الرابط المختصر :
من شُعَب الإيمان (27/ 30)
أن نفرح بالحسنة، ونحون على المعصية!
إن المؤمنَ الذي دخل الإيمانُ قلبَه: فانشرح، وانفسح: ليفرحُ بالحسنة يفعلُها بتوفيق الله، ويحزنُ بالسيئة يقترفُها بهوى نفسه، وتدسيسها!
وفي الأثر: {من سرَّتْه حسنتُه، وساءته سيئتُه: فهو مؤمنٌ}، وفي الدعاء المأثور: {اللهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا: استبشروا، وإذا أساءوا: استغفروا}
وإن المؤمن حق المؤمن: من إذا عَمِلَ حسنةً: رجا ثوابَها، وإذا عَمِلَ سيئةً: خاف عقابَها، على عكس المنافق؛ كما قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود: إن المؤمن يرَى ذنوبَه كأنه في أصل جبل، يَخَافُ أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبَه كذُبابٍ وقع على أنفه، فقال له هكذا، فطار!}
وما أجمل ما أجاب به النبيُّ صلى الله عليه وسلم سائلَه: إن أحدنا يعمل العمل-أي: فيُخفيه على الناس، ولا يُظهره لأحد-فإذا اطُّلِعَ عليه: سَرَّهُ-أي: فرح بذلك وابتهج خاطرُه، فخاف أن يكون من الرياء والسمعة، فأسرع إلى النبي صلى الله عليه يسأله، وهو خائفٌ وَجِلٌ-لكنَّ النبيَّ طمّأنه قائلًا: {ذلك عاجلُ بشرى المؤمن} أي في الدنيا؛ لأن الله تعالى أظهر محاسنَه للناس، وستر مساوئه، وهذه بشرى دنيوية مُعجلةٌ؛ دالةٌ على بشرى أُخروية أعظم منها، وأبقى.
وفي التضرع النبوي الثابت: {... يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ ...} وهذا امتنانٌ ينبغي أن نفطن إليه، ونفرح به؛ لأنه الله تعالى أظهر للناس منا الجانب المشرق، وستر عنهم الجانب المظلم منا؛ فله سبحانه الحمد والمنة، وبه تعالى التوفيق والعصمة.