موريتانيا: يتصدرهم الشيخ الددو .. علماء وشخصيات عامة يطالبون سحب قانون العنف المخالف للشريعة الاسلامية والفطرة السليمة
طالب المئات من العلماء والأئمة وشخصيات علمية واجتماعية في موريتانيا، الرئيس الموريتاني السيد محمد بن الشيخ الغزواني، سحب قانون العنف المخالف للشريعة الاسلامية والفطرة السليمة.
وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة مفتوحة لرئيس الجمهورية
إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد/ محمد بن الشيخ الغزواني
الموضوع: المطالبة بسحب مشروع قانون العنف ضد المرأة والفتاة.
فخامة الرئيس:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا شك أنكم تدركون أكثر من غيركم - بحكم التربية والنشأة - أن مصلحة الشعب الموريتاني هي تمسكه بدينه فهو الذي يضمن الانسجام والاستقرار والألفة بين مكونات الشعب وطبقاته، وقد نص دستور الجمهورية أن دين الدولة هو الإسلام وأن رئيس الجمهورية هو حامي الدستور.
ومن هذا المنطلق فإننا نحن الأئمة والعلماء والأعيان وقادة الرأي نلتمس من فخامتكم التدخل لسحب وإلغاء قانون "العنف ضد المرأة والفتاة" المنبثق من الاتفاقيات الدولية المخالفة للشرع، كـ(اتفاقية سيداو) التي تنص في مادتها الأولى على وجوب تمتع المرأة بالحرية الكاملة غير المحدودة مختومة بعبارة "بصرف النظر عن حالتها الزوجية" (!) وكـ(إعلان ومنهاج عمل بيجن) الذي جاء في ماتدته 96 بالنص: "وتشمل حقوق الإنسان للمرأة حقها في أن تتحكم وأن تبت بحرية ومسؤولية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية ... وعلاقات المساواة بين الرجال والنساء في مسألتي العلاقات الجنسية والإنجاب، بما في ذلك الاحترام الكامل للسلامة المادية للفرد، تتطلب الاحترام المتبادل والقبول وتقاسم المسؤولية عن نتائج السلوك الجنسي" وغيرها من الاتفاقيات ذات الصلة.
ولئن كان الهدف من هذا القانون حماية المرأة فإن في شريعتنا الإسلامية، ومنظومتنا القانونية المستندة إليها – بحمد الله - ما هو كفيل بحماية كل أحد، ورفع الظلم عن كل مظلوم، وإيصال الحق لكل صاحب حق، إن أحسنا التطبيق، وكنا جادين في التنفيذ.
وقد تتبعنا فقرات مشروع القانون المحال من الحكومة إلى الجمعية الوطنية فوجدنا فيه موادَّ كثيرة مخالفة للشريعة ومنافية للأعراف والتقاليد الخلقية للمجتمع، ونعتبر أن في إقراره تفكيكا للأسر، وإطلاقا لأيدي السفهاء والسفيهات للعبث بالمجتمع وتحويله إلى كتل متقاتلة متناحرة.
وقد أرفقنا لكم مع هذه الرسالة ملاحظاتنا على بعض مواد مشروع القانون؛ مما نجزم أنه كافٍ للفت نظركم الكريم لخطورته، وإصدار أمركم المطاع بسحبه.
ملاحظات على مشروع قانون
"العنف ضد النساء والفتيات"
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد/
فهذه ملاحظات عجلى على مشروع القانون المدعو: "قانون يتعلق بمكافحة العنف ضد النساء والفتيات" الذي أحالته الحكومة الموريتانية إلى الجمعية الوطنية في 07/05/2020 في العشر الأواخر من رمضان 1441هـ.
وقد حاولنا جاهدين تلمس التوجيه لما يمكن توجيهه وتأويله من مواد هذا القانون؛ باعتبار أن إجازته ستكون ذات جدوى اقتصادية للبلد، وباعتبار بلادنا ملزمة بما التزمت به الدول المشابهة من بنود تتفق مع هذا القانون ما أمكنها ذلك.
لكن ملاحظتين كانتا تعترضان الناظر أمام أي تسويغ أو تأويل:
• أن المواثيق المؤسسة لهذا القانون والمأخوذَ نصه وفحواه من موادها صريحة في مراميه، وواضحة في غاياته، وهي ماثلة أمام الجميع، بصياغاتها التي لم توضع للمجاملة ولا للتجميل، وبغاياتها الصريحة والواضحة، وقد كتبت فيها المجلدات، ونوقشت فيها الرسائل منذ أكثر من عشرين سنة شهباء مضنية (كاتفاقية سيداو، وإعلان ومنهاج عمل بيجين، ومقررات مؤتمرات المرأة والسكان عموما).
• أن تجميل الصياغات وتسويغ العبارات لا يغير من واقع القانون شيئا؛ فما هو إلا محاولة لتطهير لحم الميتة والخنزير؛ ففرق كبير بين المتنجس والنجَس.
وقبل إبداء ما لدينا من ملاحظات على مواد النسخة ذات الـ 55 مادة؛ ترجيحا أنها المحالة للبرلمان، مع انتشار نسخة أو نسخ أخرى - وإن كان المحتوى لا يختلف كثيرا - نحب أن نقدم ملاحظات عامة عجيبة وغريبة، وهي أن هذا القانون والقوانين التي يدور في فلكها:
- تعتبر المرأة كائنا غريبا مطارَدا يعاديه الجميع ويكيد له، وليست عضوا أصيلا في الأسرة والمجتمع؛ تحتضن وتحفظ بنتا، وتخدم وتكرم أختا، وتصان وتحرس زوجة، وتُبَر وتُجَل أما.
- تحتقرها وتتعامل معها كما يعامل المجنون - أو حتى البهيمة - له حقوق وليس عليه واجبات!
- تزرع جوا هائلا من العداء المقيت بين المرأة والرجل وبينها وبين المجتمع.
- تتجاهل الفروق البنيوية بين الذكر والأنثى، وخالقهما سبحانه قد قال: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كالأنثى) واكتشف من اكتشف من علماء الأحياء الفروق الخِلقية بينهما، وألف في ذلك من ألف من المسلمين وغير المسلمين.
- لولا تلك المنظمات والمؤتمرات الدولية للأمم المتحدة فما الداعي لقانون يحمي المرأة في مجتمعنا المعروف بسيادة المرأة وتكريمها وتبجيلها.
- لولا الترجمة من النصوص الغربية – التي تفرق لغاتها بين المرأة والفتاة - فلمَ النص على "الفتيات" بعد "النساء" اللهم إلا إذا أسأنا الظن – وحُق لنا – فاعتبرناه استهدافا للفتيات لإخراجهن لمجالات الفسوق المختلفة، وهو ما ستنص عليه بعض المواد صراحة.
- لم ترد في مشروع القانون هذا كلمة واحدة عن الأم التي حملت كرها، ووضعت كرها، ورَبَّت دهرا، أفليست امرأة تستحق الرعاية والحماية المزعومة؟! أوَليس هذا دليلاً آخرَ على الأهداف السيئة لهذا القانون وتعمُّدِ كاتبيه مناقضةَ شرع الله ومصادَمةَ فطرتِه التي فطر الناسَ عليها؟! فأين هذا من قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا)؟!
- لم يُصَغ هذا القانون الصياغة القانونية المعهودة، والتي من شأنها ألا تترك مجالا للتأويل ولا لتعدد التفاسير، وسبب ذلك – كما هو واضح لمن اطلع على القوانين المأخوذ منها – أن تلك القوانين صريحة في مراميها الجُرمية، وهذا القانون يستحيي من استخدام عباراتها، مع الحرص على روحها ومضامينها، فيتستر خلف العبارات الغامضة غير المحددة، وأمثلة هذا كثيرة جدا، سنذكر بعضها في التفصيل.
- وأخيرا: فإن في القانون الجنائي الموريتاني – الموضوع تحت أيدي القضاة حاليا - غِنىً عن كل هذا من حيث العقوبات المرتبة على ما هو جرم حقا، بل عقوباتها فيه أنكى وأبلغ مما في هذا القانون المستورد، كما سيتضح في التفصيل إن شاء الله.
الملاحظات على المواد:
م2/ جاء فيها النص التالي: "أي عنف موجه ضد الإناث يتسبب أو قد يتسبب في إلحاق أذى أو معاناة بدنية أو جنسية أو نفسية أو أدبية أو اقتصادية أو ثقافية، بالنساء والفتيات، بما في ذلك التهديد بمثل هذه الأعمال، أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء في الحياة العامة أو الخاصة".
وجميع هذه الفقرة حقل ألغام؛
• إذ لم يعرف "العنف" وبقي تكييفه خاضعا لأهواء من أراد الإضرار بجاره أو شريك حياته، وبالطريقة التي يرى.
• ولم يحدد معنى لـ"الحرمان التعسفي" فهل هو بمنع البنت من الفاحشة إن أرادتها، أو منع الزوجة من اتخاذ خدن تريده، أو غير ذلك؟!
• ولم يحدد معنى لـ"الحرية" هل هي الحرية الآدمية المحمية بالكتاب والسنة والفطرة النقية؟ أم الحرية التي تقررها "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" (سيداو) التي تنص في مادتها (15) الفقرة (4) على أن:"تمنح الدول الأطراف - الرجل والمرأة - نفس الحقوق فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم" وفي "إعلان وميثاق عمل بيجن" في مادته 96 ونصها: "وتشمل حقوق الإنسان للمرأة حقها في أن تتحكم وأن تبت بحرية ومسؤولية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية، بما في ذلك صحتها الجنسية والإنجابية، وذلك دون إكراه أو تمييز أو عنف"؟!
• ثم جاءت العبارة الأخرى "سواء في الحياة العامة أو الخاصة" والتي لا تسمح لأي أسرة أن تكون في حياتها خصوصية، فالحياة الزوجية والعائلية لا اعتبار لها في هذا القانون النشاز عن الفطرة والدين والخلق.
م4/ لم يحدد معنى لـ"الانحراف الجنسي" ومع ذلك وضعت عليه العقوبة، فكيف يعاقب القانون على أمر غير محدد؟!
م8/ تحيل هذه المادة إلى مؤسسة سوف تنشئها الدولة – مجهولة الضوابط والآليات والصلاحيات - بهدف إشاعة منكر القذف في المجتمع والتهوين من أمره، والله عز وجل قد قال: (لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ).
م24/ في هذه المادة تناقض عجيب؛ فمن جهة تصرح بعدم المساس بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 309 من القانون الجنائي عند توفر الشروط، ونص المادة المحال إليها:"يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من يحاول ارتكاب جريمة الاغتصاب، وإذا تمت الجناية فإن الجاني يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة زيادة على الجلد إذا كان بكرا كما يعاقب بالرجم وحده إذا كان محصنا" ومن جهة أخرى تردف مع عدم المساس بما سبق الحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة، وبغرامة خمسين ألف إلى مائة ألف أوقية!
فأي العقوبتين هي المقررة؟ أم كلتاهما؟ وكيف يجمع بين الرجم مثلا – ومصيره الموت – وبين الغرامة أو الحبس؟!
م25/ وهذه مثل سابقتها تحيل إلى المادة 310 من القانون الجنائي، ونصها: "إذا كان الجناة من أصول من وقع عليه الاعتداء أو كانوا من فئة من لهم سلطة عليه أو من معلميه أو ممن يخدمونه بأجر أو كان خادما بأجر لدى الأشخاص المبينين أعلاه أو كانوا موظفين أو من رجال الدين أو إذا كان الجاني مهما كانت صفته قد استعان في ارتكاب الجناية بشخص أو أكثر فتكون العقوبة هي : الإعدام بالرجم بالنسبة للمحصنين وبالأشغال الشاقة المؤقتة زيادة على الجلد بالنسبة للبكر" ثم تضيف مادة هذا القانون الحبس والغرامة؟!
ثم ما معنى "اللمس الجنسي للمحارم" ومن يحدد كون اللمس جنسيا أم غير جنسي؟
م27/ إذا قصد بـ"تشويه العضو التناسلي للبنت" ما يعرف في بلاد حوض النيل بـ(الختان الفرعوني) فنعم، لكن ما لنا وللختان الفرعوني؟! وإن قصد به مطلق الخفاض فقد ثبت في السنة ووردت فيها ضوابطه، ولا خلاف بين علماء الإسلام في الأمر به، وأقل درجاته الندب، كما هو مذهب المالكية، فلا يصح اعتباره جرما.
م28/ تقول هذه المادة: "كل من يحتجز امرأة أو فتاة تربطه بها علاقة زواج أو نسب، بقصد الأذى..." فما معنى "الاحتجاز" ؟ وهل منه لو منعت ابنتك أو زوجتك من الخروج مع خِدْنٍ آخرَ الليل؟! وما معيار "القصد" والعهد به من أعمال القلوب التي لا يُطلع عليها؟!
م29/ مع استشعار ما في بعض المجتمعات الوطنية من ظلم للمرأة قد يصل لضربها، وهو مجرّم بلا غضاضة، لكن الله عز وجل قد شرع الضرب في نص كتابه وسيلة علاجية لمن خيف نشوزها، بعد علاجات أخرى، وبضوابط بينتها السنة الصحيحة، قال تعالى: (وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) وقال النبي صلى الله عليه وسلم "فاضربوهن ضربا غيرَ مُبرِّح" أي: (غير شاق ولا شائن بحيث لا يكسر عظما ولا يشق جلداً) فكيف نستسيغ التجريم بإطلاق هكذا لأمر شرعه الله تعالى في نص كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟!
م30/ توجب على الناس التجسس والكيدَ لجيرانهم، وتُشعِل المجتمع فتنة، وتعاقب من لم يفعل!
م35/ (كل من يحرم امرأة أو فتاة من ممارسة الحقوق التي يكفلها القانون) لم تحدد في هذا القانون تلك الحقوق، إلا إذا قصد بها ما في م2: (الحرمان التعسفي من الحرية، سواء في الحياة العامة أو الخاصة) وهو أغمض وأكثر شبهة، وتقدم ما فيه.
م36/ هذه المادة مخالفة لصريح القرآن في عدة اللائي لم يحضن، قال الله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) ففي الآية مطلّقة مدخولٌ بها تعتدُّ بالأشهر لعدم بلوغها سنَّ المحيض، ولا تتفق هذه الحالة قطعاً إلا لمن هن دون 18 سنة.
م39/ هي مثل م30 تماما في كونهما توجبان على المجتمع أن يتحول إلى كتل من الجحيم يكيد كل منها للآخر، ويتجسس عليه، وإلا عوقب بمقتضى هذا القانون!
م47/ متناقضة؛ حيث توجب التحقيق من جهة، وتوجب أن يدوَّنَ جرماً (بغض النظر عن نتيجة التحقيق).
كما أن اعتبار(adn) مخالفٌ لمبدأ التحري في إثبات الفاحشة؛ ففي الشريعة الإسلامية لو أن ثلاثة عدول مبرِّزين شهدوا بوقوع الفاحشة – بكافة ضوابط الشهادة فيها – لاعتُبِروا كاذبين، ولاستحقوا حدَّ القذف، ومعلوم أن الحدود في الشريعة تدرأ بالشبهات، فكيف تثبت تهمة الفاحشة في المجتمع المسلم بهذه الخفة؟!
م54/ تعطي الحق للمجرمين والجواسيس والخونة وأصحاب منظمات الحقائب الوهمية في حرق المجتمع، وتجعلهم طرفا مدنيا في أي قضية يرغبون في استغلالها لزعزعته!
م55/ وهي في نسخة أخرى من مشروع القانون برقم 56 والنص واحد: "يلغي هذا القانون جميع الأحكام السابقة المخالفة" يعتبر هذا العموم الصريح المقصود هنا في الختام ناسخاً ما قبله ومهيمناً عليه، وهو مؤيَّدُ بما جاء في اتفاقية (سيداو) في المادة 2 الفقرة (ز) ونصها: "إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة" يكشف بجلاء أن أي عبارة وردت في المواد أعلاه مدعيةً "عدم المساس" بما هو مقرر من قوانين سابقة على هذا القانون أو مُقرّة لها ما هي إلا خدعة لفظية جوفاء وذرٌّ للرماد في العيون.
على أن المرجع دائما في تحديد ما هو تمييز من عدمه هو اتفاقيات ومواثيق الأمم المتحدة ذات الصلة.
وهذه قائمة بتوقيعات العلماء والأئمة وشيوخ المحاضر
http://rimafric.info/node/4828