البحث

التفاصيل

حتى لا ننسى حكايتنا مع الأنظمة العسكرية

الرابط المختصر :


هي حكاية حزينة وقديمة و معلومة للجميع، ولكن قد تستدعى الظروف أحيانا قليلا من التذكرة:

حين حصلت مصر والأقطار العربية على استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية، قامت الشعوب العربية بكل براءة وحسن نية، بتفويض قادتها العسكريين للحكم. وتنازلت لهم عن العديد من حقوقها السياسية، مقابل تكليفهم بالقضاء على الفقر والظلم والاستعباد والاستعمار، واستكمال معارك الاستقلال، و تحرير فلسطين، وتحقيق حلم الوحدة العربية، وسارت الأمور في البداية على ما يرام رغم بعض التجاوزات : فاستقلت عدة أقطار عربية وكادت الوحدة ان تتحقق بين مصر وسوريا وأُممت قناة السويس وتفجرت الثورة الجزائرية والفلسطينية ...الخ ، إلى أن انقلبت الأمور بعد سنوات قليلة رأسا على عقب وآلت إلى ما آلت إليه من بيع فلسطين والصلح مع إسرائيل واحتلال العراق والاقتتال العربي العربي والارتماء في أحضان الأمريكان مع الاستئثار بالحكم والسلطة والثروة.

فلما حاولت الشعوب أن تسحب تفويضها وأن تغير أنظمتها وان تسترد زمام أمورها، ما كان من هذه الأنظمة العسكرية إلا أنها تمسكت بالسلطة إلى آخر نفس وقاومت بشراسة كل محاولات التغيير وقامت بمطاردة واضطهاد كل معارضيها وعصفت بالحياة السياسية واستبدلتها بقبضة أمنية وبوليسية حديدية وزجت بالناس في السجون والمعتقلات وأعادت نظام التوريث إلى الحكم، وزورت الانتخابات والاستفتاءات وزورت الوعي والثقافة والتعليم والإعلام، وصنعت جيوشا من الانتهازيين والمنافقين والمخبرين والمرتزقة لتواجه بهم شعوبها، وأضفت على نفسها ستارا حديديا وقدسية زائفة بذريعة أنها أنظمة عسكرية تحمى الأوطان من الأخطار الخارجية، وان في إسقاطها أو رحيلها تهديدا للأمن القومي، وأن البديل عنها هو الفوضى كما قال مبارك في آخر أيامه.

حينها فقط أدركت الشعوب خطأها التاريخي و تعلمت درس عمرها، بأنه لا تفويض لأحد بعد اليوم كائنا من كان، وان الشعوب وحدها هي القادرة على تحقيق أحلامها في الحرية والاستقلال والعدالة والوحدة، وتفجرت ثورات الغضب العربي.

ولو كانت استمرت، لتمكنت من تحقيق أحلام الشعوب، ولاستطاعت، إن عاجلا أم آجلا، أن تنتصر وتنجح. ولكن ما حدث هو أن الأنظمة القديمة العميقة، وظفت كل إمكانياتها و بذلت كل جهودها للارتداد على الثورات وإفشالها وتعويق مسارها، والانقضاض على الثوار، وبث الفرقة بين تياراتها، مستفيدة من الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها الجميع. ثم شرعت في إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وكان لابد لها من رواية تروج بها لعودتها إلى صدارة المشهد مرة أخرى.

وكانت الرواية هي أن الثلاث سنوات الماضيات أثبتت أن الثورات و الحريات، فوضى و شر مبين، وأنه لو تركت البلاد للتيارات السياسية لخربتها، إسلامية كانت أم مدنية، فهم قوم لا يعتمد عليهم، معدومو الخبرة بشئون الدولة وإدارتها، وغالبية قادتهم ارهابيون أو خونة وعملاء أو مرتزقة، وأن الأمل الوحيد هو تنصيب وزير الدفاع رئيسا للجمهورية، وتسليم البلد للقوات المسلحة، لتضبط إيقاعها و تعيد الأمور إلى نصابها، وتنقذ ما يمكن إنقاذه وان تطبق قبضتها الحديدة من جديد على الجميع، وتعيد الاستقرار المفقود منذ الثورة، تعيدنا إلى ما كان قائما قبل 25 يناير 2011 .

في مواجهة هذه الرواية التي تأثر بها قطاع عريض من الرأي العام بسبب ماكينات الإعلام الجهنمية الموحدة، كان لابد من التذكرة بحكايتنا معهم؛ مع الأنظمة العسكرية.


: الأوسمة



التالي
معركة عض الأصابع
السابق
خصوم القرضاوي..علام يجتمعون؟!

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع