الرابط المختصر :
وقفة مع آية من الجزء الخامس
أ.د. صلاح سلطان
إن قلوب أصفياء الأصفياء إذا وصلوا إلى أبواب روضة " إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ " فاضت قلوبهم بالأمان للرحمن،
فإذا نزلوا روضة " وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا " نعمت قلوبهم بالامتنان للرحمن،
فإذا نزلوا روضة " وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا " ذابوا من العرفان للرحمن،
ولا يبرحون كلمة " مِن لَّدُنْهُ " أي من لدن الحبيب الودود ذي الفضل الواسع العظيم.
فإن استمروا في جولاتهم الإيمانية في رياض " فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا " بكوا بكاء تذهب معه أرواحهم إذ كيف يبكي الشاهد المعصوم صلى الله عليه وسلم إشفاقاً على أمته الذي سيشهد عليها، ولا يبكي المشهود عليه الخطّاء، ذاك لعمري في القياس فظيع، " وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴿٢٧﴾ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴿٢٨﴾ "،
ليتني كنت في هذا المشهد الأخلاقي الراقي، والإيماني السامي إذ يقترب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من ابن مسعود طالباً في أدب جم :"اقرأ عليَّ شيئاً من القرآن" فيرد ابن مسعود في خجل جم أوأقرأ عليك، وعليك أنزل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إني أحب أن أسمعه من غيري وكذلك أصفياء الأصفياء، فقرأ ابن مسعود من سورة النساء حتى إذا وصل إلى الآية " فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا " فوجدت النبي صلى الله عليه وسلم مستعبراً، وقال حسبك، أي ليقف طويلا في هذه الروضة حتى مع البكاء.