لا يكاد يمر يوم على مصر منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز الماضي إلا وتخرج فيه عشرات المظاهرات والمسيرات الرافضة للانقلاب والمطالبة بعودة الشرعية. وتمتد المظاهرات على اتساع المكان والزمان في مصر لتشمل معظم المحافظات ومدنها الرئيسية، ولتمتد نهارا وليلا.
ومنذ فض قوات الجيش والشرطة اعتصامي التحالف الوطني لعودة الشرعية في ميداني رابعة العدوية والنهضة ارتفعت وتيرة المظاهرات وتعددت الأماكن التي تخرج منها، خاصة مع منع قوات الأمن للتظاهر بالميادين الرئيسية وإغلاق عدد منها، إضافة إلى إغلاق مساجد كبرى عادة ما كانت تنطلق منها المظاهرات، وهو ما دفع للخروج بالمظاهرات من أماكن غير معتادة من بينها مراكز وقرى لم يكن يسمع بها إلا أهلها.
وبات ملحوظا انطلاق مظاهرات عدة داخل نطاق المحافظة الواحدة في الوقت نفسه، ففي القاهرة والجيزة والإسكندرية عادة ما تنطلق عشرات المسيرات قبل أن يلتقي بعضها لاحقا، وهو ما تكرر في المحافظات الثلاث على مدى الأيام الماضية.
مطالب رئيسية
وتخرج أغلب هذه المظاهرات بمطالب رئيسية أبرزها عودة الشرعية كاملة، ويعنون بذلك عودة الرئيس المعزول محمد مرسي، وعودة العمل بدستور 2012 المعطل، وكذلك عودة مجلس الشورى.
ولا تقتصر مطالب المتظاهرين عند هذا الحد، بل ترتفع إلى تقديم المشاركين في الانقلاب العسكري والمعاونين لهم وعلى رأسهم وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي إلى المحاكمة، وكذلك محاسبة المسؤولين عن سقوط آلاف القتلى والمصابين خلال الشهرين الأخيرين.
ويستمر سقف المطالب بالارتفاع حتى يصل إلى أنه لا عودة عن التظاهر واستكمال ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، التي يرون أنه قد تم اختطافها، قبل "تطهير" جميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها القوات المسلحة والداخلية والقضاء.
ماذا تحقق؟
وبعد مرور أكثر من شهرين على الانقلاب العسكري ومع تواصل المظاهرات، يقول التحالف الوطني لدعم الشرعية إنه استطاع استقطاب شرائح واسعة من المصريين لم تكن مؤيدة في يوم من الأيام لمرسي أو للإخوان المسلمين، بل إن عددا منها شارك في مظاهرات 30 يونيو/حزيران الماضي التي طالبت برحيل مرسي وقادت فيما بعد إلى الانقلاب العسكري. ويشير التحالف أيضا إلى انضمام حركات شبابية وثورية مثل مجموعات الألتراس المختلفة.
ومع تواصل اعتقال قيادات تحالف الشرعية، بدأت الفعاليات تأخذ طابعا شعبيا أكبر سواء على مستوى مسمياتها أو نوعية الهتافات بها والمشاركين فيها، فبعد أسبوع "الشعب يسترد ثورته" أطلق التحالف على فعاليات هذا الأسبوع اسم "الشعب يحمي ثورته".
وقال بيان للتحالف إن "اعتقال القيادات الوطنية وآلاف الشرفاء لم يوقف المظاهرات الحاشدة التي أفرزت قيادات ميدانية جديدة تقود المشهد الآن".
تصعيد شعبي
وفي ظل تجاهل الإعلام المصري الرسمي والخاص للفعاليات المنددة بالانقلاب، يرى التحالف أن اتساع رقعة المظاهرات يساهم في الوصول إلى أعداد وقطاعات أكبر من المصريين لشرح قضيتهم، حتى إن بعض الناشطين يقول إن المواطن المصري يستطيع أن يشاهد المظاهرات أسفل منزله، في الوقت الذي تنفي فيه الفضائيات خروج أي مظاهرات.
ويبدو أن التصعيد الشعبي وفي وسائل التواصل الاجتماعي دفع قوات الأمن للإفراج عن عدد من الفتيات اعتقلن خلال الأسابيع الماضية في ظاهرة جديدة على المجتمع المصري.
كما أن تواصل المظاهرات يزيد من الضغط الاقتصادي على الحكومة الانتقالية في ظل تراجع احتياطي النقد الأجنبي والتدهور الحاد الذي يشهده قطاع السياحة، وهو ما ينذر بتصاعد الغضب الشعبي نتيجة ارتفاع الأسعار وتوالي أزمات البنزين والكهرباء.
وتقول قيادات بالتحالف الوطني لدعم الشرعية إن تصاعد المظاهرات يمهد للإعلان قريبا عن عصيان مدني يبدأ بالامتناع عن سداد فواتير الماء والكهرباء وغيرها ولا ينتهي عند مقاطعة المصالح الحكومية حتى "يشل حركة الانقلابيين".
كما نجحت المظاهرات المستمرة في زعزعة ما تريد السلطة الجديدة فرضه من إيحاء بوجود استقرار عبر رئيس مؤقت وحكومة انتقالية، حيث نجحت في التعبير عن زخم شعبي في الداخل كانت له انعكاساته في الخارج بشكل يجعل من إشارة "رابعة العدوية" رمزا من رموز الصمود.