البحث

التفاصيل

فقد العالم الإسلامي أديباً كبيراً ومفكراً قديرا

الرابط المختصر :

بقلم أ. د علي القره داغي

الأمين العام

ساهمت الهند في الحضارة الإنسانية  بحكمها وعلومها بشكل وافر، وشاء الله تعالى أن تشع الأنوار الإسلامية عليها منذ فجر الإسلام ، وأن تطلع عليها شمس الإسلام منذ بزوغها ، وتصل اليها النفحات الربانية ، ويحط فيها أقدام علماء راسخين وآل البيت الكرام (رضي الله عنهم) ، وأن ينجذب إليها عدد كبير من أولياء الله الصالحين ،فنشروا الإسلام ، وعلومه ، وكوّنوا حضارة ، وساهموا في النهوض ليس بالهند فحسب ، وإنما بالعالم الإسلامي وعلومه ، فقد أنجبت عدداً كبيراً من العلماء والمفكرين والقادة، أثرى بهم الفكر الإسلامي والحضارة الاسلامية .

ويكفي الإستدلال على ذلك ما ذكره العلامة عبدالحي بن فخرالدين الحسيني في كتابه: (الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام ) المسمى بنزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر في ثمانية مجلدات ضمّن مئات من كبار العلماء في مختلف العلوم والفنون والصناعات، منهم درة البيت النبوي الشريف عبدالله بن محمد العلوي الذي استشهد عام (151هـ) على أرض الهند في سبيل نشر الإسلام ، والعالم الفقيه أبو معشرنُجيح بن عبدالرحمن صاحب المغازي (سنة 170ه) ، وأبوبكر زبيع بن صبيح السعدي (سنة 160ه)أول المؤلفين في الاسلام عند بعض المؤرخين ، ومنهم الامام الرباني الشيخ احمد السر هندي مجدد الألف الثاني (سنة 1034ه) .(1)، وهناك المئات من النوابغ لا يسع المجال حتى لعدّهم لكثرتهم .

ومن هؤلاء النوابغ عالمنا السيد محمد واضح رشيد الحسني الندوي (رحمه الله) حيث ساهم في الفكر الاسلامي والأدب العربي والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجمع بين الأصالة والمعاصرة ، فقد تعلم اللغة العربية وآدابها ونال الشهادة العلمية فيها ، كما أخذ شهادة الليسانس في اللغة الإنجليزية من جامعة عليكرة الإسلامية ، وجمع بين هاتين الثقافتين عندما بدأ عمله بالقسم العربي بإذاعات عموم الهند من عام 1953م إلى عام 1973م مذيعا ومترجما من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية ، وقد درس خلال هذه الفترة العلوم السياسية والاجتماعية ، واطلع على العديد من الكتب والبحوث المخصصة في اللغة العربية .

 

(1) يراجع :الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام للعلامة عبدالحي الحسيني ، ط دار. الحزم في ثمانية مجلدات.

وأستطيع القول أن هذه الفترة كلها كانت مرحلة التكوين والبناء العلمي الراسخ، ولذلك أراد أن يبدأ بمرحلة الإفادة والتعليم فعاد إلى دار العلوم ندوة العلماء عام 1973م مدرساً وأستاذاً ومؤلفاً بجانب رئاسته لصحيفة الرائد ورئيس التحرير المشارك في مجلة البعث الإسلامي الصادرتين من ندوة العلماء، وكذلك عمل مديراً للمعهد العالي للدعوة الإسلامي، ثم عُين عميداً لكلية اللغة العربية وآدابها بدار العلوم، ثم رئيساً للشؤون التعليمية بدار العلوم ندوة العلماء منذ عام 2006م الى وفاته .

والأستاذ واضح الندوي ينتمى إلى أسرة عريقة في المجد والأدب والعلم، ويرجع نسبه إلى سيدنا الحسن بن علي (رضي الله عنهما) وتربى في أحضان هذه الأسرة الملتزمة بالعقيدة النقية الطاهرة، والربانية الراسخة، وأشرف على تربيته منذ صغره خاله الإمام الرباني السيد أبو الحسن على الحسنى الندوي رحمه الله، فترضع على أفكاره الوسطية النيرة وتأثر بنظراته المباركة، وحكمته الدافقة، وحَميَّته الإسلامية الرائعة وتحلى بأخلاقه الجميلة وصفاته الكريمة، واستقى من علومه وأدبه الجم ... حتى وفقه الله تعالى لأن يسلك سبيل العلماء المؤثرين النافعين، ويصبح من المؤلفين والمحللين الذين بارك الله في علومهم، وما تركه من آثار نافعة، وما قدمه من خدمات جليلة في مختلف المجالات.

فقد ترك الشيخ واضح الندوي (رحمه الله) ثروة عظيمة طيبة مباركة، منها :

فضائل القرآن الكريم، ترجمة كتاب الشيخ محمد زكريا الكاندهولي، فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ترجمة كتاب الشيخ محمد زكريا الكاندهولى، الدين والعلوم العقلية، ترجمة كتاب الشيخ عبد الباري الندوي، أدب الصحوة الإسلامية، الدعوة الإسلامية ومناهجها في الهند، حركة التعليم الإسلامي في الهند وتطور المنهج،

تاريخ الآدب العربي، العصر الجاهلي، من صناعة الموت إلى صناعة القرارات، نحو نظام عالمي جديد، حركة رسالة الإنسانية، الإمام أحمد بن عرفان الشهيد، مصادر الأدب العربي، أدب أهل القلوب، المسحة الأدبية في كتابات الشيخ أبى الحسن علي الحسني الندوي، الشيخ أبو الحسن قائداً حكيماً، مختصر الشمائل النبوية، شعر الغيرة الإسلامية ( قيد الطبع)، تاريخ الثقافة الإسلامية، من قضايا الفكر الإسلامي : الغزو الفكري، أعلام الأدب العربي في العصر الحديث، تاريخ النقد العربي ( قيد الطبع)، تاريخ الأدب العربي : العصر العباسي ( قيد الطبع)، لمحات في السيرة النبوية والأدب النبوي، سيدنا محمد رسول الله صلى لله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم، الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي :منابع فكره ودعوته، بالإضافة إلى سلسلة من المقالات والمنشورات في مجلة ثقافة الهند الصادرة من المجلس الهندي للعلاقات الثقافية iccr بدلهي، والبعث الإسلامي بعنوان صور وأوضاع، ومقالات وافتتاحيات الرائد.

 وحقاً فقد العالم الإسلامي بوفاته عالماً ربانياً كبيراً وأديباً قديراً وناقداً دقيقاً، ومحللاً عظيماً، وداعياً إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ومفكراً جامعا بين الأصالة والمعاصرة، صال وجال في ميادين عدة لخدمة الإسلام وأمته الإسلامية وبخاصة في الهند.

فرحم الله الفقيد رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا آمين يارب العالمين


: الأوسمة



التالي
البرهان القرآني في وجوب الإيمان بالقدر
السابق
كتاب : فقه الجهاد . الحلقة [ 52 ] : الباب الخامس : منزلة الجهاد ،وخطر القعود عنه، وإعداد الأمة له الفصل الخامس : إعداد الأمة للجهاد (3 من 3)

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع