البحث

التفاصيل

نبض الوجدان ...لأهل السودان

لفت انتباهي ماذكره بالأمس الشيخ أحمد الكاروري في خطبته بمجمع النور من أن هناك جامعة سودانية عدد الطلاب المسجلين فيها ما يقرب من مائتي ألف طالب في حديث له رائق عن وجوب النهضة بالبلد وأن النهضة لا تتأتى إلا بالتركيز على العلوم التطبيقية والصناعية والاقتصادية لأهميتها القصوى في الرقي بالسودان الشقيق.

 

 أدركت حينها أن العلم مع التطبيق هو صمام الأمان في كل بلد وما حل العلم في بلد وضرب أطنابه إلا وجد الرخاء والازدهار والقوة والتمكين..

 

وجدتُ في السودان طلاب العلم الناهلين من حياضه الراتعين في رياضه فالتقيت بالسعودي والتركي والمصري والسوري والفلسطيني والصيني وكلهم يدرسون في السودان وفي سكني الطلابي الذي أشرف عليه ما يقرب من عشرين  جنسية وفي تخصصات شتّى يدرسون ويتعلمون في السودان، ومن بلدي اليمن أكثر من سبعة آلاف طالب يدرسون في الشريعة والهندسة والآداب والاقتصاد والسياسة والإدارة والاجتماع واللغات والطب والبترول والعلوم المصرفية والمالية  والعسكرية والأركان، والتقيت بطلاب كثر من مصر يدرسون في المرحلة الثانوية فسألتهم لماذا لا تكملون دراستكم في مصر فكانت إجابتهم جميعا دون استثناء أن الشهادة السودانية أقوى من الشهادة المصرية.

 

ولا أنسى قصة تلك الطائرة التي انطلقت من ماليزيا أو كانت وجهتها ماليزيا فتعرض أحد ركابها لوعكة صحية فقام إليه كل الأطباء الذين في الطائرة لتقديم الخدمات اللازمة له والمدهش واللافت للنظر أنهم كلهم سودانيون ويحق والله الفخر لكم ياشعب السودان بهذا.

 

وكانت السودان ولا تزال الرقم الأول عربيا من حيث العلماء الذي يحملون شهادة الأستاذية وكان شعب السودان ولا زال يمد العالم العربي بالأساتذة والعلماء والأطباء والمهندسين والمحاضرين في كل الفنون وقد قامت الجامعات السعودية على كواهلهم وهم من أسس وبدأ التدريس في مدارس وجامعات اليمن وكل دول الخليج العربي.

 

السودان بلد الذهب والماء والخيرات والموارد والخصوبة والمحاصيل ففي دولة السودان يوجد أكبر وأضخم مشروع زراعي في العالم وهو مشروع الجزيرة الذي يقع بين النيلين الأزرق و الأبيض في السهل الطيني الممتد من منطقة سنار إلى جنوب الخرطوم عاصمة السودان

 والذي شكل العمود الفقاري لاقتصاد السودان بعد الاستقلال. ويعتبر مشروع الجزيرة أكبر من دولة هولندا ويعد أكبر مشروع مروي في أفريقيا وأكبر مزرعة في العالم ذات إدارة واحدة، والعجيب أنه بجانب هذا المشروع الضخم يموت الناس جوعا ففي السودان ٤٠% من الشعب تحت خط الفقر.

ویمتلك السودان موارد مائیة هائلة لا تتـوفر لدولـة عربية أخرى، حیـث تمـر بأرضه أطول أنهار العالم( نهر النیل)، و 15 رافـدا فرعيا وتهطـل أمطار تقـدر بملیـار متـر مكعـب سـنویا، إضـافة إلى مخزون مـن المیـاه الجوفیـة يقـدر بـأربعین ملیـار متـرا مكعـب، بتغذیة سنویة تفوق أربعة ملیار مترا مكعب.

 

وقد أدى تنوع الأقاليم المناخية في السودان إلى تنوع الثروات الطبيعية الهائلة لدرجة أن البعض يرى أن السودان يعتبر قارة تسكن دولة، أو سلة غذاء للوطن العربي بأكمله بينما يعتبرها البعض سلة غذائية للعالم كله، و تتعدد المصادر المائية في السودان من أنهار ووديان ومياه جوفية وللأسف إلى هذا الوقت الراهن لا تستفيد السودان من مياه النيل إلا مساحات قليلة من الأراضي السودانية تتمثل في الشريط النيلي الممتد من الجنوب إلى الشمال حول ضفتي النيل، بينما تعتمد معظم مساحات السودان اعتماداً كلياً على مياه الأمطار والمياه الجوفية وبالرغم من وجود المياه وبكميات هائلة في السودان إلا أن الاستفادة منها تعتبر ضئيلة جداً، وبحسب تقارير دولية فإن الأراضي الصالحة للزراعة فإن السودان تقدر بحوالي 200 مليون فدان ، أي ما يعادل حوالي 45% من الأراضي الصالحة للزراعة في الوطن العربي، ويزيد من أهمية الأراضي الصالحة للزراعة في السودان توافر المياه اللازمة للزراعة وبكميات كبيرة هائلة وهذه الأراضي لا يزرع منها إلا النزر اليسير..

 

والسودان من أغنى الدول العربية والأفريقية بالثروة الحيوانية، فالثروة الحيوانية تقدر في السودان بحوالي  130 مليون رأس، وهو بهذا يعتبر الرقم الأول عربيا ويستطيع أن يحتل المركز الأول من عالميا من حيث تصدير اللحوم، وفي حين أنه لا يوجد في بلدي سوى خمسين خيلا فإنه يوجد في السودان أربعة مليون رأس من الخيول.

ويعتبر السودان أكبر منتِج لنبات السمسم في العالم بعد الهند والصين، ومن أكثر الدول إنتاجا للذرة، وثانى منتج للإيثانول بعد جنوب أفريقيا.

 

وفي السودان صناعات ثقيلة كتجميع السيارات وصناعة الحديد والصلب و الطائرات .

 وقد بلغ احتياطى السودان من النفط حوالي 6.8 مليار برميل فى عام 2010م وقد احتلت بذلك المركز العشرين عالميا أما احتياطى الغاز الطبيعى فوصل إلى مليار متر مكعب فى نفس السنة وتغطي المعادن حوالى 46% من السودان.

 

والسودان تعتبر الدولة الأولى عالميا في إنتاج الصمغ العربي فهي تصدره إلى البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، ويحتل السكر مكانة هامة في قائمة الصادرات السودانية فهي مكتفية ذاتية منه بل وتصدر حاليا الفائض منه، وتستطيع السودان أن تحتل المرتبة الأولى عالميا في تصديره، وقد بلغ حجم إجمالي عائدات الصادرات في عام 2010 م، حوالي 10,29 مليار دولار أمريكي، وتعتبر الصين حسب تقديرات 2010، من أكبر المستوردين للسلع السودانية المصدرة تليها اليابان فالهند.

ويطفو إقليم دارفور  على بحيرة من البترول.

وأثبتت أكثر من دراسة وجود  مخزون يعد من أكبر المخازن لليورانيوم في العالم  بإقليم دارفور بالسودان، ويتميز خام اليورانيوم الموجود في السودان بأنه من النوع العالي النقاوة.

وفي السودان أكبر منجم نحاس في العالم والمنجم يحتوي على 5 ملايين طن من النحاس، بالإضافة لـ700 ألف طن من الزنك و 140 ألف طن من الذهب و 3 آلاف طن من الفضة.

ليبلغ إجمالي الاحتياطات مايعادل 17 مليار دولار أمريكي.

 

وتستطيع السودان أن تكون المصدّر الأول عالميا للقطن - وهو المحصول الرئيسي - والذرة وزيوت الطبخ والفول والقمح وقصب السكر وزهرة الشمس والذرة الصفراء والسكر، بالإضافة إلى المحاصيل البستانية كالخضروات والفاكهةوالبقوليات والتوابل.

 

وزراعة الأرز في السودان توفر لهم 2 مليار دولار!! وتحتاج زراعته إلى 15% من حصة مياه النيل.

وتزخر السودان بثروة معدنية منقطعة النظير فقد عثر فيها على كميات كبيرة من الذهب وقد احتلت السودان المرتبة الثانية إفريقياً والتاسعة عالمياً في العام 2017 إنتاجا للذهب، فهي بلاد ذهبية بكر وبهذا ترقى أن تكون الأولى عربيا فيما بعد إذا أحسنوا استغلال هذا المنجم البكر، والثروات المعدنية تزخر بها وهي توجد في أكثر من 10 ولايات، ويوجد أكثر من 40 معدناً قابلاً للاستثمار.

 فهي بلاد الذهب والفضة والزنك والرصاص والكروم والميكا والبوكاسيت والاسبستوس والنحاس والكروم والرخام والجرانيت يضاف إلى كل هذه الثروات الطبيعية والخيرات الهائلة الموقع الاستراتيجي للسودان، حيث تعتبر السودان البوابة الشمالية لوسط وجنوب أفريقيا فموقعها استراتيجي ويؤهلها أن تكون ضمن مصاف الدول العظمى ولا ننكر الحصار الاقتصادي الجائر على السودان ومؤامرة دول إقليمية وعربية لإنهاك هذا الشعب وإدخاله في حروب وصراعات لكن في نفس الوقت هذا ليس مببرا لأن يجوع شعب السودان وأن لا يحصل حتى على كفايته من قوته وخبزه...

 

السودان بلد معطاء كريم وما وجدت كرما مثل كرم أهل السودان يرحبون بك وكأنهم يعرفوك من زمن بعيد  تجد عندهم البسمة الرائقة والترحيب الحار والكرم الفياض وقد عشت بينهم وعرفتهم عن قرب وقد دعاني صديقي الأستاذ هشام التهامي نائب مدير بنك النيل لقضاء إجازة عيد الأضحى في ولاية القضارف فرأيت من جمال الطبيعة ما أدهشني...

 

وقفنا على مساحات خضراء مد البصر تجري حولها وتحتها الأنهار وشاهدت الجنات الفسيحة والجمال السحري والمزارع التي تحوي معظم أنواع الخضروات والفواكه ورأيت السدود التي تكفي الناس لموسم كامل، والناس تجدهم في حقولهم ومزارعهم ينشطون نشاط النحل ويدبون دبيب الذر ويُحَلّقون كالفراش يميلون كثيرا للتدين وهم أكثر شعب في العالم يمتلكون عاطفة دينية كما وصفهم الملك فيصل.

ويعتبر الشعب السوداني واحدا من أكثر الشعوب العالمية نزاهة وأهل السودان أهل كرم ونخوة ومودة وهذه شهادة أكتبها للتاريخ- وليس لأني مقيم في السودان - يعلم الله أني ما وجدت قوما يكرمون الضيف قبل أن يتعرفوا عليه إلا أهل السودان..

يفرشون لك قلوبهم قبل بيوتهم ويرحبون بك بأفئدتهم قبل ألسنتهم ويصافحونك بابتساماتهم قبل أكفهم وهم متواضعون صغيرهم وكبيرهم..

*من تلقَ منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري*

وأذكر أنه عندما استضافوني في تلفزيون السودان الرسمي أيام وليالي رمضان المبارك كنتُ أجد الترحاب والاستقبال والكرم ويطلقون عليّ ألقاب العلماء وأنا مستغرب من نفسي وماذا يقولون فأنا أعرف أني لست إلا طالب علم صغير لا يبلغ ذرة أمام أحد علمائهم، وهم يحترمون التخصصات ويعجبون بالمبادرات الجميلة وقلما تجد حيا إلا وفيه لجنة للتكافل الاجتماعي وهم شعب متكاتف يحب بعضهم بعضا وفيهم سمات وصفات وأخلاق يبلغون بها السماء مجدا وسؤددا وفخارا .

 

يمر حاليا أهل السودان بهذه الأزمة والضائقة الاقتصادية التي  أكلت الأخضر واليابس وهناك عقول مفكرة ورجال اقتصاد وسياسة وخبراء أقول لهم اتقوا الله في شعبكم وخططوا له وللرقي به والنهوض به من وهدته وحاربوا  الفساد في كل أروقة الدولة أقول لكم هذا وقلبي يحترق على وطني الممزق الذي صار ألعوبة بين يدي الكبار تتقاذفه قوى أقليمية وعالمية لا تريد له النهوض أبدا...

عامر الخميسي

٥/ ١/ ٢٠١٩م


: الأوسمة



التالي
كتاب : فقه الجهاد الحلقة [ 44 ] : الباب الرابع : أهداف الجهاد (القتالي) في الإسلام الفصل الرابع : الجهاد بين شريعة التوراة وشريعة القرآن
السابق
كتاب : الحق المر الحلقة [ 44 ] : نهج النبى ﷺ فى التربية

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع