ليس الدين طلاء خادعا فوق كيان دميم! إنه علاقة بالله أساسها التقوى، والتقوى مسكنها قلب حساس صاح يتحرك بمشاعر الخوف والرجاء، ويتحرى مرضاة الله ، وطلب ما عنده!
ومذ بعث الله أنبياءه، وكلفهم بهداية خلقه تقررت هذه الحقيقة حتى يعلم البشر أن : الدين جهاد نحو الكمال، وكفاح لوساوس الإثم .
قال تعالى : " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا".
جاشت هذه المعانى فى نفسى عندما جاءنى فتى يسألنى على استحياء وبقلق: هل صحيح أنك تنكر السنة؟ ففزعت لسؤاله وقلت على عجل: كيف أنكر السنة؟ إن كتابا واحدا من مؤلفاتى ضم أكثر من ألف حديث فأنى تتجه لى هذه التهمة؟ قال: سمعنا من أحد العلماء أنك أنكرت سنة السواك!
قلت: عجيب! لقد شرحت فى نظافة الفم وأنا أتحدث عن خلق المسلم قيمة السواك فى تذويب الفضلات وتقوية الأسنان واللثة.. يا بنى إن الذى اتهمنى كاذب إن صح نقلك عنه! فأكد لى أنه يعى ما يقول...
ثم تذكرت بغتة أننى نقدت شابا دخل مكتبة عامة فى مدينة كبرى بالولايات المتحدة ، وكان فى زحام الداخلين للمطالعة يضع فى فمه سواكا، يديره يمنة ويسرة ، ويدلك به جوانب أسنانه بقوة، والنظارة ترمقه باستنكار، أو ترمق الدين الذى ينتمى إليه والبلد الذى جاء منه باشمئزاز..
الواقع أن المنظر غاظنى! وتعريض الإسلام للقيل والقال بهذه الصورة لا معنى له.
ماذا على الشاب لو استاك فى بيته واطمأن إلى نظافة فمه قبل أن يخرج من بيته؟ إن نبينا عليه الصلاة والسلام قال: " لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك لكل صلاة ". فسنة السواك لا تتناول بهذه الفوضى، ولا تعنى أن نقتحم المجامع والمجالس ونحن نبتلع ريقنا أو نقذفه على هذا النحو...
ذاك ما كتبته على ما أذكر، لكن رجلا مسود السريرة شاء أن يقذفنى بكراهية السنة النبوية، وأن يجعل قذفه فى حديث عام..
إن سنة محمد صلى الله عليه وسلم تراث من الحكمة والنور والسمو لا يعرفه إلا من ترشح لذلك بالأدب والخشية والإنصاف " وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ".
إنه من الهزل الفاضح الواضح أن تكون شارة السنة ثوبا أبيض على قلب أسود أو بعض العطور على سرائر متغيرة كدرة! الدين موضوع قبل أن يكون شكلا، وجوهر قبل أن يكون مظهرا ، وحكمة فى الرأس قبل أن تكون شعرا يطول أو يقصر.. !