرَ الـمُـع * * * جِـزَ وَالفَـنَّ العُجـابـا
وَكَسَـوهُ أَبَــدَ الــدَه * * * رِ مِـنَ الفَخـرِ ثِيـابـا
أَتقَنـوا الصَنعَـةَ حَتّـى * * أَخَذوا الخُلـدَ اِغتِصابـا
إِنَّ لِلمُتـقِـنِ عِـنــدَ * * * اللَـهِ وَالنـاسِ ثَـوابـا
أَتقِنـوا يُحبِبكُـمُ الــلَ * * * هُ وَيَرفَعـكُـم جَنـابـا[4]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- من كتاب الأربعون الإدارية(40 حديثا للموظفين)، جمعها وشرحها: فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن إبراهيم السادة – عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس لجنة الدعوة والتعليم فرع قطر.
([1]) رواه البيهقي في " شعب الإيمان " و غيره ، و هو حديث حسن كما في السلسلة الصحيحة برقم (1113)
([2] ) رواه مسلم .
([3]) التنوير شرح الجامع الصغير (8/425)
[4] انظر كتاب : صيد الأفكار في الأدب و الأخلاق و الحكم و الأمثال (1/191) مع بعض الزيادة.