البحث

التفاصيل

ثقافة البلطجة وبلطجة المثقفين

الرابط المختصر :

ثقافة البلطجة وبلطجة المثقفين

بقلم: د. محمد الصغير (عضو الاتحاد)

 

البلطجة مصطلح عامي معناه الاعتماد على القوة وفرض السيطرة بقوة السلاح، ورفض سلطة القانون وعدم الاعتراف بها أو التسليم لها.

كانت الصورة النمطية للبلطجي أو الشبيح – كما يطلق عليه في الشام – قاصرة على بلطجي الحارة الذي يعيش على فرض الإتاوة، لكن اتسع نطاق عمله في الآونة الأخيرة ليشمل مناحي كثيرة من أسفل قاع المجتمع إلى رأس قمة الهرم.

أليس الانقلاب العسكري على سلطة منتخبة، واستلاب الحكم بقوة صندوق الذخيرة، ورفض صندوق الاقتراع، هو صورة مكبرة من فكرة البلطجي، وتنطبق عليه محددات التعريف الذي أسلفناه؟

اختلفت الصورة فقط في استخدام الدبابة بدل السكين، لأنه سيقطع الطريق على أمة، وليس على حارة يقطنها المساكين.

هذه العربدة، وفكرة الوصول للحكم بالبلطجة، قديمة في التاريخ ومتكررة في العصر الحديث، لكن تعتبر "أم الدنيا" هي رائدة توسيع دائرة البلطجة من السياسة إلى مجالات أخرى، كان يصعب قبول فكرة دخول البلطجة إليها مثل عالم الرياضة، الذي يقوم أساسا على المهارة الشخصية، والقدرات الذاتية وتاريخ من الإنجازات، لكن ضَرب بذلك كله عرض الحائط تصدر نموذج مرتضى منصور للمشهد الرياضي، بل استطاع أن يطبق فكرة التعدد فجمع بين البلطجة السياسية والرياضية معا، واتخذ عضوية البرلمان حصانة يتستر بها على جرائم شبه يومية، تخطت عالم الرياضة إلى هدم ثوابت المجتمع، وإفساد الذوق العام، وشيوع ثقافة السباب واللعان !

ومع فداحة الأمر يمكننا تفهم أن هذه الظاهرة في عالم الرياضة، هي هجمة مرتدة فيها تسلل واضح، ساعد في إحراز الهدف حامل الراية الذي جعل من البلطجة ثقافة عامة ومنهج حياة، وأصبح رئيس النادي صورة من رئيس الدولة.

لكن أن تنتقل البلطجة إلى عرين الثقافة، ويحمل رايتها مثقفون، فهذا الذي لم يخطر لعاقل ببال، ولا يقبله صاحب فطرة سوية، فمن كان يصدق أن مجمع اللغة العربية يصبح صورة من نادي الزمالك، ويترأسه "مرتضى منصور"؟

 

ولكن على سنة ترمب أعلن صلاح فضل عدم اعترافه بالانتخابات، ولا أدري كيف سيدخل المجمع بعد أن سقط في الفرز، وكيف سينظر في وجوه العلماء بعدما طعن في نزاهتهم وانقلب على اختيارهم؟

 

هذا ملخص انقلاب جديد حدث داخل مجمع الخالدين قام به وزير التعليم العالي حيث أسند رئاسة المجمع مؤقتا إلى د. صلاح فضل الذي خسر الانتخابات أمام شيخ المجمع ورئيسه في الدورات السابقة د. حسن الشافعي الذي حصل على أغلبية أصوات علماء المجمع، ولكن على سنة ترمب أعلن صلاح فضل عدم اعترافه بالانتخابات، ولا أدري كيف سيدخل المجمع بعد أن سقط في الفرز، وكيف سينظر في وجوه العلماء بعدما طعن في نزاهتهم وانقلب على اختيارهم؟

 

ليس وجه الشبه بين صلاح فضل ومرتضى منصور قاصرا على الوصول إلى الكرسي بالبلطجة، لكن كل من يعرف دائرة النُقاد والأدباء من الداخل، يدرك أنه "مرتضى" المثقفين، وأنه لا فضل له إلا قربه من نظام الإمارات وظهوره في برامجهم، وأهّله لذلك موقفه الشائن من قضية التدين بصفة عامة، وقوله بأن الأديان فكرة مصنوعة من الأساس!

مجمع اللغة العربية هيئة عُلمائية خالصة، وجهة علمية بحتة، وقلعة من قلاع العلم المستقلة، وعرفها المستقر على أن يُقدم العلماء من يرونه أولى بالتقديم وينصبوه بالتزكية، ومع أن صلاح فضل تنكب سيرة العلماء، وخالف سنة المجمعيين، وترشح بعد إعادة تزكية الشيخ حسن الشافعي، وسقط سقطوا جديدا، حتى استقر في القاع فأمسك برشا النظام وقبل رشوته.

إنه نظام العساكر الذي يعادي كل منتخب ويرى نفسه في كل منقلب، وهو نفس المنطق الذي انطلق منه الرئيس الخاسر دونالد ترمب الذي رفض نتيجة الانتخابات، وحاول أن ينصب نفسه كما فعل السيسي "ديكتاتوره المفضل" بل واستخدم نفس وسائل مرتضى منصور، ولولا أن الجيش الأمريكي ورجال الدولة ولاؤهم للأمة، لأعلنوا نجاح الخاسر ترمب، كما فعل الجيش المصري مع صلاح المنقلب.

 

 


: الأوسمة



التالي
بسبب الحجاب.. مدرسة فرنسية بالمغرب تمنع طفلة من متابعة الدراسة والمحكمة تبطل القرار
السابق
موقف في قضية الوقف

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع