البحث

التفاصيل

لا ينبغي أن نلف الحبال على أعناقنا

لا ينبغي أن نلف الحبال على أعناقنا

بقلم: د. محمد عياش الكبيسي – عضو الاتحاد

 

إخواني أخواتي

لنحرص جميعا على التعامل مع من حولنا وما حولنا بروح المبادرة والتقاط الفرص ولو من بين ركام الرزايا والنكبات.

مهما تكالبت علينا قوى الشر، فإن سنة التدافع لا تجعلنا ننظر إليهم دائما كجبهة واحدة، فبينهم من تضارب المصالح وتعاكس الأهداف الشيء الكثير،

كما قال تعالى (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) وقول الله تعالى أصدق من المقولة الشائعة «الكفر ملة واحدة» التي أغلقت الأبواب بوجه المسلمين اليوم.

وإذا كان هذا في الكافرين فما بالكم بمن هم أقرب لنا وإن كانوا ممن تحركهم مصالحهم ونزعاتهم الحزبية أو القبلية ونحو ذلك،

أو ممن نعرف منهم وننكر، أو ممن غرتهم الشهوات، فكل هؤلاء لا ينبغي أن نغلق الأبواب بيننا وبينهم.

والحقيقة أني رأيت عجبا من بعض الإخوة في نظرته لأية فرصة، فمنهم من يدقق في النوايا؛ فيردد عبارة (وهل هذا يريد وجه الله)!

يا عزيزي هل كان المطعم بن عدي يريد وجه الله والدار الآخرة لما استجار به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاره وحماه بعد عودته من الطائف؟

وهل كان ابن اريقط دليل النبي في الهجرة يريد وجه الله؟

وأذكر بهذا الصدد أول ظهوري على قناة عربية معروفة،

حيث اتصل بي أحد الأحباب (الدعاة) وهو مرتبك ثم فهمت منه أن هذه القنوات لها مشاريعها الخاصة،

وأنهم لم يستضيفوني حبا بي، قلت في نفسي الحمد لله أني لم أظهر على قناة البي بي سي! يمكن هذا الأخ يدخلني تحت طائلة مخالفة (عقيدة الولاء والبراء).

مجرمون وسرّاق

ومرة كلمني بعض الأحباب في منطقة من مناطق الأنبار أنهم بحاجة إلى مستشفى، كأنهم يريدون أن أسعى لذلك عند بعض الجمعيات الخيرية -مع أني بعيد كل البعد عن مثل هذه العلاقات- فقلت: لماذا لا تطالبون الحكومة بذلك؟ فتعجبوا واستنكروا،

قالوا تريد منا نحن أن نكلم هؤلاء المجرمين؟ صحيح والله أنهم مجرمون وسرّاق و (حرامية) لكن السارق يترك ولا نسعى لاسترداد حقنا منه؟

وماذا يريد السارق أكثر من هذا؟، الأغرب من هذا أن بعض شبابنا يسأل: هل هؤلاء إذا قدموا شيئا للسمعة أو للدعاية الانتخابية هل سيتقبل الله منهم؟

كأن الأخ حاير بمصير هؤلاء عند الله،

يا حبيبي (إنما الأعمال بالنيات) هذا لي ولك حينما نتصدق من مالنا الخاص،

أما مال الدولة والمال العام فينتزع انتزاعا ولا نلتفت إلى نية المسئول

وبمناسبة تناغم بعض الدول العربية والإسلامية مع الغضبة الشعبية تجاه الإساءات الهندوسية بحق رسولنا الكريم، وزوجته الطاهرة السيدة عائشة أم المؤمنين،

وهذه لا شك فرصة ينبغي أن نستثمرها ونبني عليها، وحتى لو كان هذا الموقف صادرا من الصين أو اليابان،

لكن ترى كثيرا من التعليقات تنحو منحى آخر كأنها متضايقة من هذا الموقف،

لأنه (مزايدات سياسية) يعني هذا ليس لله فلو كانوا صادقين لعملوا على تحرير المسجد الأقصى! هكذا قال أحدهم،

وقال آخر: لو كانوا صادقين لأنكروا على إيران أو الشيعة الذين يطعنون في عرض رسول الله، ومنهم من حسم الأمر بالجملة (هؤلاء الحكام لا نثق بهم)

لاحظوا إخواني طريقة التفكير والعبارات المستخدمة (النية) (الصدق) (الثقة)،

بينما المفروض أن ينصب تفكيرنا في تمييز المواقف من حيث مدى قربها أو بعدها من قضيتنا،

وما الذي يخدم قضيتنا أو يضرها.

والحقيقة

أن هذه المفردات حينما نضعها في غير موضعها تجعلنا يائسين ومحبطين ليس تجاه القوى العالمية والدولية أو الأنظمة العربية بل حتى من بعضنا البعض،

فكل جماعة لا تستطيع أن تلتقي مع أي جماعة أخرى ولو في بعض الأهداف المشتركة لأنه هناك تشكيك مسبق في النية والصدق ومن ثم الثقة.

وحينما كنت أتحاور مع بعض إخواني من توجهات مختلفة لماذا ينجح الآخرون في عقد التحالفات والشراكات طويلة الأمد، ونحن المسلمين نفشل في ذلك؟

كان الجواب: أن أولئك تجمعهم مصالح الدنيا، أما نحن فطريقنا مختلف،

ومعنى هذا الجواب أن أهل الدنيا أقدر على تجاوز خلافاتهم ورسم قواعد التعامل المشترك فيما بينهم بخلاف أهل الدين!

فهل فعلا هذا هو الدين؟

وهل فعلا كانت طريقة أسلافنا من دولة الراشدين إلى الأمويين والعباسيين والعثمانيين تقوم على هذه النظرة؟

بل حتى سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هل فعلا كان يدير دولته وعلاقاتها الداخلية والخارجية بهذه الأطر،

هَل قرأنا جيدا وثيقة المدينة التي نظمت علاقات المسلمين فيما بينهم وعلاقاتهم مع القبائل اليهودية المجاورة؟

وهلْ تعامل رسول الله مع قريش كما تعامل مع غطفان مثلا في يوم الأحزاب؟

وهل تعامل مع قبيلة بكر كما تعامل مع قبيلة خزاعة؟

وما المعايير التي فرضت التفرقة بين هذه المكونات في هذه العلاقات؟

الموضوع طويل وهو بحاجة إلى عمق ومتابعة،

لكن هذه الومضة قد تحفزنا لبحث الموضوع بمنهجية علمية بعيدة عن التصورات الانطباعية غير المدروسة وغير الموثقة بالدليل والتحليل والمقارنة.





التالي
بين يثرب والمدينة المنورة.. الفضائل العظيمة لمدينة رسول الله (4)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع