ما هي القضايا الأساسية للأمة المسلمة الآن؟ وكيف نقاربها؟
د . محمد عمارة
القضايا الأساسية للأمة الإسلامية كثيرة، في مقدمتها :
- تحقيق الاستقلال الحقيقي لشعوبها عن هيمنة "النظام الاستعماري الغربي"، الذي يسمونه خطأ "النظام الدولي" !
لقد حققت هذه الشعوب الإسلامية، بعد الحرب العالمية الثانية، استقلال "العَلَم والنشيد"، وهو "الاستقلال الشكلي" الذي تَرَك دول هذه الشعوب ومقومات مجتمعاتها مربوطةً بسلاسل التبعية للمركزية الحضارية الغربية، فلم يتحقق لها "جوهر الاستقلال".
- تحرير ثروات العالم الإسلامي من قبضة "النهب الإمبريالي الغربي" .. لقد قيل - بحق- : إن الرأسمالية هي أعلى مراحل الاستعمار .. وطالما بقيت ثروات العالَم الإسلامي في قبضة الشركات الغربية متعددة الجنسيات والمتعدية للقارات، فإن العالَم الإسلامي سيظل بعيداً عن تحقيق جوهر الاستقلال.
- تحقيق الاستقلال الفكري والثقافي للعقل المسلم، وذلك لتحقيق التميز الذي يحقق التعددية الفكرية والثقافية في العالم الذي نعيش فيه .. أما إذا ظللنا أسرى لـ "التبعية الفكرية" للغرب، نَرْقُصُ على أنغامه، ونَقِيسُ تجديدَنا بحداثته، وفلسفةَ حُكمنا بعلمانيته، وتأويلَنا بالهرمينوطيقا الغربية، فستظل قلوبنا وعقولنا تتجه نحو القبلة الغربية.
- التحرر من الفصام النكد بين ما هو "ديني" وما هو "مدني" .. فالإسلام هو دين السماء كما هو دين الأرض .. ودولته مدنية مرجعيتها الشريعة التي لا كهانة فيها .. وكل المعارف والعلوم التي تخدم الاجتماعَ وتقربه إلى المُثُل الإسلامية هي معارف وعلوم إسلامية (شرعيةً كانت أو مدنيةً) .. ولقد نبه على هذه الحقيقة إمام دار الهجرة مالك بن أنس [93- 179 هـ / 712- 795م] رضي الله عنه عندما قال : "إن ديننا هذا علم، وإن علمنا هذا دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم".
وبهذا يصبح "الاستقلال الحقيقي" هو "جوهر القضايا الأساسية للأمة الإسلامية".
وإذا كنا نردد المأثور الذي يقول : "لن يصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها"، فلقد كان صلاحُ أول هذه الأمة بـ :
- استقلالها "الفكري" الذي أَحَلَّ التوحيد محل الوثنية،
- واستقلالها "السياسي" الذي امتلك الدينُ به الدولة،
- واستقلالها "الاقتصادي" الذي امتلكت به السوقَ، وإحياء الأرض المَوَات، وتطبيق نموذجها المتميز في فلسفة الأموال والثروات (فلسفة استخلاف الإنسان عن الله في الثروات والأموال)
تلك هي أهم القضايا الأساسية التي يجب أن يَعِيَهَا العقل المسلم؛ كي تأخذَ مكانها في "المشروع النهضوي الإسلامي" وفي "برامج الإسلاميين" وفي "الثقافة" و"الإعلام".