الرابط المختصر :
الصلابي: القرضاوي ترجم الإسلام فكرا وسلوكا وانحاز للإنسان
في حوار له مع صحيفة "عربي 21)، عضو الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الكاتب والباحث الليبي الدكتور علي الصلابي، يتحدث عن شهادته في أداء الشيخ يوسف القرضاوي وتأثير خطابه في المشهد الإسلامي في ليبيا.
عنوان الوسطية والاعتدال
أكد الكاتب والباحث الليبي في شؤون الفكر الإسلامي الدكتور علي الصلابي، أن العلامة المصري الدكتور يوسف القرضاوي، يمثل العنوان الأبرز والأنصع للوسطية والاعتدال في الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر.
وأوضح الصلابي في حديث خاص مع "عربي21"، التي افتتحت ملفا خاصا حول إسهامات الشيخ القرضاوي في تطوير وإنضاج الفكر الحركي الإسلامي المعاصر، أن الشيخ القرضاوي جمع بين الفكر العلمي الدقيق، المتمثل في شرح وتيسير الفكر الإسلامي للأجيال الجديدة، وبين الترجمة العملية للإسلام في حياتنا المعاصرة.
وقال: "لقد عرفت الشيخ القرضاوي عن قرب لعدة أعوام، واطلعت على أغلب كتبه التي انشغلت بهموم الفكر الإسلامي ومشاغل المسلمين، وقضايا التجديد التي تفرضها مستجدات الحياة، وأدركت حجم الفائدة التي قدمها ليس فقط للإسلام والمسلمين، وإنما أيضا لقضايا التعايش والحوار بين مختلف الثقافات والحضارات".
أفضاله على الصحوة
وذكر الصلابي، أن "الشيخ القرضاوي له أفضال كثيرة بعد الله سبحانه وتعالى، على أبناء الصحوة الإسلامية في مختلف أنحاء العالم العربي، وعلى ليبيا تحديدا، وأنه أسهم في إنقاذ مئات الشباب الليبي المسلم من آفة الاستبداد يوم توسط بينهم وبين السلطات أيام القذافي، كما أنقذهم أيضا من آفة التطرف من خلال فهم مستنير للإسلام، وطرق الدفاع عنه مع الخصوم".
وأضاف: "مازلت أذكر للشيخ القرضاوي نصائحه وتشجيعه لي للحوار مع المعتقلين الإسلاميين في السجون الليبية أيام النظام البائد، وهي حوارات أثمرت مراجعات دينية تستحق أن تتحول إلى مراجع فكرية ودينية حقيقية، لأنها تعبير عن واقع عاشته الصحوة الإسلامية المعاصرة".
وأشار إلى أن "الشيخ القرضاوي كان له الفضل من خلال وساطته مع النظام الليبي البائد في إخراج شباب الإخوان من السجون الليبية، والإسهام في إدارة حوار فكري وسياسي مهم في ليبيا".
وتابع: "لقد أوضح الشيخ القرضاوي مد الله في عمره، من خلال كتبه التي كتبت بلغة عربية ميسرة، أن الإسلام هو دين الفطرة، وأنه جاء لسعادة الإنسان وتهذيب سلوكه وتيسير أمور حياته، فضلا عن أنه قدم له الجواب الشافي عن عالم الغيب، الذي احتارت البرية في كنه أسراره بلغة عربية قربته من عامة الناس، وساهم إلى جانب علماء آخرين في تحرير المسلم المعاصر من هيمنة فتوى السلطان التي احتكرت الدين على مدى عمر الدولة الوطنية الحديثة".
ولفت الصلابي الانتباه إلى أن "الشيخ القرضاوي كان داعية إلى الله عن علم ودراية، وبسلاح الكلمة الطيبة، التي استطاع من خلالها أن يصل إلى قلوب ملايين البشر في مختلف أصقاع العالم".
وقال: "على الرغم من أن الشيخ القرضاوي لاقى من النظام المصري الأمرين، سواء في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، أو حتى في شيخوخته، حيث استهدف أرحامه بالسجن والملاحقة، إلا أنه مع ذلك ظل متمسكا بسماحة الدعوة إلى الله، واحتسب ذلك عند الله تعالى، لا بل إنه لاقى ذلك بالصبر الجميل والدعوة إلى التمسك بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا".
وأضاف: "لم يعرف على الشيخ القرضاوي في أي من كتبه، ولا حتى في البرامج الدينية التي أقامها على مدى أعوام لإشاعة الفكر الديني الوسطي المعتدل، أنه دعا إلى العنف، بل كان داعية حوار وتسامح وتعايش بين المختلفين".
استفاد من ثورة الإعلام
واعتبر الصلابي أن "الوسطية والاعتدال فضلا عن امتلاك مصادر القوة، التي تمثلت في الإعلام، حيث كان الشيخ القرضاوي يربي شباب الإسلام على التمسك بالدين وبقيمه وضوابطه، واعتماد الحوار بالكلمة الحسنة سبيلا للتعامل مع المخالفين، كانت من أهم عوامل القوة التي امتلكها الشيخ القرضاوي والتي أسهم من خلالها في نحت ما أصبح يعرف بمدرسة الوسطية والاعتدال التي أقضت مضاجع الطغاة في مختلف أصقاع عالمنا المعاصر".
وأضاف: "لقد حول الشيخ القرضاوي محنة الاستبداد والظلم الذي تعرض له في مصر، والذي دفعه إلى مغادرة بلاده، إلى منحة، حيث انشغل بالعلم والتصنيف، والترويج للفكر الديني المستنير، بعيدا عن المصالح الحزبية والسياسية الضيقة لأي تنظيم سياسي".
وأكد أن "الشيخ القرضاوي مع أنه كتب ونظر لفكر الإخوان المسلمين، وأرخ لهم، واعتبر أنهم يمثلون التعبير الأكثر نضجا للترجمة الفعلية لمعاني الإسلام، إلا أنه كان بفكره تعبيرا عن صورة الإسلام السمحاء التي تتجاوز الأحزاب والتنظيمات لتصل إلى الإنسان حيثما كان".
المصدر: عربي 21