البحث

التفاصيل

معنى القول في القرآن الكريم

الرابط المختصر :

معنى القول في القرآن الكريم

بقلم: محمد أكرم الندوي

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

القول في عامة اللغات معناه النطق بالكلام واللفظ به، فالمقول هو المنطوق والملفوظ به، ولكن القول في كتاب الله أعم من ذلك، وهذا العموم أصله في اللغة العربية قديما، والعرب الأقحاح عرفت هذا المعنى العام فلم يخف عليها دلالاته في كتاب الله، ولكن المتأخرين ولاسيما العجم لم يدركوا معنى القول فعجزوا عن الوصول إلى مغزاه في كتاب الله.

فمن معاني القول في كتاب الله: معناه اللغوي العام الظاهر، والكلام النفسي، والدعاء، وإجابة الدعاء، والرأي، والاعتقاد، وهذه المعاني معلومة، فلا حاجة إلى تفصيلها وشرحها، وهنا معان تخفى على كثير من الناس، أكشف عنها فيما يلي:

الإخبار:

مثاله "إنه لقول رسول كريم" سورة الحاقة الآية 40، فالقرآن كلام رب العالمين، والرسول إنما أخبر به الناس وبلغه عنه تبليغا، فالقول معناه هنا الإخبار.

ومنه "قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذٰلك" سورة البقرة الآية 68، "قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذٰلك" سورة البقرة الآية 68، "قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين" سورة البقرة الآية 69 "قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها" سورة البقرة الآية 69، "قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث" سورة البقرة الآية 71، "قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض" سورة البقرة الآية 71.

فمعنى "قال" في الآيات السابقة: "أخبر"، أي أن موسى عليه السلام أخبر بني إسرائيل بما أوحى الله إليه.

والإعلان:

مثاله: "قل يا أيها الكافرون" فهو إعلان بالبراءة من الكافرين، والتصريح بقتالهم ومحاربتهم، و"قل هو الله أحد" إعلان بتثبيت التوحيد الخالص، و"قل أعوذ برب الفلق"، و"قل أعوذ برب الناس" إعلانان باعتماد الصمد مع شرح معاني الصمدية، فـ"قل" في مبدأ كل سورة من هذه السور معناه: أعلن.

ورأيت عامة العلماء يفسرون "قل" بمعناه اللغوي، وتبعهم مترجمون إلى اللغات الأردية والإنكليزية والفارسية، فقصروا في أداء المعنى الذي أراده القرآن، ولم يدركوا القوة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه في أداء الرسالة.

والتعبير عن الموقف:

كقوله تعالى: "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين" سور البقرة الآية 121. معناه أن الله تعالى كلما أمر إبراهيم عليه السلام بأمر خضع له وأطاعه من دون تردد ولا تلعثم ولا تقاعس، وكان أمثل هذه الأحكام الأمر بذبح الولد، وعبر الله تعالى عن إطاعتهما بقوله: "فلما أسلما"، وسماها إسلاما، كذلك قوله "إذ قال له ربه أسلم"، كأن الله تعالى كلما أمر إبراهيم بشيء قال له: "أسلم"، وكأن إبراهيم كلما أطاعه قال: "أسلمت"، وإنما أضاف قوله "لرب العالمين" دليلا على فعل إبراهيم، أي وكيف لا يطيعه وهو رب العالمين.

ومنه قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام "وإني لأظنك يا فرعون مثبورا" سورة الإسراء 102، ردا على قول فرعون: "إني لأظنك يا موسى مسحورا" سورة الإسراء الآية 101، فليس لموسى عليه السلام أن يقول هذا القول البعيد عن اللين والمنافي لمصلحة الدعوة، وقد أوصاه ربه "وقولا له قولا لينا"، ولكن لما اتهمه فرعون بأنه مسحور، أعرب الله تعالى عن موقف موسى عليه السلام، فهو الرسول المؤيد، وهو أن فرعون المعادي لله المستهزئ برسوله مثبور أي مصاب في عقله هالك.

اختصار كلام طويل:

مثاله قوله تعالى على لسان نوح عليه السلام: "ما لكم لا ترجون لله وقارا" سورة نوح الآية 13، فالظاهر أن نوحا لم يقل هذا الكلام، ولم يقله أحد من الأنبياء قبله ولا بعده، وهو كلام صعب على المخاطب فهمه، ولكن قال نوح ما قال هو وغير من الأنبياء، وذاك أنهم أنذروا أقوامهم وبشروهم، وبلغوهم وعد الله، ولما أنكرت أقوامهم دعواتهم تأسفوا عليهم: ما لهم لا يرجون أن الله يفي بوعده فيهم، وأنه يثيبهم، قال تعالى: "وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير" سورة هود الآية 111. وقال تعالى: "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون" سورة الأعراف الآية 96. وقال تعالى في ذكر هود عليه السلام: "ويا قوم استغفروا ربكم يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين" سورة هود الآية 52. وقال على لسان شعيب عليه السلام: "واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود" سورة هود الآية 90. وقال الله تعالى في ذكر صالح عليه السلام: "فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين" سورة الأعراف الآية 79. وقال في ذكر شعيب عليه السلام: "فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين" سورة الأعراف الآية 93.

فقوله "ما لكم لا ترجون لله وقارا" تلخيص لتلك المعاني واختصار لمواعيد الله تعالى، وإلى مثل ذلك ذهب أهل التفسير فقالوا في معناه: "ما لكم لا ترجون لله أن يعظمكم"؟، قال جار الله الزمخشري في الكشاف: "لا ترجون لله وقارا لا تأملون له توقيرا أي تعظيما. والمعنى: ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب، و "لله" بيان للموقر، ولو تأخر لكان صلة للوقار."

وقال العلامة حميد الدين الفراهي: "ويمكن هذا التأويل أيضا على أصل التضمين، وهو "ما لكم لا ترجون الله وتعظمونه"، فلو فعلتم ذلك لآمنتم بلقائه وجزائه... واعلم أن رجاء الثواب له موقع عظيم في الدين، اذكر قوله تعالى في آخر سورة الممتحنة وما ذكر من أثر التصديق بالحسنى والتكذيب بها في سورة الليل، ونظائر ذلك كثيرة" (تعليقات 2/388).

قلت: آخر سورة الممتحنة "يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور" الآية 13.، وقال في سورة الليل: فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى الآيات 5-10.





التالي
تستدعي مخابرات إسرائيل خطيب المسجد الأقصى للتحقيق

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع