الرابط المختصر :
النظرة العقدية لــــ (فيروس كورونا)
د: أكرم كساب
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله،،
أما بعد،،
فهذه معالم مهمة في النظرة العقدية للأوبئة والتي منها (فيروس كورونا) وألخصها فيما يلي
1. كل ما في الكون من خلق الله: ذلك أن الكون كله إنسه وجنه وحشه وطيره، بره وبحره، أرضه وسماءه.... وكل ما في الكون إنما هو من خلق الله سبحانه، قال تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر: 62] ،وهذا الفيوس من خلق الله تعالى.
2. الشر لا ينسب لله: إذ من الأدب ألا ينسب الإنسان الشر لله سبحانه، وقد فطن الجن لذلك فقالوا: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: 10]، روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه:"لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ... ".
3. كل شيء في الكون خلقه الله لحكمة: قد يعلم الناس هذه الحكمة وقد تخفى عليهم، قال تعالى:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]، وهذا الفيروس لا شك أن في إيجاده حكما كثيرة، منها: معرفة الإنسان ضعفه وعجزه، {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } [النساء: 28].
4. الأوبئة تكون بلاء كما تكون عقابا: الناظر لهذا الفيرس وغير من الأمراض يرى أنه يصيب المسلم كما يصيب غير المسلم، وقد مات في طاعون عمواس عام 18 هـ، وقد مات فيه 25 ألفا. وقيل: 30 ألفا... وممن مات فيه: أبو عبيدة ومعاذ بن جبل والفضل بن العباس ويزيد بن أبي سفيان وأبو جندل بن سهيل .
5. الأصل في خلق الله الشفاء لا المرض، والصحة لا السقم: وما يبتلي الله به خلقه من مرض هو أمر طارئ، قد يكون ظاهره الألم ويخفى على الناس ما فيه من رحمة، وقد يكون عذابا لمن بغى وتجبر، قال سبحانه:{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ: 5].
6. المرض قدر والبعد عنه قدر: ذلك أن المرض قضاء قدره الله على من يشاء الله من عباده، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، وقدر روى الشيخان أن الفاروق قال لأبي عُبَيْدَةَ: نَعَمْ أَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ.
7. الضار هو الله والنافع هو الله: فكما أن الضر من قدره، والمرض من قدره؛ فكذلك الشفاء بيده لا بيد احد سواه، وقد ذكر الله ذلك على لسان خليله إبراهيم فقال: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]، وعند أحمد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"... وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ".
8. من مات في (فيروس كورونا) مات شهيدا: ذلك أن (فيروس كورونا) كالطاعون، والميت في الطاعون جاءت الشريعة بأنه شهيد، وعند أحمد عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "َيَقُولُ أَصْحَابُ الطَّاعُونِ: نَحْنُ شُهَدَاءُ، فَيُقَالُ: انْظُرُوا، فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحُهُمْ كَجِرَاحِ الشُّهَدَاءِ تَسِيلُ دَمًا رِيحَ الْمِسْكِ، فَهُمْ شُهَدَاءُ فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِكَ".
9. من صبر محتسبا في بلاء (فيروس كورونا) له أجر شهيد: والأمر ليس قاصرا على الموت بهذا الداء فقط، بل هو شامل لمن ضرب البلاء بلده وابتلي بالمرض، أو بقي في البلد امتثالا لأمر الله جلّ وعلا، فهذا له أجر شهيد، روى البخاري من حديث عَائِشَةََ:".... لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ».
10. الدنيا دار ابتلاء و (فيروس كورونا) من هذا البلاء: وهذا ما يجب أن نؤمن به فالله ما خلقنا في هذه الحياة الدنيا إلا للاختبار، قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الملك: 2]، ومن البلاء ما يكون مرضا وموتا وهلاكا، والمؤمن في كل أحواله مأجور، وعند مسلم من حديث صهيب: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ».