الرابط المختصر :
.jpg)
كمال القدرة الإلهية
د. زغلول النجار
قال تعالى: *اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ* (الروم: 54).
تؤكد هذه الآية الكريمة أن الله تعالى خلق الإنسان من ضعف (من نطفة، ثم علقة، ثم مضغة إلى أن يصبح جنيناً كامل النضج حتى ولادته)، والرضيع يظل في حالة من الضعف تُحوجه إلى الرعاية، ثم يقوى بالتدريج إلى سن الشباب والفتوة، ليعود بعد ذلك إلى الضعف والكبر والشيبة. وفي ذلك صورة من صور كمال القدرة الإلهية التي تجعل الإنسان يمر بهذه المراحل المتتالية فيبدأ من ضعف وينتهي إلى ضعف ليؤكد له ذلك على حاجته إلى رعاية خالقه.
والانتقال من مراحل الجنين إلى الحميل ثم الرضيع ثم الطفولة والانتقال بعد ذلك إلى مراحل الشباب وما فيها من قوة وشدة يشهد على حاجة الإنسان إلى رعاية خالقه في جميع مراحل تخلقه، والقوة التي يمر بها الإنسان في شبابه تشهد للخالق بأنه هو واهبها حسب علمه وحكمته وقدرته، ثم يعود الزمن بالشاب إلى مرحلة ضعف في كبر سنه، وبذلك ميز القرآن الكريم ضعف الشيخوخة والانتكاس فيها عن الضعف الأول وهو ما يمر به الجنين بدءاً من الخلق والتسوية والتعديل والنشأة والابتداء والنماء، ومع أن هذه مظاهر يعيشها الإنسان في كل لحظة، فإن وصف القرآن الكريم لها بهذه الدقة العلمية الفائقة والترتيب المنطقي لما يشهد للقرآن الكريم بأنه كلام الله الخالق ويشهد للرسول ﷺ الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة.