الرابط المختصر :
قال تعالى: وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (طه: ١١٣).
د.زغلول النجار
تشير هذه الآية الكريمة إلى أن القصص القرآنية من مثل ما جاء في هذه السورة المباركة قد أثبتت الدراسات دقة ما جاء عنها في كتاب الله، ولذلك فإن جميع هذه القصص يعتبر وجهاً من أوجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في كتاب الله.
والآية الكريمة تشير إلى أن هذه الدقة التاريخية في كتاب الله تشهد للقرآن الكريم بأنه نزل أيضاً بدقة مشابهة على تعدد المجالات التي عالجها، ولفظة (عربياً) هنا لا يُقصد بها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، لأن كلمة (عربي) التي وصف الله تعالى بها القرآن الكريم تعني التمام و الكمال، والخلو من كل نفص وعيب.
وهذه الصفة ليس لها علاقة بالعرب كقومية، على ذلك فعبارة (قرآناً عربياً) تعني قرآناً تاماً، خالياً من كل نقص وعيب، وعلى ذلك فإن (الأعراب) الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم على سبيل الذم، ليسوا هم سكان البادية، فالألف الزائدة في كلمة (الأعراب) نقلت المعنى إلى النقيض تماماً، كما جاءت في اللفظتين (قسط وأقسط) فالأولى معناها ظلم، والثانية معناها عدل. وانطلاقاً من ذلك فإن الصفة (عَرُبَ) تعني تم وخلا من العيب، أما (أعرَب) تعني نقُص وشمله العيب، (فالأعراب) هم مجموعة من البشر تتصف بصفة النقص في الدين، ولا علاقة لها بسكان البادية، ولا بأهل المنطقة العربية.
وفي قوله تعالى: …وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ… أي كررنا الوعيد فيه لعل قارئيه وسامعيه يتقون الكفر والمعاصي كما يتقون كل ما حرم الله، وفي قوله تعالى: …أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا معناه أن يحدث لهم اعتباراً مؤدياً إلى تقوى الله سبحانه وتعالى واجتناب معاصيه.