البحث

التفاصيل

سلف .. ولكن أيُ سلف؟

الرابط المختصر :

سلف .. ولكن أيُ سلف؟

بقلم: د. ونيس المبروك – عضو مجلس أمناء الاتحاد

 

أريد أن أقول كلمات موجزة لبعض الشباب الطيّب الذي وجد نفسه في وسط تيارات دينية ترفع شعار السلفية، فاستهواه الشعار، وأسلم قِيادَه للرجال دون بحث ولا تمحيص.

وقبل ذلك أريد التأكيد على حقيقة ثابتة، وهي أن السلف الصالح هم خير القرون؛ فمحبتهم واجبة، والانتماء لمنهجهم مَنْقبَة، واقتفاء آثارهم في العلم والتديّن والسلوك غايةُ كل سالك.

يستطيع كلُ إنسان أن ينْسبَ لنفسه ما يشاء ويرفع أيّ شعار يُحب، ولكنّ " كل "دعوى أو صفة أو شعار ينسبه الإنسان لنفسه أو لحزبه، ليس له ايّ قيمة عند الله تعالى، ولا في ميزان الحقيقة ما لم يكن عليه دليلُ يُثبتُه وسلوكٌ يؤكدُه.

وما عرفناه عن أخلاق السلف الصالح؛ من خفض الجناح والتواضع والرحمة والتسامح واتساع الصدر للمخالف، يُكذّب كلَ هذه الدعاوى!

ما عرفناه من السلف الصالح من شجاعتهم في إنكار المنكرات الاجتماعية والسياسية، ورفضهم للظُلم، وبراءتهم من الظالمين، وشدة حرصهم على كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة؛ يُكذّب كلَ هذه الدعاوى التي نراها اليوم.

ما عرفناه من السلف الصالح من تحكيمهم لكتاب الله تعالى في خاصّة أنفسهم ، وتحريهم الشديد في معرفة الصواب، واتهامهم لرأيهم، وتقديمهم للدليل على أهواء النفس وأقوال الرجال، يُكذّب كلَ هذه الدعاوى التي نراها اليوم.

فعن أي سلف تتحدثون؟!

سأضرب للشباب مثلين إثنين:-

المثال الأول: من كتاب الله تعالى؛ إذ حاولت طائفة من اليهود والنصارى أن ترفع شعارَ الطُهر، والخصوصيّة الدينية، والمزيّة الاجتماعية على سائر المتدينين؛ (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ)! ...أنظروا لهذه الدعوى العريضة!

لا شك أن بعض الأتباع كانوا يرفعون هذا الشعار بقناعة تامّة، ويعتقدون هذه الشبهة بعاطفة صادقة، ولكنّ القرآنَ أحالَهم على محجة بيضاء لا غِشَّ فيها ولا غَبَش " قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ ..."

ويعود هؤلاء الأدعياء في مناسبة أخرى ليرفعوا شعاراً آخر! (وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ) يعني بمنطق بعض أدعياء السلفية اليوم "كلكم خوارج إلا نحن!"

ومرة ثانية أحالهم القرآن الكريم على معيار ومحجة بيضاء لا لبس فيها (تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).

المثال الثاني: من تاريخنا الإسلامي حيث وقعت طائفة سياسية - وهم الشيعة - في نفس الانحراف المنهجي، وهو: ادعاء الخصوصية الدينية، واحتكارهم لنصرة ومحبة آل البيت، وتفردهم بمعرفة الحق عبر اثنى عشر إماما ًمعصوماً آخرهم لازال قابعا منذ عشرات السنين في سردابه المظلم ينتظر الفرج!

شبابنا اليوم يحتاج أن يقف ملياً أمام حقائق القرآن وشواهد التاريخ ومنطق العقل.

كلّنا أتباعُ السلف، ولكن أي سلف؟

إنّ فرقة الشيّعة والخوارج ظهرت في عصر السلف..

فمن يستسهل تضليل المسلم المخالف له في الرأي، ويغتال العلماء بتهمة الابتداع، ويُسفّه الفقهاء بحجة مخالفة السنة، ويستبيح دم المعارض بحجة الخوارج، ويحث الأتباع على هجر الناصح ، ويعقِد الولاءَ على أساس الطائفة والمذهب، ويضع يده في يد الجلادين ،... هو من أتباع السلف دون شك، ولكن أي سلف؟.

كما قلت آنفا، الدليل والسلوك والشواهد والواقع هو الذي يكذب أو يصدق كل تلك الشعارات لأن كل مقلد أو مُفلس يستطيع أن يرفع ما يحلو له من شعارات ويتمنى على الله الأماني، والذي يدعي شيئا ليس فيه، كلابس ثوب زور؛ يكذب على نفسه ويخدع الناس.

وقديما قيل: والدعاوى إن لم تُقِمْ عليها بيّناتُ فأبناؤها أدعياءُ.

 


: الأوسمة



التالي
معركة بدر الكبرى.. والفتح الرمضاني الأول
السابق
رئيس ألمانيا "ممتن" للمسلمين على احترام قواعد مواجهة كورونا

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع