الرابط المختصر :
صفقة أم صفاقة؟
الشيخ الدكتور أحمد الريسوني
منذ عدة أشهر يتحدث الناس عما سمي "صفقة القرن"، ذلك المشروع الذي "بشَّر" به وروَّج له الرئيس الأمريكي التَّوراتي دونالد ترمب. وها قد تم الإعلان أخيرا عن مجمل هذه "الصفقة"، بعد شهور من تسريب أقساط منها..
وباختصار: ما أريد قوله هو أني لم أجد ولم أر أي صفقة، وإنما رأيت صفاقة.
فالصفقة في الإصلاح السياسي والتجاري، هي التوافق والتعاقد بين طرفين على مصالح والتزامات متبادلة بينهما. وأصلها في الاستعمال العربي ضرب الكف بالكف بين المتعاقدين، تعبيرا عن الاتفاق وتأكيدا للالتزام به. قال زكريا الأنصاري: "الصفقة لغةً: الضربُ بباطن الكف. واصطلاحا: عقدُ البيع أو غيرِه" .
وتطلق الصفقة أيضا على المبايعة بين الأمير ومن يبايعونه، لكونهم يبايعونه على توليه الإمارة عليهم، وعلى الطاعة له وفق الشروط المتفق عليها، وهو يبايعهم على ذلك، وعلى القيام بمتطلباته..
أما ما أعلنه واحتفل بها دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو ومن على ملتهما، فهو عمل من طرف واحد. وأما الطرف الثاني المفترض، وهم الفلسطينيون والعرب، فلم يعلن أي منهم قبوله ولا دخوله بأي شكل من الأشكال، في هذا المشروع غير المشروع. وهذا وحده يجعل هذه الصفقة المزعومة عدما. فكيف وكل الفصائل والمنظمات والشخصيات الفلسطينية، تعلن رفضه ولعنه ومقاومته. وعلى هذا عموم العرب والمسلمين، باستثناء ثلاثة فئران من المنطقة العربية، قيل إنهم قد حضروا..!
وإذن لا وجود لصفقة، ولم تبق إلا الصافقة، صفاقة القرن حقا.
والصفاقة لغة هي الوقاحة والتبجح بالباطل بوجه مكشوف. ويقال: فلان صفيقُ الوجه "للصلب القليلِ الحياء" . ويقال: "وجْهٌ صَفيقٌ بيّنُ الصَّفاقَةِ أي: وقِح" .
فأي وقاحة وبجاحة، وأي صفاقة، أكبر من أن يقوم حاكم مغرور، قد ملئ قلبه حقدا وكراهية للإسلام والمسلمين، وملئ رأسه بالتعاليم التوراتية والتلمودية، أن يقوم هو وإخوانه الصهاينة، بإعداد مخطط جهنمي يستهدف تحقيق المزيد من الظلم والعدوان والاغتصاب، ثم يحتفلون ويدعون أنها صفقة، بل صفقة القرن