البحث

التفاصيل

"لا للدستور" بعيدا عن الحزبية وتمسكا بالقيم الإنسانية الوطنية

الرابط المختصر :

"لا للدستور" بعيدا عن الحزبية وتمسكا بالقيم الإنسانية الوطنية

بقلم: الأستاذة عائشة دحمان بلحجار (عضو الاتحاد)

 

إن المتتبع للحركات النسوية المتطرفة وكذا المنظومة الأممية التي تسعى من عشرات السنين إلى هدم منظومة القيم الأسرية والمجتمعية،

فابتداء من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يدعوا إلى المساواة المطلقة وبغير مراعاة للفوارق الفطرية الإنسانية وصولا إلى كل المواثيق والوثائق الدولية وعلى رأسها اتفاقية سيداو، التي تدفع خطوة خطوة إلى تحريف العلاقات الاجتماعية بين المرأة والرجل وتقنن وتحمي العلاقات الشاذة وتهدم كل ما من شأنه علاقة اسرية مبنية على الفطرة والشرائع السماوية، والقيم الإنسانية.

ما اريد التأكيد عليه هو اننا لسنا ضد قيم المساواة الإنسانية بين المرأة والرجل بل اننا على نهج ديننا الحنيف، نسعى لتحقيق كرامة الإنسان ذكر أو أنثى وتكريم عظيم للمرأة بما يتناسب مع طبيعتها التي خلقها الله عز وجل عليها، فكانت ولازالت لها المكانة الرفيعة ومساواتها الطبيعية مع الرجل، مع الاحتفاظ لكل منها بطبيعته ومكانته في المجتمع، " طبعا بعيدا عن الانحرافات الدخيلة على مجتمعاتنا التي تهين وتنقص من قيمة المرأة".

بل اننا في كثير من المواطن نجد أن الإسلام أعطى للمرأة أفضلية وحقوق لم يحظى بها الرجل.

فالإسلام وضع الرجل في مواقع مسؤولية وخدمة للأسرة أكثر مما فرضه على المرأة. مثل فرض القوامة على الرجل دون المرأة طبعا بالمفهوم السليم للقوامة التي هي خدمة للمرأة وحق لها، أكثر مما يظن البعض، فهي مسؤولية وواجب خدمي يقع على عاتق الرجل،

كما اننا نؤمن بأن الله عز وجل لم يضيق على حقوق وواجبات المرأة ولم يحد من سعة معاملاتها ولا تعاملاتها، فكانت لها الذمة المالية وحق ابرام العقود والتعامل المالي التي حرمت منه غيرها من النساء إلى وقت قريب حتى في أوربا المعاصرة، وأعطى الإسلام للمرأة حق المشاركة بل اوجبها عليه في كثير من الحالات في الحياة العامة بمختلف مجالاتها السياسية والاقتصادية وغيرها

هذه المقدمة حتى لا يقال عنا أننا ضد المرأة، أو ضد حقوقها او ندعو إلى عدم المساواة الإنسانية القائمة على العدل والانصاف، لكن لا نُقر المماثلة بل نرفضها ونحاربها، ونؤمن بالمساواة التي تقر لكل من المرأة والرجل دوره الخاص به، مع اننا نؤمن ان هناك أدوار مشتركة لا تمس بالفطرة والفروق الإنسانية،

إن الإسلام أقر المساواة الإنسانية وليس التماثلية بنص قطعي لا يقبل التأويل في مستهل سورة النساء

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"

المعلوم والمعروف أن مقاربة الجندر التي تتبناها المواثيق الدولية تدعوا إلى تماثل المرأة والرجل متجاوزة المساواة المناصفة والعادلة كما أنها تقوم على مقاربة الجندر التي تُعد أخطر مقاربة تهدم كل القيم الإنسانية وتدعوا إلى مساواة تتجاوز حتى حدود الحيوانات.

إن مقاربة الجندر التي لا نقبل ترجمتها للعربية "النوع" فانها مصطلح عميق له أهدافه ومخاطره، فكل المواثيق الدولية التي تبناها الدستور الجزائري قائمة على اصل هذا المصطلح " الجندر" الذي يلغى كل الفوارق الجنسية الإنسانية، والفطرية بين الذكر والأنثى وتقوم على قاعدة سيمون دي بافوار. التي تقول " لا يولد الإنسان امرأة وإنما يصبح كذلك" إشارة إلى، أن المجتمعات هي التي تصنع الذكر والأنثى وتجعل المرأة امرأة والرجل رجل وليس الله الخالق، ونتيجة هذه المقاربة والنظرية أنه لا يوجد جنسين وبالتالي يمكن زواج رجل برجل وامرأة بامرأة.

الخطر ان منظومة الأمم المتحدة بمواثيقها الدولية كلها تعمل على هذه الخلفية الفلسفة التي تروج لمفهوم الجندر والشذود، وتعمل على ادماجه في كافة مجالات الحياة والتنمية على اساس تجريد جنسَي الذكورة والأنوثة من كافة الفوارق البيولوجية والفطرية التي تؤدي طبعا إلى تمايز الأدوار والتي يرفضونها جملة وتفصيلا

طبعا من بين مخططاتهم وعملهم ادماج هذه الفلسفة وموادها عبر المواثيق الدولية في كل مجالات الحياة، وكذلك في هداف التنمية المستدامة التي قد نخصص لها دراسة خاصة بها، وبما ان هذه المواثيق لاقت مقاومة في المجتمعات دوليا ومجتمعاتنا الإسلامية خاصة التي تعتبر ان هذه المقاربة الفاسدة والتي تقوم اساسا على النزعة الفردية وتتعارض مع قيمنا الملزمة بروابط الأسرة وبعد دراسات معمقة وجدوا أن زيادة على المقاومة المجتمعية هناك الدساتير المحلية التي تحول دونها فعملت على ادراج مواد متوهة وعامة لكي تتمكن من فرض المواد القانونية التي تخدم الفلسفة الجندرية، فأخرجت مصطلحات عامة اذا ما تبنتها اي دولة لم يعد لديها مبرر بعدم الالتزام بالمواثيق الدولية حتى لو تحفظت على بعض موادها.

فالجزائر في عهد بوتفليقة رفعت كل التحفظات على هذه المواثيق من بينها اتفاقية السيداو بل أصبحت لها عضوية في الإشراف على تطبيقها، لكن الدستور الجزائري لم يكن يتبنى بعض المصطلحات ولم يسمح بتمريرها ولكن الآن في الدستور الحالي ثبتها، فلم تعد لنا الحماية التي كنا نتمتع بها سابقا،

علما انهم في مسودة الدستور السابق حاولوا فرض مصطلح المناصفة بعمومها ولكن بعد مقاومة من الطبقة السياسية وبعض من المجتمع المدني، حُددت بالمناصفة السياسية،

والآن في هذا الدستور فتح المجال واسعا أمام هيئات الأمم المتحدة لتفرض اجندتها على الدولة الجزائرية، هذه الأجندة يا أنصار نعم لدستور تقنن للأشكال المختلفة للأسرة منها الأسرة المثلية وتقنن للتماثلية والشذود الجنسي،

هذه هي المواثيق الدولية التي جعلها الدستور في ديباجته مرجعا تتمسك به الدولة شعبا وحكومتا ، هذه المواثيق القائمة على وثائق بيكين وسيداو ومواثيق ومؤتمرات أخرى خطيرة،

وتأتي كوارث الدستور ومنها المادة 37 التي فيها السم المندس، ففي بداية المادة لا خطر يذكر لكن تنتهي المادة باخطر عبارة تسعى المفوضية السامية للأمم المتحدة ان تزرعها في المواد القانونية لدولنا وهي التي سعت لسنوات ان تدفع دولنا ان تتبناها بهذه العبارات نفسها " ولا يمكن أن بتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد او العرق او الجنس أو الرأي" ثم يقوى السم بهذه العبارة بالذات " أو أي شرط أو ظرف آخر شخصي او اجتماعي"

فما معنى اي شرط او ظرف، فكما علمنا من خلال الوثائق والمؤتمرات التي أقيمت والتي قاومناها ان هذه العبارة أخطر مادة تقنن التماثلية ولإلغاء النصوص الشريعة الإسلامية لا سيما منها الميراث وحقوق وواجبات الزوجين، وتحقيق تقنين حق زواج المسلمة بغير المسلم وزواج الشواذ.

هذه المواثيق الداعية إلى التفسخ الأخلاقي,

ومن خلال هذه المادة ومثيلاتها في المواد الأخرى فانه قد فتح الباب واسعا أمام هيئات الأمم المتحدة لتسائل الدولة الجزائرية عن تطبيق المواثيق وإلغاء كل مواد الشريعة وخاصة فيما يخص الأسرة والعلاقات الاجتماعية، فتفرض على الدولة بحكم قوة المواثيق الدولية التي جعلها الدستور مرجع وهذه المواد المدسترة وخاصة لما رفع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة كل التحفظات، اقول فتح الباب واسعا لتدخل المنظمات الأممية في الشأن الجزائري وسنرى قريبا مسائلات عن قانون الأسرة، وتبدأ أجندة الأمم المتحدة تتحكم فينا بكل قوة.

وإذا انتقلنا إلى المادة 40 على سبيل المثال لا الحصر، فإن كل معركة المنظمات الشاذة والمتطرفة والاجندات الفاسدة تعمل على غرسها في مجمتمعاتنا من خلال هذه الجمل والمصطلحات واتعجب من كتابتها حرفيا في دستور الجزائر وهي عبارة "من كل أشكال العنف" فهل تعلمون ما هي أشكال العنف بهذه العبارة الفضفاضة التي تنص عليها المواثيق الدولية وكتبت هكذا في الدستور الجزائري، هل تعلمون ان العنف المقصود عندهم هو أن أنوثة المرأة عنف. الامومة عنف، منع الزواج بغير المسلم عنف، أحكام الميراث عنف، فرض

الزواج الفطري عنف، منع زواج الشواذ عنف، وغيره من انواع العنف التي تتبناها المواثيق الدولية،

وهل تعلمون لماذا لا يقال حماية المواطن من العنف ولماذا تخصيص المرأة،

لأنها الأجندة الأجنبية الأممية، التي تفرض هذه المواد حرفيا،

وإذا انتقلنا بعد هذه المواد وما شابهها فإننا نصل إلى المادة 81 التي تنص على احترام الحياة الخاصة دون. اي تحديد وخاصة انه سبقتها مواد أخرى تؤكد على تفسخ القيم وهذه أيضا مادة سعت المنظمات الفيمينيزم على أن تكون في القوانين المحلية لأنها تحمي بها الشواذ وكل أشكال الانحراف الأخلاقي.

فكل ما سبق ذكره هو خطر فتحته علينا هذه المواد فهل من حماية الآن من الهجمة الأممية التي فتح لها الباب َولم يبقى أمامنا سوى نضال مستمر َمستميت لنحمي ما تبقى من قلاعنا وهي الأسرة.

 

 


: الأوسمة



التالي
مؤسسات علمائية ينظمون حملة لدعم متضرّري "زلزال ازمير"
السابق
التطبيع؛ خيانة دين وأمة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع