خطاب الأمين العام للاتحاد خلال المهرجان التضامني مع القدس وغزة وفلسطين
بقلم: أ. د. علي القره داغي – الأمين العام للاتحاد
الحمد لله الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، والصلاة والسلام على حبيبنا المصطفى الذي أم الأنبياء فيه، ثم رقاه الله تعالى به من المسجد الأقصى إلى السدرة المنتهى، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بالصدق والإحسان والصفا..
أيها الإخوة والأخوات أحييكم بتحية طيبة فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وكل عام وحضراتكم بخير ونشكركم على الحضور ونشكر وندعو لكل من ساهم في تسهيل هذا الاجتماع المبارك.
نجتمع اليوم على هذه الأرض الطيبة قطر الحبيبة كعبة المضيوم لنصرة المسجد الأقصى قبلتنا الأولى حيث حاول الاحتلال ومستوطنوه أن يقتحموه، ويدنسوه، ويعيثوا فيه فساداً ولكن المرابطين والمرابطات دافعوا ولا يزالون يدافعون عنه بصدورهم العارية.
نجتمع اليوم لأجل أهل الشيخ جراح الذين يحاول الاحتلال والمستوطنون إخراجهم من أرضهم وديارهم ظلماً وعدواناً.
نجتمع اليوم لأجل المظلومين في غزة العزة والشرف ، غزة البطولة والفداء ،فنرى أن قافلة من الشهداء الأبطال من النساء والأطفال التحقت بمن سبقوهم بالإيمان والشهادة، لتروى بدمائهم الزكية الأرض المباركة لتقوى شجرة الجهاد والمقاومة ضد المحتلين الغاصبين ،فهذه بداية النهوض والنصر بإذن الله تعالى
أيها الإخوة والأخوات الكرام:
إن ما يُرى على أرض فلسطين كلها وفي القدس وغزة العزة من القتل والتدمير جرائم حرب وجرائم وحشية، وجرائم إرهاب دولة مدججة بأحدث الأسلحة والطائرات والدبابات والصواريخ ضد شعب أعزل، يدمر ما شاء من العمارات والأبراج المدنية، ويقتل دون رحمة وبدم بارد النساء والأطفال، حيث بلغ عدد الشهداء حتى ظهر هذا اليوم 139 وبينهم 39 من الأطفال، و22من النساء، بل تم قتل المتظاهرين المسالمين حتى بلغ عدد شهدائهم أكثر من عشرة، ومئات المصابين، كل ذلك أمام مرأى ومسمع العالم دون حراك قوي يمنع المحتل الظالم ويردعه عن ظلمه،
بل إننا – مع الأسف الشديد – نرى بعض الدول الكبرى تصنف الظالم الإرهابي المحتل بأنه مظلوم يدافع عن نفسه، والمظلوم المدافع عن نفسه أنه إرهابي ظالم، إنها ازدواجية في المعايير.
أمام هذا الوضع المؤلم والمأساوي نحن المجتمعين ممن يعيشون على هذه الأرض الطيبة قطر كعبة المضيومين صاحبة المواقف المشرفة.
نحن المجتمعين في هذا المكان الطيب من علماء الأمة، ومن علماء قطر، ومن هذا التجمع الكبير الذي يمثل أهل قطر، ومعظم شعوب العالم الاسلامي نقف مساندين ومناصرين بكل ما أوتينا لقضيتنا الأولى، وللأقصى، وللقدس، ولغزة العزة، وللضفة وفلسطين المنتفضة، ونقف مع المدافعين والمقاومين والمرابطين والمرابطات بكل ما أوتينا،
ونقول بالروح والدم نفديك يا أقصى، والأقصى أقصى أولوياتي.
وكل شيء يهون أمام قبلتنا الأولى ومسرى حبيبنا المصطفى، وأن الأقصى مرتبط بالمسجد الحرام حرمةً ودفاعاً فقال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) الإسراء )،.
ونطالب بما يأتي:
أولاً: التنديد الشديد والاستنكار القوي لهذه الجرائم الشنيعة ضد أهلنا في فلسطين كلها في الأقصى، والضفة، والداخل، وبخاصة في غزة.
ثانياً: نطالب بوقف هذه الحرب الإجرامية فوراً، ونطالب الأمم المتحدة بتصنيفها من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.
ثالثاً: مطالبة أمتنا الإسلامية والعربية حكاماً وحكومات وعلماء ومفكرين وبخاصة الشعوب بالوقوف بكل إمكانياتها المادية والمعنوية والدبلوماسية والسياسية مع الحق الفلسطيني العربي الإسلامي، ومع قضيتنا الأولى، مع المسجد الأقصى وقبلتنا الأولى، ومع الشعب الفلسطيني.
رابعاً: مطالبة جميع وسائل الاعلام وبجميع اللغات أن تكشف جرائم المحتلين في فلسطين الحرّة بصورة عامة وفي القدس، وغزة بصورة خاصة، وتكشف زيف دعواهم في المظلومية، فهذا شرط سابق للنصر كما قال رب العالمين ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) الإسراء)
خامساً: مطالبة الأمم المتحدة وجميع المنظمات الحقوقية والانسانية بالقيام بواجبهم نحو ما يحدث في فلسطين المحتلة وبخاصة في القدس وغزة والضفة، وإيقاف هذه الجرائم الوحشية.
سادساً: كشفت الأحداث الأخيرة أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع في المنطقة وأن الاحتلال هو سبب الصراع والإرهاب والمشاكل والفتن، وأنه لا يعرف قوة الحق والمنطق، وإنما يعتمد على منطق القوة.
سابعاً: أن وعد الله الحق، ثم وعد السنن والتاريخ مع الحق، مع الحق الفلسطيني الاسلامي، فالنصوص القرآنية قد حسمت بأن النصر في فلسطين يتحقق لعباده أولي البأس الشديد، كما في بداية سورة الإسراء وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ) رواه أحمد باسناد صحيح.
ثامناً: نطالب منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية بعقد مؤتمر على مستوى القمة يركز على الخطوات العملية في دعم قضيتنا الأولى ومنع العدوان الغاشم، ولا نريد منهم مجرد التنديدات وإنما وضع خريطة الطريق للخطوات العملية.
تاسعاً: نقدر ونشكر كل الدول والشعوب والمنظمات التي وقفت مع الحق ضد الظلم والاحتلال ونطالب الآخرين الذين يقفون مع الباطل بالتراجع فالرجوع إلى الحق أولى من المضي على الباطل
عاشرا: إن على علماء الأمة واجباً كبيراً نحو قضيتهم الأولى، لذلك يجب أن يتحركوا التحرك المطلوب كما فعلوا ذلك في عصر نور الدين الزنكي، وصلاح الدين الأيوبي، وبما أن وزارات الأوقاف والشؤون الدينية هي المسؤولة عن الأئمة والخطباء فيقع عليها أيضا واجب أكبر في التوجيه والترشيد والتحريك،
وإني أبشركم بأن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يضم عشرات الألاف من العلماء، وعشرات من الجمعيات والروابط العلمائية قام ويقوم بواجبه نحو أمته ووضع خطة عملية لذلك
وأخيراً لا يسعنا ونحن على هذه الأرض الطيبة قطر إلا أن نشكر قطر قيادةً لمواقفها المشرفة، وشعباً لما يقوم به من دعم ومساندة لكل مافيه خير الأمة.
والشكر موصول لكم لحضوركم وللإخوة الإعلاميين لتغطيتهم لهذا الحدث وللجنة المنظمة، ولكل من ساهم في ترتيب هذا اللقاء.
والسلام عليكم ورحمة الله