بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى رقم 5
الخميس 9 شعبان 1441هـ الموافق ل 02/04/2020م
الحكم الشرعي بتعجيل دفع الزكاة قبل إتمام الحول
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد وردنا سؤال عن حكم تعجيل الزكاة في هذه الظروف التي أحاطت بالعالم كله جراء جائحة كورونا فنقول وبالله التوفيق: يجوزعلى قول أكثر أهل العلم من المتقدمين والمعاصرين تقديم وتعجيل دفع الزكاة لكل من ملك النصاب إذا كان هناك مصلحة شرعية معتبرة تدعو إلى هذا التقديم والتعجيل، وما يمر به المسلمون وغيرهم في هذه الأيام بسبب جائحة وباء كورونا (كوفيد-19) وما نجم عن هذه الأزمة من تعطيل للأعمال، وتوسيع دائرة الفقر والفقراء، وعدم قدرة شرائح مجتمعية على توفير مستلزمات الحياة الضرورية من الغذاء والدواء والعلاج من جهة، وحفظ أرواح هؤلاء وأنفسهم من الهلاك والضياع، ورفع الحرج والمشقة عنهم من جهة أخرى؛ كلّ ذلك مصالح شرعية معتبرة وعاجلة تتشوف الشريعة الغراء إلى تحقيقها وتذليل الصعاب أمامها، الأمر الذي يعزز ويدعم القول بتعجيل الزكاة أكثر من أي وقت مضى.
قال الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء (1/ 455): "قال أصحابنا: يجوز تعجيل الزكاة قبل الحول"، وقال ابن قدامة في المغني (2/ 470): "متى وُجد سببُ وجوب الزكاة، وهو النصاب الكامل، جاز تقديم الزكاة"، وقال ابن حجر في فتح الباري (12/331): "فإن الوجوب قد تقرر من أول الحول، ولذلك جاز التعجيل قبل الحول".
ومن أدلتهم على جواز هذا التعجيل والتقديم:
- عن علي رضي الله عنه أنّ العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل زكاته قبل أن تحل فرخص له في ذلك" قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
- عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: "إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام" رواه الترمذي.
ومن أراد المزيد عن الموضوع فلينظر: الفتوى الصادرة من مجموعة من علماء الأمة (56 عالماً) بهذا الصدد في يوم الأربعاء غرة شعبان 1441هـ.
ونص الفتوى:
فتوى لعدد من كبار العلماء بجواز تعجيل الزكاة قبل مضي الحول نظراً لجائحة وباء كورونا (كوفيد – 19) أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ الأجلاء ما قولكم دام نفعكم في من يُخرج زكاته في رمضان. هل يمكن له إخراجها قبل مضي الحول في ظل انتشار (كورونا) حتى يتسنى للفقراء شراء مستلزماتهم الأساسية؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
أخرج الإمام أحمد و أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وغيرهم عن علي رضي الله عنه أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل زكاته قبل أن تحل فرخَّص له في ذلك وهذا حديث صححه بعض العلماء، وحسنه بعضهم.
وأخرج الترمذي من حديث علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: ((إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام)). قال الترمذي رحمه الله: وذهب أكثر أهل العلم إلى جواز تعجيل الزكاة.
وتعجيل دفع الزكاة لمن مَلَك نصاباً قبل مضي الحول، بأن يخرجها قبل وقتها لمصلحة وُجدت، كأن تكون للفقراء حاجة عاجلة، أو نزلت بالمسلمين نازلة أو جائحة، هو قول جماهير أئمة العلم: كأبي حنيفة والشافعي وأحمد.
وبناءً على ما تقدم ولأن حفظ النفوس ضرورة من الضرورات التي حرص الشرع على صيانتها، نفتي بجواز تعجيل الزكاة قبل وقتها بشرط أن يبلغ المال وقت التعجيل النصاب، وذلك نظراً لحاجة الفقير إلى المال، لتأمين المستلزمات اللازمة في هذه الظروف الصعبة كالغذاء والدواء والعلاج وغيرها، وكذا تخفيفًا لمعاناة بعض من تعطَّل عن العمل ولحقه ضرر بالغ بيِّن من جراء هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به العالم، بسبب الجائحة التي اجتاحته؛ والمعروفة بفيروس كورونا (كوفيد – 19)
نسأل الله سبحانه أن يلطف بالبلاد والعباد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
والحمد لله رب العالمين.
لجنة الفقه والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الشيخ الأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي رئيسا
الشيخ الدكتور فضل مراد عضوا ومقررا
الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد جاب الله عضوا
الشيخ الدكتور سلطان الهاشمي عضوا
الشيخ الدكتور أحمد كافي عضوا
الشيخ ونيس المبروك عضوا
الشيخ سالم الشيخي عضوا
الشيخ الأستاذ الدكتور صالح الزنكي عضوا
الشيخ الدكتور محمد الرايس عضوا
الشيخ الأستاذ الدكتور علي القره داغي أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين