البحث

التفاصيل

كتاب : الدعوة الإسلامية في القرن الحالي فضيلة : الشيخ محمد الغزالي الحلقة [ 14 ] الفصل السادس : أسباب انهيار الحضارة الإسلامية

الرابط المختصر :

 

( 8 ) سياسة المال في المجتمع:

اضطربت سياسة المال، وساء تداوله في المجتمع الاسلامي، ونشأ عن ذلك فقر مدقع وترف مفسد، وكادت تعاليم الإسلام في هذا الميدان الخطير تنسى أو تجحد.

أ) - إن الأرض لم تشهد جيشا يسير لأخذ حقوق الفقراء من الأغنياء الباخلين إلا الجيش الذي سيره الخليفة الأول، ولن تشهد فقها اقتصاديا منصفا للكادحين والمساكين إلا فقه الخليفة الثاني.

وبين الحين والحين تبرق لُمع من العدل تضئ الطريق للمتعبين، ولكن أغلب الحكام لم يهتم بهذا الجانب الإسلامي، فتعرضت جماهير الفقراء لغبن كبير.

ب) - أعلن الإسلام أن المال صنو النفس، وأن الحفاظ عليه، والدفاع عنه يساوي المحافظة والمدافعة عن الدم والعرض...

ومع ما تقرر من أن كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به، فإن كثيرا من الحاكمين وحواشيهم أخذ الأموال الوفيرة عن طريق النهب الذي ترتفع له العيون دهشة أو طريق الرشوة التي لا تقضي الحاجات إلا بها..

ومن أقبح صور الرشوة والفساد ما وقع من " بلطجي باشا " قائد الجيش التركي. فإن الجنود المسلمين استطاعوا تطويق الروس في إحدى المعارك الحاسمة، وكادوا يقضون عليهم قضاء مبرما، ولكن القيصرة " كاترين " ذهبت إلى القائد التركي بنفسها ومالها وكان ما كان، وصدرت الأوامر بفك الحصار!

واستأنف الروس ضربهم لدولة الخلافة الضرب الذي قرب الرجل المريض من الموت!

وشيوع الرشوة بين المسئولين الكبار أمر يخزى حتى قيل:

وزير لا يمل من الرقاعه .. يولى ثم يعزل بعد ساعه!

إذا أهل الرشا صاروا إليه .. فأحظى القوم أوفرهم بضاعه!

والصورة الساذجة للرشوة مال يهدي، ولكن صور الرشوة أمست أعقد من ذلك وأبعد عن المؤاخذة، ولكن هل ما نجا من مؤاخذات الجماعة يفر من عقاب الله؟

( فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين * والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون )

جـ) - البطالة آفة تأكل الدولة وتجرها إلى الحضيض، والمفروض أن الدولة مسئولة عن إيجاد شتى الحرف للعاطلين، وافتتاح أبواب الرزق من أبعد مظانها حتى تضمن موارد ثروة لهم ولها، وإلا فكيف تؤدي رسالتها؟

إن النبى صلى الله عليه وسلم وجه العاطلين للعمل، وعد نفسه مسئولاً عن القاعد حتى يعمل والمحتاج حتى يجد...

والدول التي ترفع رايات الوثنية أو الإلحاد أو الشرك ترى من صميم وظيفتها النهوض بهذا الواجب، فكيف تنكل عنه حكومة مسلمة ؟

والبطالة المقنعة لا تقل سوءاً عن البطالة الصريحة، ومن المأثور عن عمر بن الخطاب: " إني أرى الرجل فيعجبني، فإذا علمت أنه لا عمل له سقط من عيني "!

وقد امتلأ العالم الإسلامي بالطاعمين الكاسين من فضول أموال لا يدري كيف نبتت أصولها.. ولا بد من النظر بخوف إلى هذه الفئات التي تستهلك ولا تنتج..

والذي يدفعنا دفعا إلى هذا النظر، ليس ما وقع في الماضي فقط من مآسي شداد، إنما هو ما يقع في العالم الآن من تجنيد لكل الطاقات.

ونحن نعلم أن دولاً تقوم الآن على أن بطاقة الأكل لا يحرزها إلا من لديه بطاقة عمل !!، فمن المهم أن تعمل الحكومات الإسلامية بجد على جعل العمل معصوباً بجبين كل رجل، بحيث لا يبقى مكان محترم للبطالين..


: الأوسمة



التالي
د. فضل مراد
السابق
معرفة الله بأسمائه الحسنى

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع