البحث

التفاصيل

العلم لا يغني بغير الإيمان

الرابط المختصر :

ومع هذا فليس العقل كل شيء في الإنسان , ولا العلم كل شيء في الحياة .

إن العقل له ميدانه الذي لا يتجاوزه , والعلم له مجاله الذي لا يتعداه , وبعد ذلك يقف العقل والعلم حائرين . فسرّ الوجود , وغاية الحياة , ومبدأ الكون ومصيره , وقضية الموت والحياة , وما يتصل بذلك من قضايا الوجود الكبرى , لا يستطيع العقل أن يدركها وحده , ولا يستطيع العلم أن يمد إليها سلطانه , لأن سلطانه فيما يخضع للملاحظة والتجربة , أي في الماديات والمحسوسات .

فكان لا بد من معرفة أخرى تنبع من مصدر آخر لتحديد مركز الإنسان وغايته , ومهمته في هذه الأرض , وعلاقته بالكون والحياة , وخالق الكون والحياة , وليس هذا المصدر إلا الوحي الإلهي . ولا سبيل إلى التلقى عنه إلا بالإيمان . وقد حاول بعض مفكري البشر في مختلف العصور أن يصلوا إلى الحقائق الكبرى بعقولهم , وأن يحلوا مشكلات الوجود بأفكارهم ، فلم يستطيعوا , وخرجوا بنتائج متناقضة , لا يطمئن بها القلب , ولا تستقيم بها الحياة . إن الإيمان وحده هو الطريق المأمون .

إن الإيمان هو الذي يفسر قضايا الوجود الكبرى , ويصل الإنسان بالوجود الكبير وبالأزل والأبد , ويجعل لحياته طعماً وهدفاً ورسالة .

وهو - مع ذلك - الذي يعصم العلم من الانحراف , ويحول دون استخدامه في الشر والعدوان ، ولهذا رأينا سليمان حين أُحضِر إليه عرش بلقيس بواسطة (الذي عنده علم في الكتاب) يُرجع الفضل إلى الله ولا يطغى أو يغتر , بل قال ما قصه القرآن : (فلما رآه مستقراً عنده قال : هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ؟ ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم)

وفي قصة ذي القرنين بعد أن أتم بناء السد , يقول في تواضع المؤمنين : (هذا رحمة من ربي , فإذا جاء وعد ربي جعله دكا , وكان وعد ربي حقاً)

ورأينا العلم الذي قام بتوجيه الإيمان في ظل الحضارة الإسلامية يبني ويعمر , ويعمل لخدمة الإنسان , وتزكية الإنسان , وإسعاد الإنسان .

ورأينا حين قام العلم في الغرب - لظروفه التاريخية مع الكنيسة - بعيداً عن هدى الله , مقطوعاً عن الإيمان بالله , كانت نتيجته الأسلحة الكيماوية والجرثومية وآلات الفتك والدمار , التي جعلت البشرية تبيت على أحلام مزعجة , وتصحو على مخاوف مفزعة , لقد أعطاها العلم الوسائل ، ولكنه لم يحقق لها السكينة النفسية . انتصرت به على الطبيعة , ولكن لم تنتصر به على نفسها وشهواتها .

ومن هنا كان لا بد من إيمان العلماء , وعلم المؤمنين . وهذا ما تقوم عليه الحياة الإسلامية المتكاملة .

ولهذا جمعت أول آية نزلت من القرآن بين العلم والإيمان ، وهي قوله تعالى : (اقرأ باسم ربك الذي خلق) فالقراءة - وهي مفتاح العلم - إنما يريدها الإسلام قراءة باسم الله الخالق ، وإذا كان مفتاح الإسلام هو العلم والفهم , فإن جوهر الإسلام هو الإيمان , وجوهر الإيمان هو التوحيد . بل هو جوهر الرسالات السماوية كلها . ولهذا كان النداء الأول في كل رسالة: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره).


: الأوسمة



التالي
حكم صيام الأيام الست من شهر شوال؟
السابق
نهنئ الشعب التركي بنجاح عملية الانتخابات بشكل حضاري مشرف، ونهنئ فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان بثقة الشعب العظيم الحيوي الذي شارك بحوالي 90%.

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع