البحث

التفاصيل

مسلمو الصين ليسوا أول الضحايا.. كيف تحولت مصر إلى «جحيم اللاجئين»؟


«في تطور مثير للقلق، قبضت السلطات المصرية على عشرات الطلاب الإيغور، على ما يبدو لترحيلهم بطلب من الحكومة الصينية، على السلطات أن تكشف عن أماكن تواجدهم، تصرح عن أسباب اعتقالهم، وتسمح لهم بالوصول إلى محامين، على مصر ألا ترحلهم إلى الصين حيث يتعرضون للمضايقة والتعذيب».

بهذه العبارات أطلقت مديرة برنامج الشرق الأوسط في منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان «سارة ليا» تحذيراتها عبر موقع التغريد القصير «تويتر»، لتلفت النظر إلى ما تعتبره المنظمة انتهاكًا حقوقيًا جديدًا يضاف إلى سجل مصر في حقوق الإنسان.

والإيغور المشار إليهم، هم قومية من آسيا الوسطى تتحدث التركية، وتعتنق الإسلام، يعيش أغلبها في إقليم شينجيانغ الذي كان يسمى تركستان الشرقية، قبل ضمه من قبل الصين، ويعاني الإيجور من اضطهاد السلطات الصينية، بدايةً من منع إظهار المظاهر الإسلامية، وحتى الصيام وممارسة الشعائر الدينية خلال شهر رمضان.

ووفقًا لتقارير صحافية، فإن أحد الأمثلة المتعددة على ذلك الاضطهاد الصيني لهم هو إعلان السلطات عن مكافأة قدرها 2000 يوان (290 دولارًا) لمن يبلغ عن «تغطية الوجوه والعباءات والشبان ذوي اللحى الطويلة أو أي ملابس دينية معروفة أخرى خضعت لتأثير التطرف»، كما يعانون من انتهاك الخصوصية، والرقابة المشددة على الاتصالات والإنترنت.

وقد هاجر إلى مصر مئات الطلاب من الإيجور، هربًا من قمع السلطات الصينية، ولأجل الدراسة في الأزهر الشريف، الذي سبق أن أدان الانتهاكات الصينية بحقهم، ورغم أن هؤلاء قد جاؤوا إلى مصر بطريقة شرعية، ولم يمارسوا أي نشاط معادٍ انطلاقًا من الأراضي المصرية، إلا أن التقارير الصحافية أشارت إلى قيام السلطات المصرية بشن حملة مداهمات واعتقالات استهدفت أماكن إقامتهم والمطاعم والأماكن العامة التي كانوا يترددون عليها، وأسفرت عن اعتقال المئات منهم، تمهيدًا لترحيلهم إلى بلادهم.

وأشار البعض إلى أن الهدف من تلك الحملة المصرية المفاجئة على الإيجور، ربما يكون محاولة نظام السيسي تقديم «قربان» إلى بكين، قبل أسابيع من زيارة الرئيس الصيني إلى القاهرة، وكانت السلطات الصينية طالبت الطلاب التركستانيين بإلغاء دراستهم بالأزهر الشريف، والعودة إلى تركستان الشرقية، مهددة من يمتنع عن العودة باعتقال ذويهم والزج بهم في السجون، وقد أثار تصرف السلطات المصرية اعتراضات على وسائل التواصل الاجتماعي، واصفة التصرف بالمشين، معبرين عن صدمتهم من خطوات الحكومة المصرية في هذا السياق.

«جحيم» اللاجئين الأفارقة في مصر

لا تبدو تلك الحادثة فريدة تمامًا في السياق المصري، إذ لدى مصر إرث يعتبره الكثيرون «سيئًا» في التعامل مع اللاجئين بشكل عام، ففي عام 2005، هاجمت قوات الأمن المصرية اعتصامًا للاجئين سودانيين في ميدان «مصطفى محمود» وسط العاصمة، راح ضحيته عشرات القتلى، فيما اشتهر «بمذبحة اللاجئين» أو «مذبحة مصطفى محمود» وحتى اليوم، لم تحظ تلك الحادثة بتحقيق شفاف، ولم يقدم المسؤولون عن تلك الأحداث إلى المحاكمة.

وفي مارس (آذار) الماضي، نشر «ساسة بوست» تحقيقًا بعنوان «الأفارقة في مصر.. القصة الممنوعة من النشر دائمًا»، رصد فيه معاناة اللاجئين الأفارقة في مصر، بدءًا من التمييز العنصري والتحرشات اللفظية، ووصفهم أحيانًا بـ«العبيد»، مرورًا بالاستغلال الاقتصادي، وانتهاءً بالعنصرية التي قد تصل إلى حد القتل أحيانًا.

«منذ سنوات والأفارقة في مصر يُعاملون كفئة إنسانية أقل، وكان ملفهم مليئًا بالتفاصيل بالنسبة للصحافيين المصريين، إما أن يكونوا مسيطرين تمامًا بحدث ضخم مثلما حدث معهم في واقعة مصطفى محمود، أو أن يتناولهم الصحافي بتحقيق أو تقرير بحكم أوضاعهم غير المستقرة واللامنضبطة بمصر» – شهادة الصحفية المصرية عزة مسعود عن أوضاع اللاجئين الأفارقة في مصر، في التقرير السابق ذكره.

وكان المندوب السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي قد حذر مما أسماه «الأشخاص المنسيين» في مصر، في إشارة إلى موضوع اللاجئين الأفارقة، والذين تصل أعدادهم إلى قرابة المائتي ألف، مشيرًا إلى الظروف الصعبة التي يعيش فيها هؤلاء، وشح موارد دعمهم، والتي تضطر الكثيرين منهم إلى محاولة الهرب عبر البحر المتوسط.

معاناة اللاجئين السوريين في مصر

يقدر عدد السوريين اللاجئين في مصر، والمسجلين في سجلات الأمم المتحدة بنحو 150 ألف شخص، بما يعني أن العدد الفعلي قد يصل إلى 300 ألف شخص – وفق تقديرات الأمم المتحدة لعام 2015 – وعلى الرغم من الفرص الجيدة نسبيًا التي استغلها السوريون في مصر كما في منطقة 6 أكتوبر التي كانت صحراء قاحلة ومع مرور الشهور والسنوات باتت تغص بالمطاعم والمباني والمقاهي والأسواق التي تدار من قبل السوريين، إلا أن الصورة ليست وردية تمامًا.

في أغسطس (آب) 2013، وبعد أسابيع قليلة فقط من إطاحة الجيش المصري بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي وتسلمه زمام إدارة البلاد، نشر المتحدث العسكري بيانًا على صفحته تحدث فيه عن تمكن القوات المسلحة من إحباط محاولة هجرة غير شرعية، مرفقًا بيانه بصورة تظهر لاجئين سوريين بينهم أطفال وشيوخ ونساء، وهو ما جر الكثير من الانتقادات في ذلك الحين، وساهم في تسليط الضوء على الوضع المعقد للاجئين السوريين في مصر.

وقد تعرض اللاجئون السوريون في مصر، خاصة بالتزامن مع أحداث 30 يونيو (حزيران) 2013 للهجوم الإعلامي الذي يترجم كثيرًا إلى حالة من العداء الشعبي، وهو ما أدى إلى مغادرة الكثير من السوريين للأراضي المصرية، وكما عبر صحفي سوري يقيم في مصر: «قبل (30 يونيو) كان المصريون يعاملون السوريين كإخوة لهم، ولكن بعدها تغير الوضع، ليس تغيرًا كليًا، وإنما في بعض أجزائه، وتوجّهت أقلام إعلامية وخُطب سياسية ضد وجود السوريين في مصر؛ مبررةً أقوالها بأن السوريين لديهم مشكلات مع الحكم الجديد، والمؤيدين له، ولكن ما هوّن الأمر أن المجتمع المصري منفتح على الآخر ومضياف».

جانب آخر من معاناة اللاجئيين السوريون في مصر، والجاني هو بعض أفراد المجتمع هذه المرة، حيث يعتبر البعض أن السوريات في مصر كثيرًا ما يقعن فريسة لاستغلال البعض، فيتم تزويجهن من مصريين إما بشكل شرعي ولكن دون الحصول على حقوقهن بشكل كامل، أو بشكل سري عبر وثائق عرفية – وذلك استغلالًا لحالة الفقر والحاجة، وإن كانت تلك التصرفات تلقى استهجانًا من كثير من المصريين.


: الأوسمة



التالي
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يدين الاعتقالات القمعية للطلاب التركستانيين في كل من مصر والصين
السابق
"لا تتركونا لهم".. الطلاب الإيغور المحتجزون بمصر يستغيثون لعدم تسليمهم للصين كيلا تعتقلهم.. والأزهر مازال صامتاً

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع