البحث

التفاصيل

خطبة للشيخ علي القره داغي .‎

الرابط المختصر :

بسم الله الرحمن الرحيم

    

      أيها الإخوة المؤمنون، تحدثنا في الخطبة السابقة ، عن شرح جزء من الحديث الصحيح المتفق عليه، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم - في مواصفات المسلم و المؤمن الذي يستحق رضوان الله سبحانه وتعالى- : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )، تحدثنا عن الموازين الأساسية التي تتحكم في اللسان، حتى يكون هذا اللسان يتكلم بما يريده منه الله سبحانه وتعالى، واليوم نتحدث عن الجزء الثاني وهو سلامة الناس من يدك، من جوارحك، وعن كل مايصدر من الانسان.   

    فاليد أيها الإخوة الكرام؛ من أكبر نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان، فباليد يستطيع الإنسان أن يفعل الكثير، وأن يتحكم في هذا الكون وأن يعمره بإذن الله تعالى، فاليد نعمة و النعمة يجب أن تصرف في شكر منعمها، في شكر خالقها ، وفي ما يرضي خالقها، ولا يجوز أن تستعمل اليد فيما يؤدي إلى غضب الله تعالى، وإلى ما يؤذي الناس.

   فقد وضع الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الميزان الخطير، هذا الميزان الدقيق، هذا الميزان العميق للإنسان المسلم ، وكل شخص يجب أن يزن نفسه بهذا الميزان ، بل وحتى غير المسلمين ، وتخصيص المسلمين لللأهمية ، فلا يجوز للإنسان أن يؤذي أيٍ كان إلا بالحق ، ولا يجوز أيضا أن يؤذي حتى الحيوانات إلا بالحق الذي أذن به الله سبحانه وتعالى ، ولذلك يعرض الإنسان نفسه على هذا الميزان؛ هل هو فعلا محافظ على هذا الميزان الصحيح ، وأنَ النَاس جميعا، و المسلمين بصورة خاصَة سالمون من لسانه ويده .     

واليد أيها الإخوة الكرام؛ خلقها الله سبحانه وتعالى للإنسان لتكملة جماله، ولتكملة دوره فدور الإنسان... ورسالة الإنسان... والغاية من الإنسان هو؛ العبودية لله سبحانه وتعالى بمعناها الشامل الذي يشمل كذلك كل مايحقق تعمير الكون، وكل ما يحقق جلب الخيرات والأرزاق وغير ذلك، واليد تدخل في التجارة، وتدخل في الزراعة، وكل الأعمال الخيَرة فيجب أن تصرف اليد لهذه الأعمال، وحينما تشتغل هذه اليد بمثل هذه الأعمال فهي في عبادة الله ، فإن من الذنوب ما لا يكفرها الصلاة ، ولا الصيام، ولا الزكاة ، ولكن يكفرها السعي وراء الرزق الحلال، والسعي وراء الرِزق الحلال.                                                             لليد دور ففي التجارة نتعامل باليد لإجراء الصفقات، الزراعة أيضا نشتغل باليد، وغير ذلك ، هذا هو المطلوب بالإضافة إلى فعل الإحسان إلى توزيع الخيرات إلى أن تكون يدك اليد العليا واليد العليا خير - دائما - من اليد السُفلى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. إزرع الخير تكون هذه اليد محبوبة للناس، وتشهد لك أمام الله سبحانه وتعالى بأنها يد عاملة ، يد خيرة، يد مباركة، يد معطاء تعطي في سبيل الله تعالى ، ولا تستعمل هذه النعمة في غير ذلك من إذاء الناس ، ومن ضرب لهم ، فهذا إعتداء والله ىسبحانه وتعالى يحاسبك، والله سبحانه وتعالى لن يتركك ، فالله سبحانه وتعالى يمهل الظَالم ولكن لا يهمله، إن الله سبحانه وتعالى لبالمرصاد ، (ولا تحسبن الله غافلا عم يعمل الضالمون  إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) ، ومعظم الظلمة ينالون العقاب وهم في الدنيا ، وإذا أخروا في الآخرة فيكون عذابهم أشد، و يكون خزيهم أكبر، فلذلك حينما تمد يدك للإذاء حينما تريد أن تضرب شخصا أوأي إنسان كان ؛ فاعلم وتذكر بل إعتقد أن الله تعالى عالم بذلك والملائكة يسجلون و أن هذا سوف يسجل في حسابك ، وأن الله لن يغفر لك حتى يغفر لك صاحبك يوم القيامة و في الدنيا . لذلك أيها الإخوة الكرام أولى الإسلام باستعمال هذه الجارحة -و هي اليد- للخير وليس في الشر ، ومن أخطر ما أصيب به المسلمون مع الأسف الشديد ، ضرب الزوجة ، أو ضرب الخادم ، أو ضرب الأبناء ، هذه الأمور يتساهل فيها الناس أيها الإخوة الأحبة ، وليس الأمر كما يظنون ، فضرب المرأة على سبيل المثال لا يجوز إلا إذا استعمل الإنسان كل الوسائل من الهجر و الوعظ ، حتى في هذه الحالة لا يجوز عند الكثير من العلماء إلا عند الفاحشة المبيَنة ، و ليس أنه لم تطعك لأنها لم تعمل لك الأكل أو الطبخ ، أو لم تقدم لك الشاي أو كانت ظروفها الصحية ، وخاصة للمرأة ظروف  مثل الحيض و النفاس وغير ذلك ، أمور تؤثر في نفسيتها فلم تقم بواجبها فتقوم أنت بضربها هذا أمر غير جائز بالإجماع ، الضرب الذي يجوز و الذي فسره الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح في حجة الوداع فقال صلى الله عليه وسلم بعدما ذكر في وصيته الاخيرة فقال:<< استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان عندكم ، وليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن ياتينا بفاحشة مبينة، فإن فعلن ذلك؛ فاهجروهن في المضاجع ، واضربوهن >>، هذا هو الحديث تفسير لقول الله تعالى حينما ذكر الضرب ، بعض الناس يظنون – حاشا المجلس – أنهم يضربون الحمير والكلاب حتى هذا غير جائز بدون إذن وبدون حق ، فما بالك بالمرأة الكريمة ، ولذلك وضع الله سبحانه وتعالى ، ووضع رسوله صلى الله عليه وسلم مجموعة من الموازين. إخوتنا الأحبة، للعلاقات الزوجية موازين، من أهم هذه الموازين أن العلاقات الزوجية تقوم على ميزان الرحمة والمودة قالى تعالى ( ومن اياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) ، ثلاثة أشياء في ميزان واحد ؛ ميزان السكن و الهدوء ؛ ميزان المحبة والعاطفة ؛ وميزان الرحمة حتى ولو لم تكون هناك عاطفة ، حتى ولو لم تكن تحب زوجتك فيجب أن تكون عندك الرحمة بها ، السكنى لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة المودة العاطفة والمحبة ، والرحمة قيام الانسان بواجبه مما تقتضيه الرحمة الإنسانية حينما يكون الإنسان تحت إمرة إنسان ، هذا هو الميزان الذي يجب أن يكون مطبقا دائما داخل الأسرة بين الزوج والزوجة مهما كانت الظروف، يجب على الزوج و بالذات فالقيادة بيده أن يكون متحملا ، وإلا لماذا أعطيت القيادة بيد الزوج؟ لأنه من المفروض أن يكون أكثر عقلا ، وأكثر حلما ، وأكثر صبرا ، وأكثر تحملا ، وإلا إذا كان هو مثل الطفل يثور لأي سبب ، ويغضب لأي سبب ، ولا بدون سبب، ويضرب بدون سبب فليس هو قائما وليس جديرا ، ولا قديرا بأن يكون قواما على البيت.                                                                                                                   الميزان االثاني أيها الأحبة ميزان الرفق ، سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حديث صحيح – يرويه الإمام مسلم – يقول << عليكم بالرفق فإن الرفق ما دخل في شئ إلا زانه ، وما نزع من شئ إلا شانه >>، الرفق ، الترفق ، الصبر، التحمل، التجمل ، إذا كنا نحن مأمورين عند قول الجاهل في قوله تعالى ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالو سلاما)، والجاهل هنا الذي يضرب الذي يسب الذي يشتم ، وأنت تقول سلاما لا ترد عليه كما قال الشاعر: وقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثمت فقلت هذا لا يعنيني هذا ما كان يقوله الحكماء من العرب ، القران يقول لا سلِموا عليه القران يقول أكثر من ذلك يقول تعالى (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )، هذا بين عامة الناس ، فما بالك داخل بيتك داخل ، داخل أسرتك؟ تهدمها بكلمة ، تهدمها بالضرب ، تهدمها باعتداء ، تهدمها بإذاء ، تهدمها بالسخرية ! هذا لا يجوز هدم للبيت ، والشيطان كما ورد في الأثر لا يفرح أكثر مما يفرح حينما يسمع من ذريته من الشياطين الصغار ، لا يفرح بقدر ما يفرح عندما تنفك الأسرة ، لأنه يترتب عليه مشاكل تتعلق بالزوجة، تتعلق بالزوج ، تتعلق بالأسرتين اللتين إجتمعتا، فلذلك كان من الواجب أن نخاطب إذا كانت الزوجة صدرت منها كلمت سيئة نقابل الكلمة السيئة بالحسنة ، وإذا صدر من الزوج كذلك كلمة سيئة على المرءة كذلك أن تقابل هذه الكلمة بكلمة حسنة ، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن ، إدفع أمر من الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم وخطاب الرسول خطاب لأمته ، لذلك أيها الإخوة الكرام الرفق هو الميزان الثاني الأساسي الذي يجب أن يتحكم فينا نحن المسلمين، وإذا لم يتحكم في عامة المسلمين يجب أن يتحكم في أسرنا في علاقاتنا داخل البيت ، وقد ورد في حديث رواه الإمام الطبراني بسند جيد ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :<< إذا أراد الله لأهل بيت خيرا أدخل فيهم الرفق>>، وفي حديث الدارقطني بسند ثابت أيضا يقول صلى الله عليه وسلم :< <إذا أراد الله بأهل بيت خيرا فقههم و رزقهم الرفق في معيشتهم ، والقصد في إنفاقهم >>، يعني يجعل الأسرة تتفقه داخليا ، فعندما يجتمعون بدلا أن يتكلموا عن زيد وعبيد ، يتكلمون عن شرح حديث ، عن شرح آية ، بعضهم إذا كان قادرا يفسر ، يتكلمون في أحكام الصلاة و أحكام الطهارة فيكون مجلسهم تفقه  ورزقهم الرفق في معيشتهم، الأمر الثاني والقصد في إنفاقهم وهو التوسط والاعتدال في الانفاق ، وأما إذا لا سامح الله إذا نزع عنهم الرفق فتكون الثورة و المشاكل و المصائب ، والأولاد يصابوا بالأمراض النفسية و ربما الأولاد لا ينجحون ويرسبون وعلى أقل تقدير لا يبدعون، البيت الذي فيه المشاكل لايمكن أن يكون هؤلاء الاطفال الصغار مبدعون، كل أحد مهموم والهم يمنع الإبداع و يمنع التفقه و التعلم في دين الله تعالى هذا الميزان يجب أن يسود بيننا أحبتنا الكرام ، وهو أمر للزوج والزوجة

     المعيار أو الميزان الثالث ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم يضع لنا- وهو سؤال موجه لحضرتكم جميعا هل أنتم تحبون أن تكونو مقتدين بالرسول صلى الله عليه وسلم ؟- ميزان القدوة و الأسوة ، ماهو ميزان القدوة ؟ هو الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد كان صلى الله عليه وسلم خيرا لأهله ، وكما قالت عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما ضرب شيئا قط ؛ لا إمرءة ، ولا خادمة ، ولا غيرذلك حتى الحيوان ،إلا إذا كان يجاهد فهذا أمر آخر ، إذن فهل انتم حرصون على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يضرب و كان خيرا ، فالنكن نحن خيرين مقتدين بالرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا نستعمل يدنا هذه النعمة إلا في طاعة الله  ونفع المسلمين.

 


: الأوسمة



التالي
الاتحاد يتقدم بواجب العزاء إلى إثيوبيا شعباً ورئيساً وحكومة
السابق
الإسلام والمرأة (2)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع