البحث

التفاصيل

أســـى وبشـــرى

أســـى وبشـــرى

بقلم: أ. د. عمار طالبي – عضو الاتحاد

إننا نأسف لما أصابنا من حسرة وحزن مما يجري في العالم الإسلامي من مآسٍ، وسفك دماء، وانقسام، وهرولة إلى الأعداء، ووصولهم إلى عمق الخليج، وبجوار إيران.

ونزداد حزنا وأسى مما يحدث في اليمن الجريح، وفي السودان الشقيق الذي نحسبه قاعدة المسلمين في القرن الإفريقي، ومن حراس الضفة الغربية من البحر الأحمر الاستراتيجي، أخذ الآن يتذبذب ويتزلزل، ولا يكف الجيش فيه عن الانقلابات من حين لآخر، لقد ملّ الشعب السوداني من انقلاب العسكر، أما آن لهذا الذي يحمي البلاد، أن يتنحى عن الحكم والسياسة ويتركها للمدنيين؟

أما آن لإفريقيا أن تكف عن انقلابات العسكر، كما وقع قريبا في مالي، والآن في بوركينافاسو؟ إن هذا لخطر على تخلص إفريقيا من التخلف والتبعية والضياع والفقر.

لكن جاءنا بصيص أمل في هذا الحوار الذي أخذ يجري بين السعودية وإيران، وهذا التقارب بين تركيا، ومصر، والسعودية، وكذلك بداية بصيص أمل في استقرار أفغانستان بعد حروب طاحنة، سحقت هذا الشعب، وأتت على سيادته، وثرواته، وتطوره، فأصبح لا يجد قوت يومه، صودرت أمواله، وما تزال حبيسة صناديق الدول، وما هي بخارجة من صناديقها إلى اليوم.

وهذا الأمل الذي بدأ في استقرار الصومال، والتشاد، وفي ليبيا التي انطفأت فيها نيران الحرب، وزال أوارها في ذا الحين، ونأمل أن تسود الحكمة والتعقل مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، وأن يكون الدستور حكما فاصلا، والمصلحة الوطنية مقياسا لكل تصرّف سياسي.

وكذلك هذا التقارب بين الجزائر ومصر، والدعوة إلى قمة عربية تراعي مصالح العالم العربي والإسلامي، وتراجع تلك السياسات القديمة من التبعية، والتنافس الذي لا جدوى منه، في من تكون له الغلبة والريادة، إنه لا ريادة إلا ريادة مصالح الأمة، والتفوق في التنمية.

كيف يعقل أن يعادي بعض العرب بعضا، ويقاتل بعضهم بعضا؟ ويهرول بعضهم إلى فتح الباب للعدو، وليأخذ مكانة استراتيجية في الخليج ذاته، موقع العرب الإستراتيجي البالغ الأهمية؟ وكيف يعقل أن تضع بعض الدول قواعد عسكرية سرية وبحرية وجوية في بلاد العرب؟

لعل الأمور في العراق تأخذ مجراها إلى الوحدة، وإلى البعد عن الطائفية التي تآكل بسببها العراق في وحدته وسيادته وثروته.

ألا ينظر العرب إلى تجربة ماليزيا، وكوريا الجنوبية، وغيرها؟

فهل نتوقع أن تراجع هذه القمة العربية أمورها الذاتية، وشؤونها السياسية؟

أن تفحص داءها وتشخصه، وتبحث عن دوائه؟

إذا كانت هذه المرحلة في تاريخ العرب أسوأ مرحلة، وأكثرها قتامة وسوادا، وتبعية مُقيتة، وفساداً للأموال العامة، أموال الأمة، ودفعها في الأسلحة ومواد الحروب على أنفسهم، وأمتهم، يخربون بيوتهم بأيديهم.

ولعل هذه القمة تراجع سياسة العرب في قضية فلسطين، قضية العرب والمسلمين، وقد تناساها بعضهم، وعاداها آخرون، وضيق عليها أنفاسها.

يلوم بعض العرب إيران ويعاديها لكن فليكونوا مثلها في الاعتزاز بذاتيتها وسيادتها وإبائها عن الركوع لغيرها وتبعيته، وليكونوا مثلها في السعي لبناء وسائل الدفاع عن نفسها، وصنع وسائل الدفاع، والبحث العلمي الجاد.

إن خرافة الاعتماد على الغير في الدفاع عن الذات لا يؤمن بها أحد، لكن فإنها ﴿لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾، إن الأمل في الجزائر أن توحد صفوف الفلسطينيين، وصفوف العرب حتى لا تزداد تيها وضياعا، وحينئذ تزداد بشرى وأملا!!





السابق
أوجه الشبه بين أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وخاتمهم محمد ﷺ

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع