الرابط المختصر :
رغم مضي 30 يوما على اعتقاله ما زال الرئيس المصري المعزول محمد مرسي مجهول المكان، ولم يتسن لعائلته التواصل معه ولا حتى الحصول على أي معلومات عن ظروف اعتقاله، مما يجعله "مختطفا" وفقا العديد من الحقوقيين.
وحتى مع تفهّم مقتضيات الاستقطاب السياسي الذي يخيم على المشهد المصري ويجعل كل فريق يؤيد بشكل مطلق ممارسات الجهة التي يتخندق فيها، فإن "خرس" المنظمات الحقوقية المصرية أمام "خطف" الرئيس المعزول، وقتل المدنيين وانتهاك حقوق المعتقلين، لا يمكن تبريره ويثير علامات استفهام حول مدى استقلاليتها وانحيازها إلى حقوق الإنسان، حسب مراقبين مستقلين.
ويبدو في نظر الكثير من الحقوقيين أن معاملة العسكر للرئيس مرسي عرّت المنظمات المدنية المصرية التي طبّلت لإجراءات الجيش القمعية، أو جاملتها بالسكوت في أحسن الأحوال.
ضغوط نفسية
وحسب تسريبات في الصحافة الغربية، يتعرض الرئيس المعزول لضغوط نفسية وإرهاق بدني أثناء التحقيق معه، ويتواجد في مكان تحيط به السرية التامة، ويحرم من التواصل مع أفراد عائلته.
وبينما ذهبت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن استمرار اعتقال مرسي وحرمانه من التواصل مع عائلته يدفع إلى مزيد من تأزيم الوضع المصري، قالت مجلة دير شبيغل الألمانية إنه تعرض خلال الأسابيع الثلاثة الماضية لاستجوابات يومية مكثفة من قبل جهاز المخابرات الحربية المصري الذي يتولى حصريا عملية احتجازه.
ومع أن العديد من الدول طالبت بإطلاق سراح مرسي ما زال الجيش يصر على احتجازه، بينما يعدّ القضاء لمحاكمته بتهمة التخابر مع حماس والفرار من السجن وقتل ضباط الأمن.
وقد خرجت عائلة مرسي الأسبوع الماضي عن صمتها لتحمّل قادة الجيش المسؤولية عن سلامته، وتعلن عزمها مقاضاتهم أمام المحاكم الدولية ومنظمات حقوق الإنسان.
المحكمة الجنائية
وتحدثت الجزيرة نت مؤخرا لنخبة من الحقوقيين رأوا أن ممارسات الجيش المصري بحق الرئيس المعزول ومناصريه تتنافى مع أبجديات حقوق الإنسان، بينما طالب بعضهم المحكمة الجنائية الدولية بالتصرف من تلقاء نفسها وإصدار أمر قبض بحق الفريق أول عبد الفتاح السيسي لأن ما يحدث في مصر إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية طبقا للمواثيق الدولية.
وإذا كان الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك المتهم بقتل مئات المدنيين واختلاس الثروة المصرية قد حظي بمعاملة لائقة في السجن وظل يتواصل مع أفراد عائلته، فإن الرئيس المعزول مرسي "الذي لم يسرق جنيها واحدا ولم يقتل أي مواطن مصري" أولى بأن يعامل بأسلوب يحفظ له كرامته كإنسان على أقل تقدير، وفق هؤلاء الحقوقيين.
ويقول محمد الدماطي نائب رئيس المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان المعطّل إن الحديث عن صيانة حقوق السجناء غير وارد في مصر التي يحكمها عسكر يُمعنون في قتل واعتقال وخطف المعارضين السياسيين، حسب تعبيره.
ويرفض الدماطي -الذي شدد على أنه لا ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين- وصف الرئيس المعزول بالمعتقل، لأن ما حصل بحقه جريمة اختطاف مكتملة الأركان المادية والمعنوية، وفق تقديره.
تهم محددة
وينقل الدماطي عن مصادر وصفها بالمطلعة امتناع الرئيس مرسي عن التجاوب مع المحققين وتمسكه بكونه رئيسا للجمهورية، ولا تجوز محاكمته إلا وفق إجراءات معينة وعلى تهم خاصة يحددها الدستور.
وحول ما إذا كان "خطف" مرسي عرّى المنظمات الحقوقية المصرية، يقول إنها جزء أصيل من حلف العسكر المتآمر على الشرعية "ولا يهمها إلا جيوبها، وآخر ما يؤرقها حقوق الإنسان".
لكن الأمين العام المساعد للمنظمة العربية لحقوق الإنسان معتز عثمان يقول إنه ﻻ يمكن الجزم بأن احتجاز الرئيس المعزول في جهة غير معلومة انتهاكا للقانون، خصوصا "بعد أحداث دار الحرس الجمهوري وتفكير جماعة الإخوان في مهاجمة مقر احتجازه لإطلاق سراحه".
ويضيف عثمان أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يجيز تدابير احترازية مؤقتة في أوقات اﻷزمات، شريطة ألا تنال من الحق في الحياة وعدالة المحاكمات والاحتجاز اللائق.
ويشدد على أن منظمته التي تتخذ من مصر مقرا لها، تدين كل أشكال العنف، سواء كان مصدرها السلطات الأمنية أو جماعة الإخوان المسلمين وحلفاءهم.