البحث

التفاصيل

كتاب : الدعوة الإسلامية في القرن الحالي فضيلة : الشيخ محمد الغزالي الحلقة [ 13 ] الفصل السادس : أسباب انهيار الحضارة الإسلامية

الرابط المختصر :

( 7 ) ذبول الأدب العربي:

التدين الفاسد لا يكسب الآخرة، ولا يحفظ الدنيا، وقد لوحظ أن المسلمين لما ضعف إيمانهم وجَفَّت ينابيع التقوى في أفئدتهم، أضاعوا دولتهم القائمة على قيم بينه، وأضاعوا في الوقت نفسه عناصر حياتهم العاجلة، وفقدوا الإحساس بالجمال والقبح، وأصاب ملكاتهم الأدبية ضمور شائن، فانحط الشعر والنثر، وقل الأدباء المصورون كما قل المؤلفون والمفكرون.. .

ونظرة إلى الأدب ورجاله منذ القرن السادس تجعلنا نشعر بهذه الحقيقة فالديباجة الفخمة، والنفس الرائق، والرصف الكشاف، والحكمة النفاذة، والغزل الرقيق، والرثاء الذي يغزو النفوس بالحزن الرفيع، والمدح الذي يرسم المثل العالية، خلال الثناء الصحيح أو المزعوم... كل ذلك تلاشى.

وانكمش الأدب شعرا ونثرا انكماشا يثير الاشمئزاز، فبعد أن كان الشاعر يقول القصيدة ملأى بالجمال الفني أياً كان موضوعها جاء شعراء صغار احتقر التاريخ أسماءهم، يقول أحدهم ملغزاً في خاتم، أو واصفاً شمعة، أو مهنئاً بمناسبة...

وكأن العرب في جاهليتهم كانوا أقدر على الحياة وأشعر بأفراحها وأحزانها منهم بعد سقوط بغداد، أو حتى بعد فتح القسطنطينية !!

وقد فار الأدب العربي أوائل هذا القرن الرابع عشر فورة عظيمة، وُجد شعراء كشوقي ومحرم والبارودي وحافظ والزهاوي والرصافي، كما وجد أدباء أعادوا للعربية قوة الأداء وسحر البيان..

ولكن هذه النهضة اعتُرضت بقوة ويجرى الآن قتلها ومحو آثارها، لأن القضاء على اللغة العربية جزء من المخطط المرسوم للقضاء على الإسلام نفسه.

ونريد التنبيه إلى أن ازدهار الأدب يعين الدعوة الإسلامية على الانطلاق كما يعين مراجع الإسلام الأولى على التألق ويقرب الانتفاع منها..

ويوجد علماء دين في هذا العصر نصيبهم من الأدب العالمى والبيان الشافي قليل، وهؤلاء عبء على الإسلام وفقهه ودعوته..

فان معجزة هذا الدين كتاب، ورسوله إنسان مرهف الحس، أوتى جوامع الكلم، فكيف يتذوق الإسلام امرؤ محروم من الذوق الفني ومن القدم الراسخة في اللغة وآدابها؟


: الأوسمة



التالي
هكذا بنوا الدولة ... السُّلطان أورخان بن عثمان 726 -761هـ/1327 -1360م
السابق
-- كيف تنفر الناس من الإسلام؟

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع