البحث

التفاصيل

من أرشيف مفتي لبنان السابق الشيخ محمد رشيد قباني :

الرابط المختصر :

**إسـتِـقـبَـالي للسّـفِـيـر الأمـيــركـي  "رَايَـان كروكَـر" في دار الفتوى  فـي العاصِمة بَـيـروت عام ١٩٩٣م، وقَـضِـيّـة فِـلَـسـطِـيـن، خلال فترَة وِلايَتي مُفتِياً للجمهورية اللبنانية:

**دارَ الحديث بيني وبين السفير الأميركي "كروكَر" حَولَ أحداث  جِهاد أطفال الحجارة في فلسطين ضِدَّ العَدُوّ الإسرائيلي، فقال لي "السفير كروركَر" يَومَها بالعربية، وهو ينطِقُها جَيِّداً:

**ألَيسَ مِنَ المُؤلِم أن يموتَ هَؤلاء الأطفال الفلسطينيين الصِّغار هكذا؟.

**فقُلتُ لهُ: هَؤلاء الأطفال الفلسطينيين يا سعادة السفير يقاتلون بالحِجارة عَدُواً احتلَّ وطَنَهم فلسطين وهوَ ما يُسَمُّونَهُ "إسرائيل"، قتلَ أهلهم وشَعبَهم وأحرَقَ بيوتهم وأقام المذابحَ لهم في دير ياسين على يَد المُنَظّمَتَين اليهودِيَّتَين الإرهابيَّتَين "أَرجون وشْتيرن" وهَجَّرُهُم من وَطَنهم فلسطين عام ١٩٤٨م، وأنا شاهِدٌ على وُصُول طلائع اللّاجئين الفلسطينيين نساءً وأطفالاً والعجَزة من رجالِهِم إلى الأرصِفة جوار دار الفتوى في بيروت في آخر نيسان "إبريل" ١٩٤٨م صباحاً، وكنتُ يَومَها ابن سِتّ سَنوات، ولا يزال "يهود وعد بلفور" المحتلّين لِفِلَسطين إلى اليوم يا سعادةَ السفير يُلاحِقُونَ الفلسطينيين وأحفادَهم في غَزّة والضّفّة الغربية بالقتل والتدمير والإفناء.

**فقال لي "كروكَر": ولَكِن هُناكَ حَقّ تاريخي لليهود في فلسطين.

**فقُلتُ لهُ: "حَقّ تاريخي"؟ إذا أرَدنَا أن نَتَكَلّمَ عنِ الحَقّ التاريخي للشعوب في بُلدانِهِم يا سعادةَ السّفير فأنتَ تَعلَم أنَّ "للهُنود الحُمر" حَـقٌّ تاريخِيٌ في وَطَنِهِم بأرض الولايات المتحدة الأميركية التي احتلها مُهاجرون كُثُر جداً من بريطانيا وأوروبا وغيرِهِما، وقَتَلَ أجدادُكُم "الهنودَ الحُمرَ" يومَها وأفنَوهُم وهُم أصحابُ الأرض في الولايات المتحدة، فهل تسمحون للقِلّةِ القَليلَةِ الباقية منَ "الهُنود الحُمر" اليوم أن يتكلّموا بالحَقّ التاريخِيّ لهم بأميركا؟ هل تَسمَحونَ لهُم بِوِلايَةٍ يُؤَسِّسُونَها؟ هل تسمَحُونَ لهُم حَتى بترخيصٍ  لهم بِاسمِ "جَمعِيّة الهُنود الحُمُر" في أميركا؟ ذِكرَى لِلحَقّ التاريخي الذي لهُم بأميركا؟ وَعِندَها احمَرّ وَجهُ السّفيرِ الأميركي "كروكَر" احمِراراً شديداً مائِلَاً قليلَاً إلى الزُرقة.

**وَنَظَرَ السّفير الأميركي "كروكَر" إلى ساعَتِهِ ولَم يُجِبني، وقال لي على عَجَل: "لقَد تأخّرت، سأُتابعُ معَكم الحديث في الزيارة القادمة"، ولَم يَعُد إلى زيارتي مَرَّةً أُخرى في دار الفتوى حتى انتقَلَ من لبنان سفيراً للولايات المتحدة الأميركية إلى دولة أُخرى، وأعتقِدُ أنّ حديثي هذا مـسَجّلٌ لدَيهِ في السفارة الأميركية، لأن السُفراء لا يخلو الواحدُ منهم من وسيلة تسجيل سريّة في ساعَتِهِ أو جَيبِهِ أوقَلَمِه في مُقابلاتِهِ، وَانتَهَت المقابلة يَومَها.

**وَقد شكَاني السّفير الأميركي "كروكَر" يَومَها إلى دَولة رَئيس مجلس الوزراء رَفيق الحَريري رَحِمَهُ الله تعالى، وقد عرَفتُ ذلكَ منَ الرئيس رفيق الحريري نفسهُ، لكِنّهُ لَم يُسَمِّ لي اسم السفير "كروكَر"، بل قال لي: بعض السُفَراء وتَذاكَرنا في المَوضوع بلُغَةٍ أَخَوِيّةٍ شَيِّقةٍ جداً وَللحديث في المَوضوع بقية ننشُرُها في وقتها المُلائم إن شاءَ الله تعالى، وعلى فِكرة لِمَن لا يعلَم: أنا من مَواليد ١٥ أيلول ١٩٤٢م، وأخي الرئيس رفيق الحريري من مواليد ١ تشرين الثاني (نوفَمبر) ١٩٤٤م، وكانَ رَحِمَهُ الله تَعالى يحتَرِمُني جداً.


: الأوسمة



التالي
شموخ في زمن الإنكسار
السابق
الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يستنكر التفجير الانتحاري ببغداد

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع