البحث

التفاصيل

لماذا لا أصلي الجمعة أمام التلفزة والراديو والأنترنت؟

لـماذا لا أُصلّي الـجُمعة أمام التلفزة والراديو والأنترنت؟

أ.د. نور الدين الـخادمي

إطار هذا الـمقال:

هذا الـمقال هو جواب عن تعليق وسؤال أحد أحبابنا الفضلاء تعليقًا على الفتوى رقم 3 للاتـحاد العالـمي لعلماء الـمسلمين في صلاة الـجمعة عن بُعْدٍ باعتماد التلفاز والـمذياع ووسائل الاتصال الـحديثة. وقد أجبته عن سؤاله، ورأيت من الـمصلحة نشر سؤاله وجوابه، بعد أن استأذنت منه في ذلك، وقد وافق -بارك الله فيه- على ذلك؛ حِرصًا منه على الإفادة واقتناعًا منه ومنّي بـجودة الـحراك الفكري والفقهي العالي الـموصول بالواقع بـماجرياته وتداخلاته. وأَشهد لأخي الذي أُحبّه أنّه من رجالات الفكر والنظر، وأنّه صاحب أدب وقيم، وهو مـمن أسهموا منذ عُقودٍ في مسيرة الدين وحراكه وتصاعده. فضلا عن حُبّه للعلماء والصالـحين وغيرته على الأمة. 

ونُورد فيما يلي السؤال، ثم نعقبه بالـجواب. والله يكتب لنا جـميعًا الفضل العظيم والود الأصيل.

 

السؤال:

سيدي د. نور الدين الـمحترم، السلام عليكم ورحـمة الله وبركاته.

اطلعت على فيديو فتوى شرعية في موضوع الساعة، فعزمت أن أدلي بدلوي فيه، مع الاعتذار للتطاول على الـمقامات، والتدخل في غير اختصاص.

السؤال: بعد إغلاق الـمساجد بسبب تفشي وباء كورونا، هل تـجوز صلاة الـجمعة عن بُعد واتباع الإمام عبر التلفاز أو الراديو أو غيرها من وسائل الاتصال الـحديثة؟

والـجواب كما تقول اللجنة الـمتخصصة في الاتـحاد العالـمي لعلماء الـمسلمين هو عدم الـجواز، والبديل عند تعذّر حضور الـمصلين في مكان واحد هو صلاة الظهر. طبعا أنا احترم هؤلاء السادة العلماء حقّ الاحترام والتقدير، وأُجِلّ عِلمهم وقَدرهم؛ لـمعرفتي بـهم وبعلوّ منزلتهم العلمية، وأتفهّم أيضا أنه قد لا يكون من الـحِكمة افتاؤهم بغير ما أفتوا به للفكر التقليدي السائد ولـحساسية الـمسألة الدينية ولأسباب عديدة أخرى... ولذلك أنا ملتزم بـما أفتوا به لعدم تـخصّصي الشرعي.

لكني بصفتي مسلما أُمِر بتعلم أصول دينه، الذي يـحثه على التدبر والتفكر، وبصفتي إنسانا خلقه الله كائنا يفكر وخَصّه بعقل يزن الأمور ويُرجّح بين الـمسائل، أعترف أنني لـم أستطع كبح تساؤلات خامرتني والتي ستظل تـحدثني وتلح علي. كررت الاستماع إلى الفتوى لعلي أجد في ثناياها ما يروي شغفي، فلم أجد فيها حُججًا دامغة تدعم موقف عدم جواز الصلاة عن بُعد وتدحض بشِدّة فكرة إمكانيتها.

1- فالاجتماع حاصل وإن كان افتراضيا أي عن بُعد، وهو وسيلة عصرية، ابتدعها البشر حديثا، فلا يـجوز دحضها بناءً على آراء الـمتقدمين،

2- والاجتماعات عن بُعد تُـحقّق ما تُـحقّقه الـمباشرة من مقاصد، ويعتمدها الإنسان الـمعاصر لأخذ القرارات الـهامة وحتى الـمصيرية،

 3- وزمان الصلاة الأسبوعية مُلتزم بتوقيت ظهر الـجمعة، فلا خلاف في ذلك،

4- والتفرغ للاستماع للخطبة حاصل،

5- واتباع الإمام والاقتداء به في حركات الصلاة حاصل أيضا.

طبعا، الشرط الوحيد الذي لا يـحصل هو الـحضور الفعلي للجسد في نفس الـمكان من الأرض وخلف الإمام (أما الـحضور الذهني فالله أعلم به في كل الـحالات!). وهذا العنصر، هو موضوع الاجتهاد والإفتاء. فهل يـخل فعلا بـجواز الصلاة؟

لقد رأيت الناس، وقد كنت بنفسي من بينهم، يُصلّون في الـحرمين الشريفين، وفي الساحات الـمحيطة بالـمساجد، على بُعد عشرات بل مئات الأمتار عن الإمام، سواء كانوا في الردهات الـخلفية للحرم أو في دهاليزه السفلية أو طوابقه العلوية أو حتى من شُرفات الفنادق. وفي جـميعها لا يصل إلا الصوت لأنّ بينهم وبين الإمام حواجز إسـمنتية، وليس هناك اتصال أو مشاهدة مباشرة مع الصفوف التي خلف الإمام، ومع ذلك لم يُفت الـمُفتون ببطلان تلك الصلوات وعدم جوازها.

هذه فتوى تـمسكت بالرأي التقليدي وفضلت السلامة على أن تُـحرّك مياه ساكنة للاجتهاد أو تُثير زوابع هي في غنى عنها، فوجدتـها لـم تراع تغيّر الزمان وتبدّل الأحوال وتوفر وسائل لـم تكن في متناول القُدماء من علماء الـمذاهب الأربعة.

 

الـجواب:

وعليكم السلام ورحـمة الله وبركاته حضرة الأخ العزيز وبارك الله فيكم على تفاعلكم وعلو أدبكم، والفتوى حساسة جدا كما قلتم. واشتراط الـمكان في الـجمعة والـحج ونـحوه حكم قطعي في العبادة لأمور:

  1. للنصوص الصريـحة في تـحصيل مكان الـجُمعة، كقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ} [الـجمعة: 9]، وحديث: «مَنِ اغتسلَ يومَ الـجمعةِ فأحسنَ غُسلَهُ، وتطَهَّرَ فأحسنَ طُهورَهُ، ولَبِسَ مِن أحسنِ ثيابِهِ، ومسَّ ما كَتَبَ اللَّهُ من طِيبِ أهلِهِ، ثُمَّ أَتَى الـجُمعةَ، ولـم يَلْغُ، ولـم يُفرِّق بينَ اثنينِ غُفِرَ لَهُ ما بينَهُ وبينَ الـجُمعةِ الأخرى[1]»، وغيرها... فهي نصوص صريـحة في الانتقال من البيت إلى مكان الـجمعة، وأيضا لأحاديث الـمشي إلى صلاة الـجماعة والـجمعة.
  2. أنَّ الـمكان في الـجمعة حُكمٌ تعبّدي مُنضبِطٌ، كحُكم الزمان؛ فالاجتهاد فيهما بالتغيير يأتي عليهما بالإبطال بـمرور الزمان وتغيّر الأحوال. وحقيقة الـجمعة أنّـها صلاة جـماعة يـحصل بـها الائتمام بالإمام. والائتمام هو الركن الركين للجمعة، ومن دونه لا تكون هنالك جـمعة أصلا، لُغةً وعُرفًا واصطلاحًا، وحقيقته أنّه اجتماعُ الإمام مع الـمصلين في مكان واحد من حيث الإتيان بـجميع أحكام الـجمعة كتقدم الإمام وتوالي الصفوف خلفه، وعدم تقدمهم عليه، والاقتداء به في جـميع أعمال الصلاة من غير انقطاع وتوقف واتباعه في ركوعه وسجوده، ورؤيته وسـماعه، أو رؤية الصفوف والاستماع لتكبيراته وقراءته، وإن كان عن طريق "الـمكروفون" أو الـمُبلِّغ في الـمكان الواحد. وهو يـختلف عن سـماع "مكروفون" التلفزة والـمذياع عن بُعد؛ لاختلاف الأمكنة وتباعدها وتَفرّق الـمُصلين. ولا شك أنّ تعدّد الأمكنة وتباعدها يُفوّت حقيقة الائتمام بإمام الـجمعة. وهو ما دلّت عليه النصوص والـمقاصد والوسائل والعمل، وما يـجري به التعبّد الـخالص والتقيّد الواعي بـمُحكمات الدين وانضباط الأحكام، والتسليم الواعي الـمعقول من الـمكلف العابد لله بالاختيار كما هو العابد له بالاضطرار.
  3. هذا الـحُكم وسيلة لـمقصد، والـمقصد هو إدراك الـجمعة في مكانـها، والنص في هذا صريح، وهو قوله: {فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ} [الـجمعة: 9]، أي: فامشوا وانطلقوا إلى الـجُمعة، فالسعي وسيلة، وذكر الله (أي: الـجمعة) هو مقصود. وهذه الوسيلة مطلوبة لتحصيل الجمعة، مثل وسيلة الوقت ووسيلة الصف في الـجماعة، وقد جاء في القاعدة الشرعية: "الوسائل لـها أحكام الـمقاصد[2]".
  4. اشتراط وحدة الـمكان بـحدّ ذاته مقصود ومعقول الـمعنى وله مصالـح لا تتحقّق إلا به، وهي الاجتماع الـحقيقي وما يترتّب عليه من إحياء الـجماعة وإعلان الـمشهد البشري بصورة منتظمة ودورية لا تقبل التعطيل أو التشويش بأنْ يَطالـها النظر العقلي؛ ما قد يأتي عليه بالإبطال والفوات. ولذلك جعلها الشارع حُكمًا ثابتًا في هذه الشكلية الـمكانية لـمقاصدها العالية. ولـها نظائر في فلسفة القوانين، كاشتراط الزمان في الـمواعيد الإدارية ومدة التقاضي وأزمنة السفر والإنتاج والامتحانات... فالشكل معقول الـمعنى من جهة مقاصده التي تزيد على مقاصد تغييره واستبداله. ولو قُدر في السابق بتجاوز شرط مكان الـجمعة بالاجتهاد الـمصلحي لآلت الـجُمعة إلى تـجمعات متفرقة لا يربطها رابط، ولـما مَثّلت مُقوّما عظيما للأمة والـهوية.
  5. ما هو الضابط في إقامة الـجُمعات عبر الاتصال الافتراضي؟ من حيث تعيين الإمام بكفاءة واستحضار شروط الـخُطبة، ومن حيث الزمن والـهيئة وتعزيز الوجود الفعلي الـحيوي والالتزام بالأُطر التنظيمية لاجتماع الـجمعة وقضية السياسة الشرعية والنظام العام. وسوف تقوم عندئذٍ مـجموعات افتراضية و"قُروبات فايسبوكية وواتسابية" لا حصر لـها، وسوف تُقيم كل مـجموعة الـجمعة وحدها، ورُبّـما تُقام عشرات أو مئات الـجُمعات في حَيّ واحد وقرية واحدة، ويكفي لذلك فقط أن يكون هنالك جوال ذكي ينقل الـخطبة والصلاة من أي مكان، وغيره.
  6. الاستدلال بكون الـجمعة حاليا فاقدة للمقاصد والفوائد العلمية والـمُجتمعية، بسبب ضعفها وتراجعها، وكونـها غير متساوية الصفوف للتفرق في الـمسجد الواحد وغيره... فهذا صحيح من حيث وُقوعه في كثير من الـجُمعات، وهو إخلال بآداب الـجمعة وأحكامها، وعليه ملاحظات كثيرة ومواقف فقهية بين بطلانه وكراهيته وصحته... غير أنّه قد استوفى الشُروط الفنية التعبدية الـمطلوبة في اجتماع الـجمعة والـمكان الواحد. ومثله مثل حضور الـموظفين في مكان العمل الذي هو شرط، ولا يُصار إلى خلافه إلا عند الضرورة، ومهما كان هذا الـحضور شكليا أو بقليل فوائد فهو مع ذلك مطلوب لذاته  من جهة كونه وسيلة كما قُلنا قبل قليل. وعندما يكون هنالك أخطاء في صفوف الـجمعة وآدابـها، فالأصل أن نُصلح هذه الأخطاء لا أن نستبدل الـمكان الواحد للجمعة بعشرات الأماكن بأداء الـخطبة والصلاة بالأنترنت، وهو ما يزيد تفريق الصفوف وتباعدها.
  7. لو تَساهل العُلماء في التنازل عن الـمكان في الـجمعة تـحت مصالـح الـجمعة بالتلفزة والراديو؛ لتَنادى الناس إلى عدم الـحج إلى مكة، وعدم الزيارة إلى الـمدينة، وعدم الرباط إلى الأقصى، ولاكتفوا بالـحج والعُمرة والزيارة والأقصى عن بُعد، ولاكتفوا بالـجلوس في بيوتـهم ومتابعة الفضائيات في ذلك، وهو ما يدلّ على أنّ الـمكان مقصودٌ في العبادات كالـجمعة والـحج والقدس. ومِنْ أُولى نتائج إسقاط شرط الـمكان في الـجمعة، إسقاطه في سائر الصلوات، وهو ما يُعطّل أو يُلغي الـمساجد ومقاصدها بالكُليّة، بالاقتصار على الـمصليات الالكترونية والـمساجد الافتراضية.
  8. فوائد الصلاة عن بُعد موجودة، ومنها اليُسر والتخفيف والتحصيل العلمي والشعور بالاجتماع الافتراضي والدعاء. ويـحصل مع هذه الصلاة عن بُعد الغسل والتكبير والتبكير بالـجلوس أمام التلفزة قبل ساعة من بداية الـخطبة مثلا، لكن هذه الفوائد تُفوّت الـمصالـح الـحقيقية في الاجتماع كمصلحة الوحدة والتفاعل في تعزيز الرابطة وإظهار الـمشهد الـجمعي الـمُنضبط الـمُطرد بشكل أسبوعي وبـحضور فعلي وتواصل حسي ومعنوي... وقد ذُكِر أنّ فوائد التواصل الإلكتروني مهما تعاظمت، فهي قليلة أمام مصالـح الـحضور الفعلي بالـمكان الواحد، وقد جعل العلماء هذا من قبيل الـمصالـح الـمُلغاة التي لا اعتبار لـها ولا فائدة؛ لتفويـتها لـمصالـح أكبر وأعظم، كمصلحة الـخمر والـميسر واختراع  هيئة جديدة في عبادة منضبطة.
  9. الـموقف الذي أصدرناه في فتوى منع الـجمعة عن بُعد نَبَعَ فقط من اعتقادنا في هذا الـحُكم ومشروعيته وليس له أي مسايرة للعامّة أو رُضوخ لـحماسها وضُغوطها. ولو وجدنا أي مسوغ شرعي لإسقاط شرط مكان الـجمعة، لفعلنا دون أن نَعبأ برُدود الـجماهير أو أصحاب النظر التقليدي. وقد كُنّا مثلا صرحاء في فتوى تعليق الـجماعة والـجمعة في الـمساجد بسبب الوباء، وتَلقَيْنا مـجموعة من الاتـهامات والتهكمات والردود العنيفة، إلى درجة التهديد بوعيد الله لـِمَنْ مَنَعَ مساجد الله من أن يُذكر فيها اسـمه وسعى في خرابـها... ولكن ذلك لـم يَـمنع ولن يَـمنع -بإذن الله- مِن أن نصدع بالـحقّ بـحسب ما نَعلم ونَعتقد.
  10. هذه الصورة ليست هي الصورة الأخرى التي فيها الصلاة في البيوت عند تعذرها في الـمسجد بسبب الوباء. وهي الصورة التي فيها كلام تفصيلي لا نورده الآن، وهي أيضا غير الصورة التي تُؤدَى فيها الـجمعة في غير الـمسجد -لِمن لـم يشترط الـمسجد في الـجمعة-، كالـجمعة في السجن مثلا لـمساجين، أو في الغرب في مركز إسلامي، أو في جامعة أو كلية أو مؤسسة، أو في فضاء يُـجمع الـمصلين بالاتفاق عليه وبـحضور الإمام مع الـمأمومين في مكان واحد. إذ الـمُهمّ أن يكون الـمكان واحدا للإمام والـمصلين معه.
  11. قد جَعَلَ الشرع الظُهر بدلا عن الـجمعة عند التعذّر. وهذا ثابت بالنص الشرعي اليقيني القطعي، وهو الـمعروف بالرخصة الشرعية، كرخصة التيمم. وعليه فلا يـجوز تـجاوز هذه الرخصة الـمنصوص عليها، وهي رِفقٌ ورَحـمةٌ وسقوطٌ للواجب بالعزيـمة وانتقال إلى الواجب بالرخصة، وبـهـا تَبْرأُ الذمة بـما شرعه الـمعبود سبحانه، فكيف نبحث عن بديل آخر في عبادة الـجمعة أساسها التسليم والقبول وتـحقيق مراد الـمعبود الذي لا يرضيه مـخالفته فيما شرع بـهيئة مـخصوصة وزمان مـخصوص ومكان مـخصوص، إذ "لا يُعبَد الشارع إلا بـما شَرَعَ". ومعلومٌ أنّ أحكام الشرع تتراوح بين العزيـمة في الوضع العادي وبين الرخصة في الوضع الاضطراري، وليس هنالك وضع ثالث كالصلاة عن بُعد، أو طهارة بالشيء الـجاف والتعقيم بالمطهرات الطبية بدلا عن التيمم والوضوء. ذكر لي الشيخ الدكتور أحـمد الريسوني تعليقًا على هذه الفقرة: "غير أنّ حجر الزاوية عندي هو: هل هذه الأشكال "الـمُستحدثة" الـمدعو إليها، لصلاة الـجمعة فرضٌ بديل على الـمسلمين أو هي مـجرد تطوع وتورع واجتهاد في العبادات؟ وإذا كانت فرضًا، فمن قال بـهذا ومن أفتى به من العلماء؟ وهل الترخيص الـمُفتى به في ترك الـجمعة -إلى أن يرتفع العذر- ترخيص صحيح أو باطل؟ فإذا صح الترخيص فقد ظهر مطلوب الشرع وانتهى الكلام، ونعوذ بالله بعد ذلك أن نكون من الذين «يَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ»". وإذا كان هذا الترخيص باطلا، فهذا هو مـحل الكلام، والـمطلوب فيه البيان.
  12. صلاة الـجمعة في مكان واحد، ظل عملا للأمة طيلة أربعةَ عشرَ قَرْنًا في كافة البلدان، وهو مع ذلك إجـماع الصحابة وعليه اتفاق الـمذاهب الفقهية.

وعليه أقول لأخي الـحبيب: الـجمعة نؤديها إما في مكان واحد في الأصل، أو نؤديها ظهرا في الاستثناء. وهو ما نتعبد الله تعالى به، ونُـجدّد فيه النظر والعمل بـما لا يعود على هذا الأصل والاستثناء من الإبطال. وهذا قد دَلّ على تـجدّد إعجاز تشريع الـجمعة وأمثالـها، من حيث مواكبة مـختلف الأحوال الاختيارية والاضطرارية.

وفي الـختام أُجدّد لك الشكر الـجزيل، وقد أسعدتني بـهذه الرسالة، وحـملتني على أن افتتح بـها صباحي، وأن نثري بـها حراكنا الفقهي وبياناتنا العلمية وتواصلنا مع الناس، والله يـحفظكم. والـحمد لله تعالى.

مـحبكم نور الدين الـخادمي.

وكتب يوم الأربعاء 25/03/2020 الـموافق لــ 01 شعبان 1441 هجرية

 


[1]  أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الزينة يوم الـجمعة برقم 1097. وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن تَوضَّأَ، فأحسَنَ الوُضوءَ، ثُم أتى الجمعةَ، فاسْتمَعَ وأنْصَتَ؛ غُفِرَ له ما بَينهُ وبين الجمعةِ الأُخرى، وزِيادةُ ثلاثةِ أيامٍ، ومَن مَسَّ الحَصى؛ فقدْ لَغا». صحيح مسلم، كتاب الـجمعة، باب فضل من استمعَ وأَنصتَ في الـخُطبةِ برقم 857. وقال عليه الصلاة والسلام: «مَن أَتَى الـجُمعةَ فلْيغتسِلْ». أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الـجمعة، باب ما جاء في الاغتسال يوم الـجمعة برقم 492، 493 وابن ماجه في سننه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة برقم 1088، وأحـمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمر برقم 5005، 5008، 5142...

[2]  معلمة القواعد الفقهية والأصولية، 4/299، مؤسسة زايد بن سلطان آل نـهيان للأعمال الـخيرية والإنسانية، أبو ظبي - الإمارات العربية الـمتحدة، مـجمع الفقه الإسلامي الدولي، ط/1، 1434هـ - 2013م.

 

 


: الأوسمة



التالي
الإسلام ورعايته للصحة
السابق
الأخذ بالأسباب في القرآن الكريم: نماذج من آيات بينات

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع