أكثر من 120 عالمًا يوقعون بيانًا مشتركًا للمطالبة بإرجاع الأوقاف إلى وضعها المعروف قبل احتلال العراق
وقع جمع كبير من علماء العراق وشيوخه في داخل البلاد وخارجها؛ بيانًا مشتركًا أجمعوا فيه على رفض اتفاق تقاسم الأوقاف الذي تم بين إدارتي الوقفين “السني و ”الشيعي” بدعم وتأييد من أحزاب وسياسيين في السلطة الحكومية الحالية.
وشدد البيان الذي حمل توقيع أكثر من 120 شخصية من العلماء والأساتذة والأئمة والخطباء والدعاة، من جميع محافظات العراق ولاسيما بغداد والبصرة والأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وكركوك، فضلاً عن محافظات “كردستان العراق” والمحافظات الجنوبية؛ على أن الاتفاق القاضي بتقاسم الأوقاف الإسلامية في العراق غير شرعي، محذرًا من المخاطر المترتبة عليه.
وقال العلماء في بيانهم المشترك: إن محاولات استلاب الأوقاف الإسلامية في العراق؛ مستمرة منذ احتلاله في عام 2003م وحتى الآن، من قوى سياسية وميليشيات حزبية مستغلة نفوذها في السلطة وتعاونها مع قوات الاحتلال الأمريكي، مبينًا أن هذه القوى سلكت ـ في سبيل تحقيق هدفها هذا ـ طرقًا عدة وعلى مراحل، منها: طريق القوانين والتشريعات والاتفاقات المجحفة بحق الوقف الإسلامي، ومنها اغتصاب الوقف الإسلامي بالقوة والترهيب.
وأعرب العلماء عن أسفهم لما آل إله حال الأوقاف في العراق بعد أن أصبحت هدفًا مغريًا للتنافس السياسي بين الطامحين للاستفادة من وارداتها بغير وجه شرعي، واستغلالها في تمويل توجهات ومشاريع #الأحزاب والقوى، قبل أن ينتهي الحال مؤخرًا إلى تقاسم الأوقاف بين الوقفين “السني” و”الشيعي” عن طريق “اتفاق التقاسم” الخارج عن الحيادية والعدالة والإنصاف والحكمين الشرعي والقانوني، وذلك برعاية حكومة #بغداد الحالية.
ورصد بيان العلماء جملة من المآخذ على مشروع تقاسم الأوقاف، من بينها: المحاولات المستمرة للسيطرة على مؤسسات الوقف وموارده، بعيدًا عن الشروط الشرعية لـ(حجج) الواقفين والسياقات القانونية والإدارية المتعلقة بهذا الموضوع المهم والحساس، إلى جانب ما جاء في محضر الاتفاق من مخالفة للأحكام الشرعية والقوانين المرعية، وتناقضه مع دواعي الوحدة الوطنية.
وفي هذا الصدد؛ أكّد علماء العراق أن موضوع الوقف موضوع ديني فقهي وليس موضوعًا سياسيًا، مبينين أنه ليس من حق أي إنسان أن يتجاوز على حقوق الواقفين وشروطهم أو يفرط فيما أوقفوه ولا على ما أنشئ وقفًا باسم جهة ما حتى لو كان المتبرع به من جهات أخرى، مشددين على أن الواجب الشرعي والقانوني هو إعادة ما سلب من (الوقف السني) على مدار السنين الماضية.
ورصد بيان العلماء المشترك ما نص عليه الاتفاق من قسمة الأوقاف التابعة لـ وزارة الأوقاف السابقة؛ مبينًا أنه يتناقض مع واقع الأوقاف وعائدية الغالبية العظمى منها، فضلًا عن حسمه بواسطة مبدأ المحاصصة والتقاسم الجائر الذي قام عليه النظام السياسي بعد الاحتلال، علاوة على عدم استحصال موافقة مجلس الأوقاف الأعلى على تفاصيل هذا الاتفاق؛ على الرغم من أن نظام ديوان الوقف السني ينص على أن ذلك من صلاحيات مجلس الأوقاف الأعلى.
ومن جملة ما جاء في البيان المشترك لعلماء العراق؛ وجود مخالفات شرعية وطعون بقرارات قضائية سابقة واضطرابات في مواد اتفاق تقاسم الأوقاف، وبما يشير إلى أنها وضعت لصالح طرف واحد في مقابل إجحاف لحقوق الطرف الآخر، فضلاً عن ارتكاب مخالفة قانونية واضحة تتعلق باقتراح تحويل أرشيف وزارة الأوقاف (الحجج الوقفية)، إلى وزارة الثقافة ومن ثم العمل على توزيعه على الدواوين الوقفية.
وطالب العلماء العراقيون بإعادة الحقوق المتعلقة بالأوقاف إلى أهلها والرجوع إلى الوضع المعروف للأوقاف قبل الاحتلال، إلى جانب مطالبتهم بأن تكون إدارة الوقف من أهل الإدارة والفقهاء المتضلعين بفقه الوقف، وممن يتصفون بصفات الإخلاص والخشية من الله تعالى والنزاهة، ويشعرون بأهمية الوقف والمسؤولية الملقاة على عاتقهم، ولا يخضعون لرغبات القوى السياسية أو يساومون على الوقف لأجل مصالحهم الخاصة.
وختم العلماء بيانهم بتحذير الجهات العلمية والدينية في العراق من تصديق الوعود المعسولة ومحاولات ما يدعى “التريث” و ”عدم الإمضاء”، التي وعد بها رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي”؛ مؤكدين أنها جزء من أسلوب مراوغ ومقصود في محاولة لتهدئة الشارع العراقي الرافض لما يحصل للأوقاف، بكلام ووعود جوفاء لا قيمة لها أمام استمرار الاتفاقية وعدم إلغائها جملة وتفصيلًا.
ومن أبرز العلماء الذين وقعّوا على البيان، الشيخ الدكتور علي القرة داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ العلامة عبد الملك السعدي، والشيخ الدكتور العلامة هاشم جميل عبد الله، والشيخ عبد القادر رسول البحركي، والشيخ الدكتور رافع طه الرفاعي، والدكتور محمد عبيد الكبيسي.
المصدر: الاتحاد + وكالات