انا أسعد مخلوق في الدنيا "مقال يارب"
بقلم: أحمد المحمدي المغاوري (عضو الاتحاد)
أعظم نعمه انعم الله بها علينا نعمة الإسلام فبه نفرح (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) به نفرح دين فيه ساعة، وساعة ينظر للدنيا على أنها حلوة خضره، يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الدنيا حلوة خضره) يسعد المسلم البار فيه ويتمتع كما يتمتع الفجار
تقول السيدة عائشة ام المؤمنين الطاهرة المطهرة (ما من شيء يتمتع به الفجار إلا ويتمتع به الأبرار ويزيد عليه تقوى الله).
هذا ديننا فيه لعب وفسحة بما يرضي الله فقط نحوله الى طاعه بتقوى الله ، أن نوجه كل اعمالنا وأقوالنا لله ، كما ورد في الحديث: (إنما الاعمال بالنيات).
نعم أنا اسعد من في الأرض فلي رب رحيم أرجع إليه ، ها هو الفاروق عمر يجمع غنائم فتح العراق ومعه غلام وهي كثير، يقول الغلام يا أمير المؤمنين بفضل الله وبرحمته بذلك نفرح وهو يشير للغنائم فيقول له عمر كذبت هذا ما جمعناه (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).
هناك فرح وفرح ، والإثنين سواء لكن الانسان هو من يجعله فرح إيجابي وفرح سلبي و (الفرح الجبلي) هناك أشياء كثير يفرح لها الانسان في هذه الحياة (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) آل عمران 14، فقط نجعلها في طاعة الله ونتذكر نعم الله بالشكر والرضا حينئذ تتحقق السعادة وينشرح الصدر ويهدأ القلب (ومن يؤمن بالله يهد قلبه).
نفرح بطاعة الله وهدايته وبرحمته (يدخل من يشاء في رحمته)، نفرح بنصر الله(ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله).
والنصر الحقيقي أن ينصر المرء الحق ويسدد ويسد الثغر على هذا سنسأل، فرح وسعد نبي الله سليمان وذي القرنين وغيرهم ممن ملكوا الارض فكان فرحهم إيجابي، لأنهم شكروا وافتقروا الى الله.
وعلى العكس هناك من بني البشر من يحول الفرح إلى فرح سلبي فرحوا بالحياة الدنيا استقرت في قلوبهم، قال الله عنهم (وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ) الرعد 26، كفرعون وهامان وقارون (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ) فأبغض الله فرحهم وكبرهم فقال: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ)، وهذا فرح لا يحبه الله فالمرء بجشعه وصده وجحوده وبطره هو من يحول الفرح الى صفه ذميمة، وأمثالهم كثر، يقول أحدهم: (ان لذة المعصية تذهب ويبقى عقابها وان مشقة الطاعة تذهب ويبقى ثوابها).
بماذا نفرح؟ وعلى ماذا نفرح؟ ونحن على هذا الحال!!
اضطهاد وتشريد وقتل ، والأمه تعاني والمحن تموج بها فكيف لنا ان نفرح؟
المسلم الكيس الفطن صاحب اليقين الثابت المؤمن بالله يعلم ان أمره كله خير هو الذي يحول المحنه الى منحه بالصبر والرضا فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط واهل الرضا هم اهل العافية، والشيطان يريد ان يدب فينا اليأس والقنوط لأنه يائس وبائس كفر وفسق عن امر ربه (لعنه الله) ويريد للبشرية كذلك.
ونظرتنا للمحن والمنح لها ميزان يقول أحدهم (كل منحة وافقت هواك في محنه وكل محنة خالفت هواك فهي منحه).
وهنا يأتي السؤال بماذا نفرح؟
- انا اسعد مخلوق بالله، نعم فلي رب اعبده ارجع واعود اليه فالإنسان لابد من كبير يرجع اليه والله اكبر ، وحين نصل إليه نهدأ ونرتاح (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) تلك هي الفطرة السليمة فملايين البشر تائهون في هذه الحياه لبعدهم عن الله، والحمد لله الذي عافانا فالفرد بغير إيمان قلق حائر متبرم حيوان شرس ينظر لهذه الحياه على أنها مائدة طعام وسرير قال الله عنهم: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ) محمد 12، فحمدا لك ربي (رضينا بالله ربا).
- نعم انا أسعد مخلوق بالإسلام ، وأكرر لكي ندرك ما نحن فيه من نعمه فالله سبحانه رضي لنا الاسلام دينا وهو الذي خلق الخلق، البر منهم والفاجر المؤمن والكافر ففضلنا واجتبانا ورضي لنا الاسلام دينا فأي نعمة هذه وهي واجبة الشكر وأول الشكر ان نفرح به ومعنى نفرح به ان نستمسك به ونلوذ عنه ونطبق منهاجه بشموليته وننصر نبيه ونموت عليه فعلى الاسلام نحيا وعليه نموت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) آل عمران 102.
3- نفرح ونسعد بالقرآن، نور الله المبين وحبله المتين، ومعنى نفرح به أن نتلوه حق تلاوته بتدبره والعمل بمحكمه ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فبذلك فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) يونس 57 – 58، هي تُقرأ عند كل فرح لكنها نزلت خصيصا للقرآن نفرح به ونسعد.
4- نفرح بمحمد صلى الله عليه وسلم انه نبينا وأننا من امته خير امة اُخرجت للناس ، سننال شفاعته ونشرب من حوضه ومعنى نفرخ به ان نحبه ونتبعه ونصلي عليه بحسن الصلة بالله والاقتداء به صلى الله عليه وسلم (قا ان كمتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم والله غفور رحيم) ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) التوبة 128.
جاء رجل للنبي يسأله متى الساعة؟
فقال له صلى الله عليه وسلم وماذا أعددت لها؟
قال ليس بكثير ولكني أحب الله ورسوله فقال له صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب.
وهنا يأتي السؤال كيف نفرح وننسى اخواننا المعتقلين والمشردين؟
لا .. كيف ننساهم فهم منا ونحن منهم ، لكن هؤلاء الرجال ينتظرون منا الكثير فلا يأس، فلو استسلمنا لليأس لن نخطو خطوة للأمام فمن للأمة الغرقى إذا كنا الغريقين؟
ومن للغاية الكبرى إذا صغرت أمانينا؟
ومن للحق يجلوه إذا كلت أيادينا؟
هذا ما سيحزن رجالنا الاشاوس في السجون ويُفرح الشيطان وحزبه فينا، لذلك فمن واجبنا أن نكمل الطريق ونكون على العهد مع الله، فهم يحولون المحن والآلام إلى آمال ومنح، ففي محبسهم هذا ينشد وهذا يصلي ويتلوا وهذا يُعد الطعام وهذا ينظف وهذا يقول نكتة، هكذا حالهم.. نفوسهم راضيه إيمانهم راسخ برغم ما هم فيه من ضيق وتعذيب.
فهل ونحن في سعة نيأس ونتخلى عنهم؟ لا.. نعمل بطاعة الله ، فلا نبدل ولا نحيد ولا نحزن بل ندعوا لهم ونسدد ونقارب وستأتي اللحظة والفرحة حين ينصر الله الحق ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
(شعارنا: الله غايتنا والقرآن دستورنا والرسول نبينا وزعيمنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى امانينا).
أفلا نفرح ونسعد بالله وبدينه وبقرآنه وبرسوله؟!
فمن عاش على ذلك نال الفرحة الكبرى وهي رضوان الله والجنة، حين ننقلب إلى أهلينا مسرورين فكهين (إن اصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون).
فلا نقتل الفرحة في بيوتنا بالخوف والحزن فالمؤمن لا يهتم ولا يحزن (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) يونس 62 – 63.
وبعد اخي الحبيب اما زلت حزين؟