مسلمو الصومال.. ضحايا الصراع القبلي والحرب الأهلية
يقع الصومال شرقي قارة أفريقيا، يحدُّه خليج عدن شمالاً، والمحيط الهندي شرقاً، وكينيا وإثيوبيا غرباً، ويتميز الصومال بموقع إستراتيجي مهم فيما يُعرَف بـ«القرن الأفريقي» بالقرب من مضيق باب المندب والبحر الأحمر، ويمتلك أطول حدود بحرية في قارة أفريقيا، ويقدر عدد سكانه بـ16 مليوناً، نسبة المسلمين فيهم 90%، واللغة الرسمية الصومالية، والعربية لغة ثانية على نحو ما ينص دستور عام 1979م، وعاصمته مقديشو، وهو بلد عضو في جامعة الدول العربية.
موقع متميز وتنافس دولي
نال الصومال النصيب الأكبر من التمزيق، حيث قسمه الاحتلال إلى 5 مناطق؛ فاختصت فرنسا بجيبوتي، واختصت إيطاليا بالمحافظات الجنوبية، و3 أقسام لبريطانيا التي اقتطعت جزءاً من أرض الصومال لإثيوبيا؛ ويعرف بالإقليم الصومالي في إثيوبيا حتى الآن، وانتزعت جيبوتي من الصومال كدولة مستقلة عام 1958م، واستقل الصومال عن بريطانيا وإيطاليا عام 1960م، وقامت جمهورية الصومال الديمقراطية بين الأقاليم الصومالية.
ولما سقطت حكومة سياد بري، في ديسمبر 1990م، على أيدي القبائل المسلحة، فقدت الدولة السيطرة المركزية على البلاد؛ مما دفع الإقليم الشمالي لإعلان الانفصال تحت اسم «جمهورية أرض الصومال»؛ لكنه لم يحظَ بالاعتراف الدولي، وقامت سلطة فيدرالية بين الأقاليم، وانتخب رئيس للبلاد لتمثيلها في المحافل الدولية، غير أنه لم تكن له سلطة فعلية في البلاد.
وقام الكيان الصهيوني بالتقارب مع الأطراف المتحاربة، وقد نتج عن تلك الجهود زيارة رئيس الصومال السابق حسن شيخ محمود إلى الكيان الصهيوني عام 2016م، بالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بينهما.
يحتوي الصومال على ثروات معدنية، مثل: اليورانيوم، واحتياطي من خام الحديد، والقصدير، والجِبس، والبوكسايت، والنحاس، والملح، والغاز الطبيعي، لكن الحرب الأهلية جعلته من بين أفقر 5 دول بالعالم، وأصبحت أرضه مسرحاً لصراعات قبلية تستنزف الكثير من موارده؛ فأثناء الحرب الأهلية منذ عام 1991م حتى اليوم تعرض الشعب الصومالي لفقر شديد ومجاعة في بعض المناطق.
وتؤثر القبلية في القرارات السياسية، وتؤدي دوراً مهماً في التنافس على السلطة والثروة، وإشعال الصراعات والتسلح والمواجهات العنيفة بين القبائل، في ظل غياب دور عربي فعّال لاحتواء الأطراف المتناحرة.
الإغاثة ونشر الثقافة الإسلامية
قامت بعض الجمعيات الخيرية والهيئات الإسلامية في العالم العربي بتقديم يد العون لإخوانهم في الصومال بعد سقوط الحكومة المركزية عام 1991م، وحلت بعض الهيئات الخيرية المحلية والإسلامية محل الدولة في تقديم الخدمات الأساسية والإغاثة العاجلة، واهتمت باللغة العربية اهتماماً كبيراً، وساهمت في بناء المدارس النظامية التي توفر التعليم المادي والديني باللغة العربية حتى نهاية القرن العشرين.
وقد أدى إصدار أمريكا مشروع محاربة الإرهاب، عقب تفجيرات 11 سبتمبر 2001م، إلى تقليل تمويل نشر اللغة العربية في الصومال، وانسحاب عدد من الهيئات الإسلامية من البلاد؛ وانتشرت المدارس النظامية التي تعتمد الإنجليزية كلغة تدريس في كل أنحاء البلاد، وسيطرت الإنجليزية على سوق العمل وفي المؤسسات الحكومية والخاصة، وغابت اللغة العربية عن اجتماعات الحكومة الصومالية وتصريحاتها ومنشوراتها.
وقد سعت الهيئات الإسلامية في الصومال للتغلب على هذا الوضع؛ فأسست دور القرآن بهدف تعليم الأطفال القرآن الكريم، مع توفير المنهج الدراسي في المرحلة الأساسية.
ويبلغ عدد المنتسبين إلى دور القرآن، حسب الإحصاءات الرسمية، 11200 طالب، يدرسون في 140 مدرسة منتشرة في أنحاء البلاد.
المصدر: مجلة المجتمع
______________________________________________
1- أنور أحمد ميو: الحركات الإسلامية الصومالية، مراحل النشأة والتطور، مقديشو، 2017م.
2- فارح بنين بوص: اللغة العربية في القرن الأفريقي من الهيمنة إلى الإهمال: الصومال نموذجاً، مركز هدف للتدريب والتنمية والترجمة، مقديشو، دون تاريخ.
3- د. محمد حسين معلم علي: الثقافة العربية وروادها في الصومال، دراسة تاريخية حضارية، دار الفكر العربي، 1432هـ/ 2011م.