مناقشة هادئة لمقال متحامل "نشر الأستاذ ,mohaed ikij"
بقلم: عبدالله الجباري
مقالا تنديديا واستنكاريا على بياني الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي صدر أحدهما بعد إعلان الرئيس الخاسر ترامب تطبيع المغرب لعلاقاته مع دولة الاغتصاب الصهيونية.
وحبذا لو كان المقال موضوعيا ومنصفا لأفدنا منه. ولكنه اعتمد تقنية عجيبة. حيث طالب من الاتحاد الموضوعية والحياد والإنصاف. ولم يلتزم بذلك أثناء تدبيج المقال.
ولنا ملاحظات نجملها في:
أولا: اتهم المقال البيان بالتحامل على المغرب. وهذا غير صحيح. والبيان نفسه أشار إلى أن هذه الخطوة (لا تتناسب مع مكانة المغرب) . ومن يعترف للمغرب بمكانته. وينتقد عليه خطوة ما، هل يعتبر متحاملا؟
نعم. يكون متحاملا إذا كان القارئ متحاملا.
ثانيا: طرح المقال أسئلة للإحراج، ومنها هذا السؤال: (هل سبق للاتحاد أن أدان تركيا إبان قياداتها السياسية القديمة أو حتى في عهد الأردوغانية؟)
الهدف من هذا السؤال إظهار الاتحاد باعتباره غير مستقل. ولا يجرؤ على انتقاد تركيا الحالية. أو تركيا قبل الأردوغانية.
وغني عن البيان أن الاتحاد تأسس سنة 2004. ولم يكن له وجود قبل الأردوغانية. فلماذا يطالبه باتخاذ موقف تجاه ما قبل أردوغان وهو كان معدوما؟ أليس هذا عين التحامل؟ ولكنه يندد بالتحامل. فاعجب ثم أعجب ثم أعجب ولا تتردد.
ثالثا: تساءل المقال: كيف يبيح الاتحاد لنفسه أن يصف تطبيع المغرب بأنه غير جائز شرعا؟ هل لديه دليل قطعي الثبوت والدلالة من نص قرآني أو حديث صحيح يؤكد هذه الفتوى؟.
وهذا التساؤل غير علمي. وهو من باب الدفع بالصدر، المعروف بعبارة معزة ولو طارت. لأن صاحبنا نسي أن الحكم (جوازا أو منعا) لا يستند فقط على النص القطعي ثبوتا ودلالة. بل يستند أيضا على القياس. ويستند على الاستصلاح. ويستند على الاستحسان. فلماذا أقصى صاحبنا هذه الأدلة واقتصر على ما أراد؟ إما نسيانا. او تهويلا على القراء لتحقيق المراد.
والغريب أن الكاتب طالب بالدليل القطعي الثبوت. وذكر ضمنه الحديث الصحيح. مع أن الحديث الصحيح ظني الثبوت وليس قطعيا. فتنبه للتهويل وتقنياته.
رابعا: زعم المقال أن القول بعدم جواز تطبيع المغرب يوهم القراء أن المغرب ملكا وحكومة هدموا ركنا عظيما من أركان الدين.
هنا بلغ التلبيس أقصى درجاته. لأن القول بالحرمة والمنع لا يفيد البتة هدم أركان الدين. ولا تلازم بين الأمرين. وبعض الصحابة ارتكبوا ما يستوجب الحد، وعوقبوا، ولم يزعم أحد أنهم هدموا ركنا من الدين. بل لعنَ أحدُهم من تعرضَ للعقوبة. فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم.
خامسا: زعم الأستاذ المحترم أن ما أقدم عليه الملك (لا يحق لأي هيأة علمية أو سياسية كيفما كان لونها ووجهها في الحكم على مثل هذه القرارات لا بالجواز ولا بالبطلان).
هنا يقرر صاحب المقال أنه لا حق لأحد في التعليق على قرار الملك. ولنا أن نطرح عليه السؤال: هل ورد نص قطعي الثبوت والدلالة يمنع على الناس والهيآت التعليق على قرارات الملوك؟
ولنا أن نُذكره -وما بالأمس من قِدم- أن دولة السويد قررت قرارا لصالح البوليساريو. فانتفض في وجهها المغاربة أفرادا وهيآت، وقرر المغرب الضغط على السويد بمنع متجر إيكيا. فهل كان يحق للهيآت المغربية حينذاك أن تعلق على قرارات السويد. ولا يحق للهيآت الآن التعليق على قرارات المغرب؟
ويظهر في هذه النقطة تناقض الأستاذ بلون فاقع. حيث نادى بمنع الهيآت من التعليق على قرار المغرب. وفي المقال ذاته، يصف قرار وموقف الجزائر بأنه عدواني. أليس هذا حكما؟
ومن أعطى الحق للأستاذ باتخاذ موقف تنديدي من حكام الجزائر؟
الذي أعطاه هذا الحق هو نفسه الذي أعطى الحق للاتحاد. سواء بسواء.
والغريب في المقال، وكله غريب، أنه طالب الاتحاد العالمي بإدانة حكام الجزائر. فهل يحق للهيآت إدانة الجزائر ولا يحق لها إدانة المغرب؟ أي ميزان هذا؟
سادسا: اتهم المقال بيان الاتحاد باعتماد منطق (ويل للمصلين) لأنه تعامى عن التزام المغرب بمواصلة دفاعه عن القضية الفلسطينية.
ولكي يفهم الأستاذ أن المسألة ليست ويل للمصلين. أسوق له المثال الآتي:
إن تطبيع المغرب مع الصهيوني المغتصِب ومواصلة دفاعه عن القضية الفلسطينية, مثل دولةٍ ما، أصدرت بيانا تعترف فيه بالبوليساريو، وتعلن استمرارها في الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب. هل يعقل هذا؟ وهل يستسيغه عاقل؟
أخيرا.. زعم الكاتب، في إطار التحريض الناعم، أن الاتحاد العالمي يغازل الجزائر، ويتبنى ضمنيا موقفها العدائي للمغرب.
والأستاذ لا يعرف أسباب صدور البيان الثاني، أو يعرفه ويتغاضى عنه.
هناك صفحة في الفايس تحمل اسم الاتحاد، روجت لمنشور زائف منسوب إلى الاتحاد، فيه طعن في الجزائر، فاضطر الاتحاد إلى البراءة من المنشور، فأصدر بيانه ذاك الذي أشاد بموقف الجزائر من القضية الفلسطينية. ولم يشر إلى موقفها من قضية الصحراء لا تنديدا ولا تبنيا. لأنه ليس موضوع المنشور الزائف.
وخلاصة القول.... مرضنا مزمن وخطير. أصاب مثقفينا في العمق. فغيبوا المنطق أو غاب عنهم. لذا سيصدر مثل هذا المقال المتحامل، وستتلوه إصدارات أخرى.
أما نحن، فنتشبث بموقفنا الوحدوي في المغرب، لا مغرب بدون صحراء، ولا صحراء بدون مغرب. ولا بديل عن الوحدة الترابية للمغرب.
وفي الوقت نفسه. لا اعتراف ولا تطبيع مع المغتصبين القتلة الصهاينة. وفلسطين للفلسطينيين، والفلسطينيون لفلسطين.
والخلط بين القضيتين مجرد تشويش مارسه الرئيس الخاسر ترامب. فلا نكن في حلف الخاسرين.
مقال محمد إيكنج: https://maroc28.ma/2020/12/17/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa%d8%ad%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a-%d9%84%d8%b9%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%84%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa/