هدفهم تدمير الجميع.. محتجزو معسكرات الأويغور يؤكدون وقوع اغتصاب ممنهج
بقلم ماثيو هيل وديفيد كامبانيل وجويل غونتر
تعرضت النساء الأويغور في معسكرات الاعتقال في الصين للإغتصاب والإعتداء الجنسي والتعذيب بشكل منهجي، وفقًا لروايات جديدة مفصلة حصلت عليها بي بي سي.
قد تجد بعض التفاصيل في هذه القصة محزنة
وقالت تورسوناي ضياء الدين إن الرجال كانوا يرتدون الأقنعة دائماً، على الرغم من عدم وجود وباء في ذلك الوقت.
وقالت أيضاً إنهم كانوا يرتدون بدلات وليس زي الشرطة.
بعد منتصف الليل، كانوا يأتون إلى الزنازين لإختيار النساء وأخذهن إلى أسفل الممر إلى غرفة سوداء، حيث لا توجد بها كاميرات مراقبة ويأخذوها لعدة ليالٍ.
قالت: ربما هذه هي الندبة لا يمكنني نسيانها بالنسبة لي إلى الأبد.لا أريد حتى أن تتسرب هذه الكلمات من فمي.
أمضت تورسوناي ضياء الدين تسعة أشهر داخل نظام الصين الواسع والسري من معسكرات الإعتقال في منطقة شينجيانغ (تركستان الشرقية). وفقاً لتقديرات مستقلة، تم إعتقال أكثر من مليون رجل وامرأة في شبكة المعسكرات المترامية الأطراف، التي تقول الصين إنها موجودة من أجل "إعادة تعليم" الأويغور والأقليات الأخرى.
تؤكد تقارير منظمات حقوق الإنسان إن الحكومة الصينية جردت الحريات الدينية وغيرها من حريات الأويغور، وبلغت ذروتها في نظام قمعي من المراقبة الجماعية والإحتجاز والتلقين وحتى التعقيم القسري.
وتتدفق هذه السياسة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي زار شينجيانغ في عام 2014 في أعقاب هجوم شنه إنفصاليون من الأويغور. وبعد فترة وجيزة، ووفقا لوثائق مسربة إلى صحيفة نيويورك تايمز، أمر المسؤولين المحليين بالرد "بلا رحمة على الإطلاق". وقالت الحكومة الأمريكية الشهر الماضي إن الإجراءات التى اتخذتها الصين منذ ذلك الحين ترقى الى مستوى الإبادة الجماعية. وتقول الصين إن التقارير عن الإعتقال الجماعي والتعقيم القسري هي "أكاذيب وإدعاءات سخيفة.
الروايات المباشرة من داخل معسكرات الإعتقال نادرة، لكن العديد من المعتقلين السابقين وأحد الحراس أخبروا هيئة الإذاعة البريطانية أنهم شهدوا أو رأوا أدلة على وجود نظام منظم للاغتصاب الجماعي والاعتداء الجنسي والتعذيب.
وقالت تورسوناي ضياء الدين، التي فرت من شينجيانغ بعد إطلاق سراحها وهي الآن في الولايات المتحدة، إن النساء يتم إخراجهن من الزنازين "كل ليلة" ويتعرضن للإغتصاب من رجل صيني ملثم أو أكثر. قالت إنها تعرضت للتعذيب ثم تعرضت للإغتصاب الجماعي ثلاث مرات، في كل مرة على يد رجلين أو ثلاثة.
تحدثت ضياء الدين إلى وسائل الإعلام من قبل، ولكن فقط من قازاقستان، حيث عاشت في خوف دائم من إعادتها إلى الصين. وقالت إنها تعتقد أنها إذا كشفت عن مدى الإعتداء الجنسي الذي تعرضت له وشاهدته، وأعيدت إلى شينجيانغ، فسوف تعاقب بقسوة أكثر من ذي قبل.
من المستحيل التحقق من رواية ضياء الدين بالكامل بسبب القيود الشديدة التي تفرضها الصين على الصحفيين في البلاد، لكن وثائق السفر وسجلات الهجرة التي قدمتها إلى البي بي سي تؤكد الجدول الزمني لقصتها. وتتطابق أوصافها للمعسكر في مقاطعة شينيوان – المعروفة في الأويغور بمقاطعة كونيس - مع صور الأقمار الصناعية التي حللتها البي بي سي، وأوصافها للحياة اليومية داخل المعسكر، فضلاً عن طبيعة وأساليب الإساءة، مع روايات أخرى من معتقلين سابقين.
وثائق داخلية من نظام قضاء مقاطعة كونيس من 2017 و 2018، قام أدريان زينز بتقديمها إلى البي بي سي، الخبير الرائد في سياسات الصين في شينجيانغ، تفاصيل التخطيط والإنفاق من أجل بناء معسكرات الاعتقال. في إحدى وثائق كونيس، توصف عملية "التعليم" بأنها "غسل العقول، وتطهير القلوب، وتعزيز الإستقامة والقضاء على الشر.
كما أجرت هيئة الإذاعة البريطانية مقابلة مع امرأة قازاقية من شينجيانغ اُحتجزت لمدة 18 شهراً في نظام المعسكر، قالت إنها أُجبرت على تجريد النساء الأويغوريات من ملابسهن وتقييد أيديهن، قبل أن تتركهن وحدهن مع رجال صينيين. بعد ذلك، تقوم بتنظيف الغرفة، على حد قولها.
قالت غولزيرا أولخان، وهي تعقد معصميها خلف رأسها للتوضيح: كانت مهمتي هي نزع ملابسهم فوق الخصر وتقييد أيديهن حتى لا يتمكنن من التحرك. ثم أترك النساء في الغرفة ويدخل رجل - رجل صيني من الخارج أو شرطي. ثم أجلس بصمت بجانب الباب، وعندما يغادر الرجل الغرفة آخذ المرأة للإستحمام.
وقالت إن الرجال الصينيين كانوا يدفعون المال لإختيار أجمل السجينات الصغار.
وقد وصفت محتجزات سابقاً في المعسكرات بأنهن تم إجبارهن على مساعدة الحراس أو مواجهة العقاب. قالت أولخان إنها كانت عاجزة عن المقاومة أو التدخل.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك نظام للإغتصاب المنظم قالت نعم، إغتصاب.
وقالت: أجبروني على دخول تلك الغرفة. أجبروني على خلع ملابس هؤلاء النساء وتقييد أيديهن ومغادرة الغرفة.
قالت ضياء الدين إن بعض النساء اللواتي أخذن من الزنازين ليلا لم يتم إعادتهن أبداً. وتعرض الذين أعيدوا للتهديد من إخبار الآخرين في الزنزانة بما حدث لهن.
قالت: لا يمكنك أن تخبر أحداً بما حدث، لا يمكنك سوى الإستلقاء بهدوء. لقد تم تصميمه لتدمير روح الجميع.
وقال السيد زينز لهيئة الإذاعة البريطانية ب ب سي إن الشهادة التي تم جمعها من أجل هذه القصة كانت بعض من أفظع الأدلة التي رأيتها منذ بدء الفظائع.
وأضاف: هذا يؤكد اسوأ ما سمعناه من قبل. ويقدم الدليل الموثوق والمفصل على الإعتداء الجنسي والتعذيب على مستوى أكبر من الذي افترضناه.
الأويغور هم شعب مسلم في الغالب، حيث يوجد حوالي 11 مليون في شينجيانغ (تركستان الشرقية) في شمال غرب الصين. تقع المنطقة على الحدود مع قازاقستان، وهي أيضا موطن للعرق القازاقي. ضياء الدين البالغة من العمر 42 عاماً، هي من الأويغور. زوجها من القازاق.
قالت ضياء الدين، إن الزوجين عادا إلى شينجيانغ في أواخر 2016 بعد إقامة دامت 5 سنوات في قازاقستان، وتم إستجوابهما لدى وصولهما وصودرت جوازات سفرهما. وبعد بضعة أشهر، طلبت منها الشرطة أن تحضر إجتماعاً إلى جانب آخرين من الأويغور والقازاق، وتم إعتقال المجموعة وإحتجازها.
وقالت: إن الفترة الأولى التي قضتها في الإحتجاز كانت سهلة نسبياً، مع طعام لائق وإمكانية الوصول إلى هاتفها. بعد شهر أصيبت بقرحة في المعدة وأطلق سراحها.
وأعيد جواز سفر زوجها وعاد إلى قازاقستان للعمل، لكن السلطات احتفظت بجواز ضياء الدين، وحاصرتها في شينجيانغ.
وتشير التقارير إلى أن الصين قد تعمدت إعتقال أقاربها لثني أولئك الذين يغادرون البلاد عن التحدث علناً. في 9 مارس 2018، ومع وجود زوجها في قازاقستان، تلقت ضياء الدين تعليمات بالحضور إلى مركز شرطة محلي وفقاً لما قالته. وقيل لها إنها بحاجة إلى "مزيد من التعليم".
وفقاً لروايتها، نُقلت إلى نفس المرفق الذي تم احتجازها فيه سابقاً، في مقاطعة كونيس، ولكن الموقع قد تم تطويره بشكل كبير. واصطفت الحافلات خارجاً لتفريغ معتقلين جدد دون توقف.
وقد صودرت مجوهرات النساء. قالت إن أقراط ضياء الدين انتزعت، مما تسبب في نزيف أذنيها، وتم إقتيادها إلى غرفة مع مجموعة من النساء. وكان من بينهن امرأة مسنة صادقتها ضياء الدين في وقت لاحق.
وأضافت: إن حراس المعسكر قاموا بخلع حجاب إمرأة، والصراخ في وجهها لإرتدائها فستاناً طويلاً - وهي واحدة من قائمة الممارسات الدينية التي أصبحت جرائم قابلة للإعتقال بالنسبة للأويغور في ذلك العام.
لقد جردوا السيدة المسنة من كل شيء، تاركين لها فقط ملابسها الداخلية. لقد شعرت بالحرج لدرجة أنها حاولت تغطية نفسها بذراعيها.
بكيت كثيرا عند مشاهدة الطريقة التي عاملوها بها، دموعها سقطت كالمطر.
وقالت ضياء الدين: قيل للنساء أن يسلمن أحذيتهن وأي ملابس مطاطية أو أزرار، ثم تم إقيادهن إلى الزنازين - "على غرار حي صيني صغير توجد فيه صفوف من المباني.
لم يحدث شيء كبير خلال الشهر أو الشهرين الأولين. وأُجبروا على مشاهدة برامج دعائية في زنزاناتهن وتم قصّ شعرهن قسراً.
ثم بدأت الشرطة بإستجواب ضياء الدين عن زوجها الغائب، على حد قولها، حيث أسقطوها على الأرض وعندما قاومت تم ركلها في بطنها.
قالت: أحذية الشرطة صلبة وثقيلة جداً، لذا اعتقدت في البداية أنه يضربني بشيء ما. ثم أدركت أنه كان يدوس على بطني. كدت أفقد الوعي -- شعرت بتدفق شيء حار يسيل مني.
أخبرها طبيب المعسكر أنها قد تكون لديها جلطة دموية وعندما لفت زميلاتها في الزنزانة الإنتباه إلى أنها كانت تنزف، "رد الحراس قائلين إنه من الطبيعي أن تنزف النساء، على حد قولها.
ووفقاً لضياء الدين، كانت كل زنزانة تضم 14 امرأة، مع أسرّة بطابقين، وقضبان على النوافذ، وحوض ومرحاض على شكل حفرة في الأرضية. قالت: عندما رأت النساء يخرجن من الزنزانة ليلاً لأول مرة، لم تفهم السبب. ظنت أنّهم نقلوا إلى مكان آخر.
ثم في وقت ما في مايو 2018 - "لا أتذكر التاريخ بالضبط، لأنك لا تتذكر التواريخ هناك" - تم إخراج ضياء الدين وزميلتها في الزنزانة، وهي إمرأة في العشرينات من عمرها، في الليل وتم تقديمها إلى رجل صيني ملثم، على حد قولها، أما زميلها في الزنزانة تم أخذها إلى غرفة منفصلة
قالت ضياء الدين: بمجرد دخولها بدأت تصرخ. لا أعرف كيف أشرح لك، اعتقدت أنهم كانوا يعذبونها. لم أفكر أبداً في إغتصابهم لها.
قامت المرأة التي أحضرتهن من الزنازين بإخبار الرجال عن النزيف.
"بعد أن تحدثت المرأة عن حالتي، أقسم الرجل الصيني عليها. قال الرجل ذو القناع "خذها إلى الغرفة المظلمة".
أخذتني المرأة إلى الغرفة المجاورة للمكان الذي أُخذت فيه الفتاة الأخرى. كان لديهم عصا كهربائية، لم أكن أعرف ما هي، وتم دفعها داخل الجهاز التناسلي، وتعذيبي بصدمة كهربائية.
وقالت إن التعذيب في الليلة الأولى في الغرفة المظلمة انتهى في نهاية المطاف، عندما تدخلت المرأة مرة أخرى متذرعة بحالتها الطبية، وأعيدت إلى الزنزانة.
وبعد حوالي ساعة، أعيدت زميلتها في الزنزانة.
قالت ضياء الدين: أصبحت الفتاة مختلفة تماماً بعد ذلك، ولم تكن تتحدث إلى أي شخص، جلست بهدوء تحدق كما لو كانت في غيبوبة. كان هناك الكثير من الناس في تلك الزنازين الذين فقدوا عقولهم.
وإلى جانب الزنازين، هناك سمة مركزية أخرى للمعسكرات وهي الفصول الدراسية. وقد تم تجنيد المعلمين من أجل "إعادة تعليم" المحتجزين - وهي عملية يقول نشطاء إنها تهدف إلى تجريد الأويغور والأقليات الأخرى من ثقافتهم ولغتهم ودينهم، وتلقينهم الثقافة الصينية السائدة.
وكانت قلب النور صديق، وهي امرأة أوزبكية في شينجيانغ، من بين مدرسي اللغة الصينية الذين تم جلبهم إلى المعسكرات وتم إجبارها على إعطاء دروس للمحتجزين.
ومنذ ذلك الحين فرت قلب النور صديق من الصين وتحدثت علناً عن تجربتها.
وقالت صديق لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) إن معسكر النساء يخضع لرقابة مشددة. لكنها سمعت قصصاً - علامات وشائعات عن الإغتصاب. في أحد الأيام، اقتربت صديق بحذر من شرطية صينية في المعسكر كانت تعرفها.
سألتها: لقد سمعت بعض القصص الرهيبة عن الإغتصاب، هل تعرفين عن ذلك؟ قالت: يجب أن نتحدث في الفناء أثناء الغداء.
لذا ذهبت إلى الفناء، حيث لم يكن هناك الكثير من الكاميرات. قالت: نعم، الإغتصاب أصبح ثقافة. إنه إغتصاب جماعي والشرطة الصينية لا تغتصبهم فحسب، بل تصعقهم بالكهرباء أيضاً. إنهم يتعرضون للتعذيب المروع.
قالت صديق: في تلك الليلة لم أنام على الإطلاق، كما كنت أفكر في إبنتي التي كانت تدرس في الخارج وبكيت طوال الليل.
وفي شهادة منفصلة إلى مشروع حقوق الإنسان للأويغور، قالت صديق إنها سمعت عن إدخال عصا كهربائية في النساء للتعذيب - مؤكدة التجربة التي وصفتها ضياء الدين.
وقالت صديق إن هناك أربعة أنواع من الصدمات الكهربائية -الكرسي، والقفاز، والخوذة، والإغتصاب الشرجي بعصا.
وأضافت: إن الصرخات تسمع في جميع أنحاء المبنى. كنت أسمعهم أثناء الغداء وأحياناً عندما كنت في الفصل.
وقالت معلمة أخرى تم إجبارها على العمل في المعسكرات، وتدعى ساياراغول ساويتباي، لـ (بي بي سي) إن الإغتصاب شائع وأن الحراس يختارون الفتيات والشابات ويأخذوهن.
ووصفت أنها شهدت إغتصاباً جماعياً مروعاً لإمرأة تبلغ من العمر 20 أو 21 عاماً فقط، أُحضرت أمام نحو 100 معتقل آخر للإدلاء بإعترافات قسرية.
قالت ساويتباي: بعد ذلك، تناوبت الشرطة على إغتصابها أمام الجميع.
وأثناء إجراء هذا الإختبار، كانوا يراقبون الناس عن كثب ويختارون كل من يقاوم، أو يشد قبضته، أو يغمض عينيه، أو ينظر بعيداً، وأخذهم للعقاب.
قالت ساويتباي صرخت الشابة طلبًا للمساعدة.
وقالت: لقد كان الأمر مروعاً للغاية. شعرت أنني قد مت، بل إنني ميتة بالفعل.
في المعسكر في كونيس، مرت أيام ضياء الدين إلى أسابيع ثم شهور. تم قص شعر المعتقلات، ويذهبن إلى الصف، ويخضعن لاختبارات طبية غير مبررة، ويتناولن حبوباً، وكان يتم حقنهن قسراً كل 15 يوماً بـ "لقاح" يجلب الغثيان والخدر.
وقالت ضياء الدين: أنه تم تركيب اللولب للنساء بالقوة أو التعقيم، بما في ذلك امرأة كانت تبلغ من العمر حوالي 20 عاماً. "توسلنا إليهم نيابة عنها". وقد انتشر التعقيم القسري للأويغور في شينجيانغ، وفقاً لتحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس مؤخراً.
صرحت الحكومة الصينية لهيئة البى بى سى إن هذه الإدعاءات لا أساس لها من الصحة على الإطلاق.
وقالت: بالإضافة إلى التدخلات الطبية، أمضت المعتقلات في المعسكر ساعات في غناء الأغاني الصينية الوطنية ومشاهدة البرامج التلفزيونية الوطنية عن الرئيس الصيني شي جين بينغ.
تنسى أن تفكر في الحياة خارج المعسكر. لا أعرف إذا كانوا غسلوا دماغنا أو إذا كان التأثير الجانبي للحقن والحبوب، ولكن لا يمكنك التفكير في أي شيء أبعد من التمني أنه لديك معدة ممتلئة. حيث أن الحرمان من الطعام شديد للغاية.
وفقًا لإحدى الحارسات السابقات في المعسكر تحدثت إلى بي بي سي عبر رابط فيديو من بلد خارج الصين، فقد تم حجب الطعام عن المعتقلين بسبب مخالفات مثل عدم حفظ مقاطع من كتب عن شي جين بينغ بدقة.
وأضافت: بمجرد أن نأخذ الأشخاص الذين تم القبض عليهم إلى معسكر الإعتقال، رأيت الجميع يُجبرون على حفظ تلك الكتب. كانوا يجلسون لساعات في محاولة لحفظ النص، وكان الجميع لديهم كتاب في أيديهم.
وقالت: إن الذين فشلوا في الإختبارات أُجبروا على إرتداء ثلاثة ألوان مختلفة من الملابس بناء على ما إذا كانوا قد فشلوا مرة أو اثنتين أو ثلاث مرات، وتعرضوا لمستويات مختلفة من العقاب وفقاً لذلك، بما في ذلك الحرمان من الطعام والضرب.
دخلت تلك المعسكرات، وكنت أقوم بأخذ المعتقلين إلى تلك المعسكرات. ورأيت هؤلاء المرضى، والبائسين، لقد تعرضوا بالتأكيد إلى أنواع مختلفة من التعذيب. أنا متأكد من ذلك.
ولم يتسن التحقق من شهادتها بصورة مستقلة، ولكنها قدمت وثائق تبدو أنها تؤكد فترة العمل في معسكر معروف. ووافقت على التحدث بشرط عدم الكشف عن هويتها.
كما أضافت إنها لا تعرف شيئاً عن الإغتصاب في مناطق الزنازين. ورداً على سؤال حول ما إذا كان حراس المعسكر قد إستخدموا الصعق بالكهرباء قالت: نعم. إنهم يفعلون ذلك إنهم يستخدمون تلك الأدوات الكهربائية. وبعد تعذيبهم، يُجبر المحتجزون على الإدلاء بإعترافات بشأن مجموعة متنوعة من الجرائم المتصورة، قالت: لدي تلك الإعترافات في قلبي.
الرئيس شي يلوح في الأفق فوق المعسكرات. صورته وشعاراته تزين الجدران، وهو محور تركيز برنامج "إعادة التعليم". وقال تشارلز بارتون، الدبلوماسي البريطاني السابق في الصين وزميل مشارك بارز في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن شي هو المهندس العام للسياسة ضد الأويغور.
وقال بارتون: إنها مركزية للغاية وتصل إلى القمة. ليس هناك أي شك على الإطلاق في أن هذه هي سياسة شي جين بينغ.
وقال بارتون: من غير المرجح أن يكون شي أو غيره من كبار مسؤولي الحزب قد وجهوا أو أذنوا بالإغتصاب أو التعذيب، لكنهم بالتأكيد على علم بذلك.
أعتقد أنهم يفضلون غض الطرف في القمة فقط. لقد تم تنفيذ هذه السياسة بصرامة كبيرة، وهذا ما يحدث. وقالت إن ذلك لم يترك أي قيود حقيقية. وأضافت: لا أرى ما الذي سيضطر مرتكبو هذه الأفعال إلى صدهم.
وفقاً لرواية ضياء الدين، لم يتراجع الجناة.
قالت وهي تضغط على عينيها لإيقاف دموعها والتوقف لفترة طويلة لتستجمع نفسها: إنهم لا يغتصبون فقط، بل يعضون أيضاً في جميع أنحاء جسمك، ولا تعرف ما إذا كانوا بشراً أو حيوانات.
لم يستثنوا أي جزء من الجسم، بل عضوا في كل مكان تاركين علامات مروعة. كان الأمر مثير للإشمئزاز.
لقد حدث ذلك لي ثلاث مرات. وليس فقط شخص واحد الذي يعذبك، وليس مجرد حيوان مفترس واحد. وفي كل مرة كانوا رجلين أو ثلاثة.
وفي وقت لاحق، اختفت امرأة كانت تنام بالقرب من ضياء الدين في الزنزانة لمدة ثلاثة أيام، وقالت إنها احتجزت بسبب ولادة عدد كبير من الأطفال، وعندما عادت كان جسدها مغطى بنفس العلامات، وفقا لما قالته ضياء الدين.
لم تستطع قول ذلك. لفت ذراعيها حول عنقي وبكت بإستمرار، لكنها لم تقل شيئاً.
ولم ترد الحكومة الصينية مباشرة على اسئلة البي بي سي حول مزاعم الإغتصاب والتعذيب. وقالت متحدثة في بيان أن المعسكرات في شينجيانغ ليست معسكرات إعتقال بل "مراكز للتعليم والتدريب المهني".
وقالت المتحدثة: إن الحكومة الصينية تحمى حقوق ومصالح جميع الأقليات العرقية على قدم المساواة، وأضافت: إن الحكومة تولي أهمية كبيرة لحماية حقوق المرأة.
أُطلق سراح ضياء الدين في ديسمبر 2018 مع آخرين ممن لديهم أزواج أو أقارب في قازاقستان - وهو تحول واضح في السياسة لا تزال لا تفهمه تماماً.
أعادت الدولة جواز سفرها وهربت إلى قازاقستان، ثم إلى الولايات المتحدة بدعم من مشروع حقوق الإنسان للأويغور. إنها تتقدم بطلب للبقاء وهي تعيش في ضاحية هادئة ليست بعيدة عن واشنطن العاصمة مع سيدة صاحبة أرض من الأويغور المحلي. تطبخ الإمرأتان معاً وتسيران في الشوارع المحيطة بالمنزل. إنها حياة بطيئة وخالية من الأحداث. تبقي ضياء الدين الأضواء منخفضة عندما تكون في المنزل، لأن الضوء كان شديداً ومستمراً في المعسكر. بعد أسبوع من وصولها إلى الولايات المتحدة، خضعت لعملية جراحية لإزالة رحمها - نتيجة للدوس عليها. قالت: لقد فقدت فرصة أن أصبح أماً. وتريد أن ينضم إليها زوجها في الولايات المتحدة. في الوقت الراهن، هو في قازاقستان.
انتظرت ضياء الدين في شينجيانغ لفترة من الوقت بعد إطلاق سراحها، قبل أن تتمكن من الفرار. حيث رأت آخرين كانوا قد تم إختراقهم من خلال النظام وأطلق سراحهم. رأت تأثير السياسة على شعبها. انخفض معدل المواليد فى شينجيانغ فى السنوات القليلة الماضية، وفقاً لما ذكرته أبحاث مستقلة، وهو تأثير وصفه المحللون بأنه "إبادة ديموغرافية ".
وقالت ضياء الدين إن الكثيرين في المجتمع المحلي تحولوا إلى شرب الكحول. وشاهدت زميلتها السابقة في الزنزانة منهارة في الشارع مرات عديدة - الشابة التي أُخرجت من الزنزانة معها في الليلة الأولى، وسمعت صراخها في الغرفة المجاورة. وأضافت: إن الإدمان إستهلكها. كانت مثل شخص كان موجوداً ببساطة، وإلا كانت ميتة، وانتهت تماماً بسبب الإغتصاب.
يقولون إن الناس قد أُطلق سراحهم، لكن في رأيي كل من يغادر المعسكرات قد انتهى.
وقالت إن هذه هي الخطة المراقبة، الإعتقال، التلقين، التجريد من الإنسانية، التعقيم، التعذيب، الإغتصاب.
إن هدفهم تدمير الجميع، والجميع يعرف ذلك.
المصدر: تركستان تايمز + بي بي سي