شارك العلامة الدكتور يوسف القرضاوي في اليوم الثقافي الأول، الذي أقامه الأربعاء 20 الجاري، قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، تحت عنوان "غذاء الأرواح والعقول والأبدان"، بحضور نخبة من الأساتذة والطلاب.
وفي كلمة له بالمناسبة أكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن المنهج القرآني في الدعوة إلى الله يتلخص في قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
وهذا المنهج القرآني يقوم على الدعوة إلى الله للمؤمنين وغير المؤمنين، من الكافرين، والمشركين والكتابيين، حيث راعى القرآن الكريم عند دعوة المؤمن العقل والفكر، فخاطب هذا العقل بالحكمة التي هي ضالة العقول، ولم ينسى العاطفة فخاطبها بالموعظة التي ترقق القلوب.
أما غير المسلم، فأرشد فضيلته إلى أن الجدال هو السبيل في دعوته، ذلك أن الأصل في غير المسلم هو التشكيك في الإسلام، ومحاولة نصرة دينه والدفاع عن باطله أمام هذا الدين العظيم؛ لذا شرع في حقه المجادلة، التي ترادف الحوار في العصر الحديث، كما قال سبحانه: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [ المجادلة:1] .
والإسلام يعلمنا أن تكون دعوتنا بأفضل طريقة، وأحسن وسيلة، ولا يطالبنا بأن نعمل الحسن، ولكن الأحسن في كل شيء، فعند التحاور مع غير المسلم يقول سبحانه:{ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46]
وعند التعامل مع اليتيم، يوصي عز وجل: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152]، ويأمر سبحانه المسلم أن يدرب لسانه على قول الأحسن؛ إذ يقول: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 53]
بل يعلمنا القرآن كيف يرفق الداعية في مخاطبة الكافرين، وكيف يهضم حقه ويعلي من شأنهم؛ لأن هذا مفتاح عظيم من مفاتيح القلوب، وطريقة ناجعة لنزع البغضاء من القلوب، والشحناء من الصدور{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } [فصلت: 34]
كما يخاطب الكافرين قائلا:{ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[سبأ: 24] ، وفي الآية التي تليها:{ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [سبأ: 25]
وقد أقيم اليوم الثقافي برعاية الأستاذ الدكتور عبد الحكيم الخليفي، وإشراف الأستاذ الدكتور محمد أمزيان، والدكتور شافي الهاجري.