البحث

التفاصيل

سعيد حارب: مفهوم المواطنة ملتبس لدى الخليجيين

 

رأى المفكر الامارتي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور سعيد حارب، ان مجتمعات الخليج تعاني من "بعض" الالتباس في مفهوم المواطنة، وان مظاهر ذلك جلية في دول الخليج التي تتمتع بهامش من حرية الرأي.

وارجع المفكر الإماراتي هذا الالتباس إلى حداثة مفهوم المواطنة على المنطقة، فهي لم تتجاوز في بعض الأحيان مفهوم التابعية أو الرعاية، كما ان الوعي بالمفهوم مازال حديثا كذلك.

وقال سعيد حارب: يخلط كثير من الناس بين المواطنة والجنسية، مثلما يخلطون بين الهوية "بالفتح" والهوية "بالضم" فالأولى تعني البطاقة التي يتم التعريف بها على جنسية الإنسان. أما الثانية ففيها ما يحمله الإنسان من فكر وثقافة ومفاهيم وقيم تبرز بصور مختلفة، أو كما عبر عنها الفيلسوف المتصوف ابن عربي بأنها "مكنون النفس". وتابع قائلا "ومثلما يقع الخلط كذلك بين الوطنية والمواطنة، فالوطنية هي شعور الإنسان بانتمائه لوطن ما، وحبه وتعلقه بهذا الوطن والحنين إليه. أما المواطنة فهي عقد غير مكتوب بين مجموعة من الناس على الالتزام بحقوق وواجبات يتفقون عليها، ولذا فإن الحرمان من المواطنة لا يعني الحرمان من الوطنية، فقد تُسلب حقوق المواطن أو قد يُمنع من ممارسة حقوقه الطبيعية، لكن أحدا لن يستطيع أن يسلبه شعوره الوطني، بل ربما أدى هذا الشعور بصاحبه إلى الموت في سبيل وطنه، مثلما حدث مع القادة والمناضلين الوطنيين عبر التاريخ".

وخلص المفكر الإماراتي مجددا إلى ان مفهوم المواطنة في منطقتنا مازالت تشوبه بعض الشوائب مما يتطلب تجليته وإبرازه، وبخاصة في مجال حقوق المواطنة وواجباتها. أما المسألة الأخرى فإن مجتمعاتنا الخليجية تواجه مشكلة في التعددية الإثنية، سواء كانت عرقية أم قبلية أو مذهبية أم اجتماعية أم حضرية.. والحديث عنها ودراستها لا يعني الإقرار بها. فالتقسيمات الطائفية بين سنة وشيعة وإباضية، موجودة في مجتمعاتنا. وهناك احتقان طائفي ترتفع وتيرته بين فترة وأخرى، ومن مجتمع خليجي لآخر، وفقا لطبيعة هذا الاحتقان، ووفقا لمقدار الشفافية في الحديث عنه ومعالجته.

ولفت سعيد حارب الى مشكلة اخرى تعاني منها مجتمعات الخليج وهي ما يمكن تسميته بـ«التمييز» القبلي، بحيث يتم الحصول على الامتيازات وفقا للانتماء القبلي، بل إن القبيلة حاضرة في حياتنا السياسية. ولعل صورة حضورها في الانتخابات الكويتية خير مثال على ذلك، ولدينا صراع اجتماعي من خلال التيارات الفكرية السائدة في المنطقة، والتي يتم التعبير عنها سياسيا تارة، وثقافيا تارة أخرى، فالتيارات الإسلامية والقومية والليبرالية وغيرها في بعض مجتمعاتنا تمارس دور «التحطيم» للآخر. وكان من المتصور أن يسهم هذا التنوع والاختلاف بين التيارات في تطوير المنطقة، وفقا لنظرية توينبي القائمة على التحدي والاستجابة. لكن صراعات «تياراتنا»، قامت على إلغاء الآخر، ورفض وجوده، والاستقواء عليه بالسلطة تارة، وبـ «الجماهير» تارة أخرى.

وأضاف: أما التفرقة الاجتماعية وفقا للأصول والأعراق والألوان، فهي حاضرة في مجتمعاتنا، تبرز عند عقد الزواج، والتقدم لشغل وظيفة أو منصب مهم، وتكوين جماعات الأصدقاء، وغيرها من الصور. وحدها المواطنة كانت غائبة في كل هذه الحالات، مثلما غاب عن المواطن كثير من حقوقه في بعض مجتمعاتنا، واستبدلت حقوقه بالرفاه، على الرغم من أنهما لا يتعارضان، فهذه المجتمعات المتقدمة في الشرق والغرب لم تقايض الحقوق بالرفاه، بل جمعت بينهما مما مكنها من أن تتصدر مقدمة دول العالم.

واعتبر الدكتور حارب ان غياب مؤسسات المجتمع المدني التي هي إحدى أعمدة المواطنة، ساعد على غياب هذه المفاهيم.. "فمن خلالها يعبر المواطنون عن رؤيتهم الجماعية حول قضاياهم ومشكلاتهم، ويسهمون في تنمية وطنهم، لكن مؤسسات المجتمع المدني تراجعت في السنوات الأخيرة، ولم يعد لها حضور فاعل في معظم دول الخليج، وهي التي كان يعول عليها قادة المجتمعات الخليجية نحو تكوين المجتمع المدني المتحضر".

كما نبه إلى مؤثرات وسائل تكوين الشخصية من تعليم وإعلام في ترسيخ مفهوم المواطنة «المنقوصة»، فمعظم هذه الوسائل تتحدث عن واجبات المواطن، ولا تتحدث عن حقوقه إلا بمقدار ما يحصل عليه من مكاسب مادية دون أن تتحدث عن الحقوق الأخرى. وقد أنتج ذلك «وطنية»، وليس مواطنة.


: الأوسمة



التالي
ليبيا وأبناؤها في مواجهة القذافي وأبنائه
السابق
ليبيا: اختفاء مشايخ مناوئين للقذافي

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع