استعرض الشيخ سلمان العودة، الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين، تاريخ ميدان التحرير بالقاهرة، وأهم الأحداث التى شهدها خلال القرن الماضي وصولا إلى ثورة 25 يناير، واصفا الميدان بأنه قلب القاهرة وشريانها النابض ومؤشر حراكها ووجهة سيرها.
وفي مقاله "شمس القاهرة" المنشور بصحيفة الأهرام المصرية، لفت العودة إلى أهم أسماء الميدان عبر تاريخه قائلا: "هل تعرف هذه الميادين في العاصمة المصرية: ميدان أنور السادات- ميدان الكوبري- ميدان الإسماعيلية- ميدان الخديو إسماعيل)، وتابع: إنها تسميات شبه منسية لميدان الحرية أو ميدان التحرير الذي تعددت أسماؤه، مشيرا إلأى أن هذا الميدان تسامي عن أن ينسب لحاكم أو لـمعلم إلي أن يكون سجلا لذاكرة المصريين.
واستعرض د. العودة تاريخ الميدان، مشيرا إلى أن الخديو العاشق لباريس أراد أن يجعل القاهرة نموذجا لعواصم أورووبا وبالذات محاكاة ميدان
( الشانزليزيه) الشهير، فعمد إلي مركز العاصمة الذي كان كثبانا رملية وبركا ومستنقعات فحولها إلي شوارع وميادين وأرض مستوية علي جنباتها أرصفة وبيوت منفردة، مشيرا إلى أنها "أصبحت تشكل محلات تجارية تخدم الميدان والعابرين والمتجمهرين، ومصالح حكومية، وفنادق، ومتاحف ومجمعات وجامعات علمية ومقر الجامعة العربية.
ووصف العودة الميدان بأنه "أكثر من مكان بل هو قلب القاهرة وشريانها النابض ومؤشر حراكها ووجهة سيرها, رمز كالشمس تنشر أشعتها ودفئها بين جميع جهاتها, تخطيط فريد يتفرع منه وإليه عدد ليس بالقليل من أهم شوارع العاصمة". وقال: " لم يعد المصريون يفكرون كثيرا من أين يبدؤون, فميدان التحرير هو خيارهم الأول!".
وعن أهم المحطات الثورية التى كان الميدان شاهدا على أحداثها قال العودة: "سقط شهداء وسالت دماء عام1923 بسبب تدخل بريطانيا في الدستور المصري وتحول إلي ساحة حرب بين هراوات البوليس ورصاصه وبين طلاب الجامعة, انتفاضة طلبة بدأت هنا ثم عمت القطر كله لتؤكد أن المصريين هم من يضعون دستورهم ويصوتون عليه!"
وأضاف: "عام 1946 شهد انتفاضة جديدة للشباب بعد فشل مفاوضات الجلاء مع الإنجليز ورفضهم الخروج لتنطلق المظاهرات السلمية من هنا ثم تعم مصر ويضع الناس علي صدورهم شارات برونزية دائرية كتب عليها( الجلاء) "، مشيرا إلى أنهم "لم يعبئوا بسيارات الجيش البريطاني التي صدمت المتظاهرين فيما يشبه موقعة الجمل التي شهدها الميدان لاحقا".
وتابع: "يتكرر المشهد في1951 بمظاهرة مليونية مطلبها الوحيد رحيل المستعمر وتخليد دماء المدافعين عن حرية مصر واستقلالها, مظاهرة سلمية راقية رغم تعدد أطيافها"، مشيرا إلى أنه "وبعد ثورة الضباط الأحرار التقي الجيش والشعب في الميدان وردد أكثر من مليون مصري مع الرئيس نجيب ( لن يقوم في أرضنا طاغية)".
وأشار العودة إلى الحدث الأبرز في تاريخ ميدان التحرير وهو ثورة يوم 25 يناير قائلا: "الثلاثاء25 يناير2011 كنت هناك بالصدفة في طريقي من الأزهر إلي المطار, رأيت مجموعات قليلة من الشباب والصبية كلما رأوا شبح عسكري لاذوا بالفرار, فتساءلت: هل يمكن لهؤلاء أن يفلحوا في إجبار الحكومة علي تخفيض سعر البيض أو الخبز فضلا عن الإطاحة بها وتشكيل حكومة جديدة؟".
وقال العودة: "أنشا الشباب الخيام وتحملوا البرد والرطوبة والرياح والهجمات والإحباط وهم يقولون: مرمطة الشارع ولا مرمطة الحرامية! اختفي النشالون وتقلصت حالات التحرش وضاعفت المخابز إنتاجها وحققت الفنادق المحيطة أعلي نسبة تشغيل"، مشيرا إلى أن "الشعب حدد هدفه واختصر خياراته وسار صوب التحضر والبناء وليس الهدم أو الهمجية".
وقال: "نجحوا وقبل مغادرة الميدان قاموا بتنظيفه مؤكدين الروح المدنية الإيجابية التي استلهمها المصريون من حراكهم, مشيرين إلي أن الرسالة هي تنظيف مصر من الفساد بدءا من رمزها التاريخي الذي أصبح شامخا كالأهرام في قلب القاهرة".