حكم مساعدة المسلمين للهندوس على إحراق جثث موتاهم
بقلم: فضل مراد - أمين سر لجنة الفتوى بالاتحاد
بسم الله الرحمن الرحيم
وردني استفسار من الهند بخصوص مساعدة بعض المسلمين في إحراق موتى الهندوس في هذه الأوضاع الحرجة الشديدة. فهل يجوز للمسلمين أن يساعدوا الهندوس في هذا الاحراق وهم لا يريدون إلا إحراق موتاهم بسبب عقائدهم وتعاليمهم الدينية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على الرسول الكريم وآله وصحبه
وبعد فهذه المسألة مبنية على أصول
وهي أن الشريعة المطهرة كرمت الإنسان حيا وميتا
وقد وردت كليات وعمومات دالة على ذلك فمنها قوله تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا} (الإسراء:70)
وحرمت نصوص الشريعة إيذاء الميت بأذى مادي أو معنوي
أما المادي فمنه قوله صلى الله عليه وسلم بسند صحيح
كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
ونهيه صلى الله عليه وسلم عن التمثيل بالجثة ولو من كافر حربي
ونهيه عن سب الأموات في قوله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا (رواه البخاري).
إلا ما كان بيانا لضلالهم والتحذير منهم.
قال الصنعاني: الحديث دليل على تحريم سب الأموات، وظاهره العموم للمسلم والكافر..
قوله: (قد أفضوا إلى ما قدموا) علة عامة للفريقين معناها أنه لا فائدة تحت سبهم والتفكه بأعراضهم، وأما ذكره تعالى للأمم الخالية بما كانوا فيه من الضلال فليس المقصود ذمهم بل تحذيرا للأمة من تلك الأفعال التي أفضت بفعلها إلى الوبال وبيان محرمات ارتكبوها، وذكر الفاجر بخصال فجوره لغرض جائز وليس من السب المنهي عنه فلا تخصيص بالكفار " انتهى من "سبل السلام" (3 / 413).
ولما تقدم من الأصول الشرعية يتبين نكارة وشناعة ما يفعله البعض من غير المسلمين من إحراق جثث الموتى
فهو من المفاسد الشنيعة وهو أولى من تحريم المثلة وأولى من كسر عظم الميت كما أنه مجاف للتكريم البتة.
وبالجملة فإحراق الموتى جريمة شنيعة ومفسدة محضة لا تجوز لكافر ولا لمسلم
ولا يجوز التعاون على هذه المفسدة.
فيحرم على المسلم أن يعاون في حرق الجثث فليس من الاحسان في شيء بل من التعاون على الإثم والعدوان.
ويمكن أن يستثنى حالة واحدة فقط هي أن تحرق جثث الهندوس دفعا لنقل العدوى بوباء كورونا إن تقرر طبيا أنه يكون معديا حال موته وتعذر دفنه لمنع أهله من ذلك إلا بالحرق فيمكن التعاون معهم بهذه النية في أضيق حالة استثناء من الأصول السابقة لأنه تغليب لمصلحة الأحياء العامة ودفع للفساد العام عنهم مع ارتكاب مفسدة جزئية
أما إن قالت الجهات الطبية المعتبرة أنه غير معد حال موته فتبقى المسألة على أصولها المتقدمة من المنع..
والله أعلم