الرابط المختصر :
شهر لتجديد الإيمان
أ . د يوسف القرضاوي
شهر رمضان فرصة لتجديد الإيمان , وإحياء القلوب به , ورد الشاردين إلى ساحة الله , فينتبه الغافل , ويتذكر الناسي , ويتوب العاصي , ويقف الجميع على باب الرحمن الرحيم , قائلين ما قال أبوهم من قبل : (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)
إنه شهر الروح والسمو بها .
فالإنسان - بحكم طبيعته المزدوجة - يسمو تارة ويهبط أخرى , يحلق حيناً في آفاق روحية عليا , كأنه ملَك ذو جناح , ويتمرغ حيناً في أوحال المادة والشهوة كأنه حيوان من ذوات الأربع .
فلا عجب أن نراه يعثر كما ينهض , ويخطئ كما يصيب , ويعصي كما يطيع . ولكن الله جعل له أكثر من مصفاة وأكثر من مطهرة يغتسل بها من أدرانه ويتطهر بها من خطاياه , يخرج منها نظيفاً نقياً , كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس .
فهناك مصفاة يومية هي الصلوات الخمس .
وهناك مصفاة أسبوعية وهي صلاة الجمعة .
وهناك مصفاة سنوية وهي صيام رمضان وقيامة .
يقول الحديث النبوي الذي رواه مسلم في صحيحه : (الصلوات الخمس , والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر).
فمن لم تطهره الصلوات اليومية , ولا الجمعة الأسبوعية , كانت لديه فرصة في رمضان ليتطهر فيها بحسن الصيام والقيام , ويحوز مغفرة الله تعالى لما فرط منه . فإن فاتته هذه الفرصة فهو الشقي المحروم . ورد أن جبريل عرض للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يرتقي المنبر فقال : (بعُد من أدرك رمضان فلم يغفر له) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : آمين ! فيا بؤس من دعا عليه أمين الوحي وأمن عليه خاتم الرسل (1).
فالصلوات الخمسة هي ميزان اليوم , والجمعة ميزان الأسبوع , ورمضان ميزان العام