يذكر أن الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت قد تولى الرئاسة بعد هوفر الذي حصل في عهده الانهيار الإقتصادي الشامل الذي سمي الكساد العظيم ، وقد تمكن روزفلت عن طريق سياسات مالية مبتكرة من القضاء على الكساد، وقاد الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية ويعد من أعظم الرؤساء الأمريكيين.(1)
يحدث في أمم أخرى ويحدث في كثير من الشركات والكيانات الأخرى بما في ذلك الجماعات .
وهنا يبرز سؤال في الأفق ( من الذي يصنع الفرق ؟)
لو عدنا للمثال السابق ، أليست الموارد البشرية والمادية واحدة ؟
هل الذي اختلف في الأمر القائد الملهم أم وعي الشعب والخوف من الفشل الجماعي؟
روى البخاري في صحيحه عن عَبْداللهِ بْنَ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :" إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ الْمِائَةُ لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً ".
في الحديث دلالة واضحة على أن دفة الشعوب والعقول والقلوب تدار من قبل أقليات أيا كانت هذه الأقليات ،و هذه الأقليات لا يشترط لها أن تكون في هرم السلطة وإن كان ذلك مهما فعلى سبيل المثال قاد الإمام الشافعي الأمة الإسلامية نحو تأصيل قواعد الفقه هو وقلة ممن عاصروه وسار على ذلك جماهير فقهاء الأمة ، و مارتن لوثر كان قسيسا ضمن مجاميع القساوسة وضمن كيان الكنيسة ومع ذلك نجح بخلق ثورة عظيمة ضد كهنوت الكنسية الكاثوليكية.
والشيخ أحمد ياسين كذلك كان مقاوما للاحتلال ضمن آلاف المقاومين ولكنه نجح في تنظيم وإعادة صف المقاومة للمسار الطبيعي لها ، وقاد هتلر وجماعته النازية الأمة الألمانية للمغامرة بخوض حرب عالمية وكان الألمان يهرعون لتنفيذ كل ما يوجه به .
حتى الثورات التي حدثت في القرنين الأخيرين على مستوى العالم كان مصدرها أقليات وليس جماهير وحشود ، الحشود والجماهير كانت تابعة لها ، وقد رأيت ذلك بعيني في مصر إبان ثورة يناير حين كنت أرصد بعض أحداثها ، واذكر أنهم في جمعة الغضب اتفقوا على التوجه لميدان التحرير بعد صلاة الجمعة .
من الذي قرر ؟ الحشود أم الأقليات المحركة ؟
بلا شك كان ذلك بفعل توجيه الأشخاص المؤثرين ، حتى على المستوى الميداني كان في كل مسيرة خمسة إلى عشرة أشخاص يسيرون بالحشد أو يتقفون والجميع منقاد لهم بطواعية ومن غير ممانعة .
كل ما ذكرت سابقا يجعلنا نؤكد أن القلة الملهمة هي التي تغير وهي التي تقود سواء كان ذلك للأفضل أم للأسوأ.
السؤال المهم ما العناصر والعوامل المكونة لهؤلاء وما صفاتهم الخاصة لا العامة ؟
هذا السؤال المفتوح ربما يقودنا نحو البحث والتحري يوما ما