البحث

التفاصيل

أزمة مطار كابل.. قراءة في الأهداف والنتائج

الرابط المختصر :

أزمة مطار كابل.. قراءة في الأهداف والنتائج

بقلم: د. فضل الهادي وزين – عضو الاتحاد

 

بداية الأزمة

بدأت أزمة مطار كابل الدولي في 16 من شهر أغسطس الجاري وهو اليوم الثاني لسيطرة حركة طالبان على مدينة كابل عاصمة أفغانستان ومازالت الأزمة مستمرة ومازال الآلاف من الأفغان الراغبين في مغادرة أفغانستان يتوافدون إلى المطارحيث يشهد المطاروالمناطق المحيطة به احتشادا وزحاما كبيرا لآلاف من الناس على أمل الخروج من البلاد على متن طائرات عسكرية تابعة لأمريكا وبعض الدول المتحالفة معها.

قتلى و مفقودين

   و في حين تواصل القوات الأمريكية والبريطانية وقوات من دول غربية أخرى عملية إجلاء المواطنين الأفغان من المتعاونين ، والمقاولين والمترجمين مع القوات الأمريكية و قوات حلف الشمال الأطلسي خلال السنوات العشرين الماضية من غزوأفغانستان، تقع حوادث إطلاق النارمن قبل القوات الأمريكية على المتجمهرين في المطار لتفريقهم ومنعهم من دخول مناطق محظورة وحسب تقاريرمؤكدة ، لقي واحد وعشرون شخصا من المواطنين الأفغان بينهم نساء وأطفال مصرعهم نتيجة إطلاق النار من قبل القوات الأمريكية أوالتدافع و تنشر شبكات التواصل الإجتماعي في أفغانستان إعلانات و صور للمفقودين في حوادث المطار فيهم أطفال.

الموقف الأمريكي

   تصريحات المسؤولين الأمريكيين في البيت الأبيض والبنتاغون والخارجية تؤكد بأن إجلاء هذا العدد الكبيرمن المواطنين الأفغان يأتي بدوافع إنسانية وأن الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها تقوم بنقل أكثر من ستين إلى ثمانين ألفا من الأفغان التزاما بمسؤولياتها تجاه الأفغان الذين تعاونوا معها خلال عقدين من الحرب في أفغانستان.

هل الأزمة مفتعلة؟

  ويشكك بعض المراقبين الأفغان في الرواية الأمريكية ويرون أن ما تقوم به الإدارة الأمريكية ودول التحالف الأطلسي ليس لأسباب إنسانية أوأخلاقية بحتة وإنما ثمة أهداف سياسية وراء مجمل القضية التي تحولت إلى حديث الساعة في وسائل الإعلام العالمية.

   ويرى هؤلاء المراقبين أن الأزمة الحالية في مطار كابل مفتعلة في أصلها وفي كثيرمن تفاصيلها لأنه كان بالإمكان، إدارة عملية الإجلاء بتنظيم أدق وترتيب أفضل ، يمنع وقوع " مهزلة مطار كابل" على حد تعبيرشخصية سياسية أفغانية معروفة - طلب من الكاتب عدم ذكراسمه-  ويؤكد هذه الشخصية الأفغانية أن " القوات الأمريكية تسيطرعلى مطار كابل وتساعدها في ذلك وحدات من الجيش الأفغاني وهي كتيبتي (01) و(02) المتعاونة مع الإستخبارات الأمريكية والتي لم تستسلم لحركة طالبان."

أهداف الأزمة

   وعن أهداف افتعال الأزمة يقول أحد المتابعين للأوضاع في أفغانستان - لا يريد ذكراسمه لظروف أمنية - أن ما يحدث في مطاركابل من شأنه بعث رسالة خادعة إلى العالم بأن الشباب الأفغان المتعلمين و المثقفين يتهافتون على " الهروب من بطش طالبان"  وأن أفغانستان قد تحولت إلى " جحيم لا تطاق" بعد إستيلاء طالبان على البلد وأن الشباب والمثقفين الأفغان الكارهين لحكم طالبان " يفضلون الموت بإلقاء أنفسهم من أجنحة الطائرات الأمريكية على العيش تحت نظام تسيطر عليه حركة طالبان."

مأساة إنسانية

   ولا شك أن ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية من صور ومشاهدلأحداث مطار كابل، بعضها تشبه مشاهد أفلام هاليوود وبعضها الآخريثيرالحزن والشفقة في النفوس لأنها تعكس المعاناة التي يعيشها الانسان الأفغاني وهناك صور و مقاطع يخجل الإنسان من رؤيتها، ولكن الكارثة الكبرى – على حد تعبير أستاذ جامعي أفغاني- أن هؤلاء الذين يرحلون من أفغانستان قد لايعودون إلى الوطن و يفقدون هويتهم ويتركون بيوتهم وما يملكون لأجل مستقبل مجهول ، ليبدأوا من "صفر" حياة غيرواضحة الملامح في بلاد الغربة والشتات.

تفريغ أفغانستان من الكوادر

   وتقول زهراء محمدي خبيرة الإقتصاد والتنمية البشرية أن " الأغلبية المطلقة ممن يغادرون أفغانستان حاليا هم الكوادرو الطاقات البشرية الأفغانية ومن ذوي التخصص والخبرة في شتى الفروع من طب، وهندسة، وإدارة ، وإقتصاد، وإعلام ، وعلوم، وحقوق وآداب ولغات وغيرها من التخصصات وهذه هي أعظم خسارة تلحق بأفغانستان من الصعب بل من المستحيل تلافيها لعقود."

   وتؤكد المعلومات أن جموع المغادرين من مطاركابل – وقد بلغ عدد الذين غادروا حتى كتابة هذه السطور28000 شخصا ومن المتوقع إجلاء 55 إلى 60 ألف شخص حتى 31 من شهر أغسطس الحالي - لا تشمل المتعاونيين مع القوات الأمريكية وقوات حلف الأطلسي فحسب، وإنما فيها الآلاف من المؤظفين في الحكومة والعاملين في المؤسسات الدولية والمؤسسات غيرالحكومية ورحيلهم من أفغانستان يجعل هذا البلد المنكوب بالحرب والفقر يفقد أهم وأغلى ما يملك وهي الثروة البشرية والطاقات المدربة التي لا يمكن دفع عجلات الدولة بدونها.

   ولعل أخطرتبعات أزمة مطار كابل هو هروب الأدمغة و الكوادر و تفريغ أفغانستان من خيرة أبنائها خاصة أولئك الذين درسوا واكتسبوا الخبرة والتجربة خلال العقدين الماضيين وكانوا يعملون في الوزارات والمؤسسات الحكومية والمؤسسات غيرالحكومية والقطاع الخاص.

 مصير الكوادر الأفغانية و مصير الجيش و الشرطة واحد

و لا شك أن تأهيل وتدريب الكوادر كانت أنجازا مهما للحكومة الأفغانية المدعومة من أمريكا و المجتمع الدولي و لو تمت المحافظة على تلك الكوادر كان يمكن القول بأن إعداد هذه الكوادر و تعليمهم و تدريبهم كان مما يحسب لأمريكا والغرب، ولكن يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية أرادت أن يكون مصيرهذا الانجازمثل بقية انجازاتها كقوات الشرطة و جهاز الأمن والجيش الأفغاني التي انهارت وتبخرت خلال عشرة أيام في مواجهة عناصرحركة طالبان و بذلك لم تترك الولايات المتحدة وحلفاؤها في أفغانستان إرثا مفيدا و حسنة تذكر.

هل أمريكا تتترك أفغانستان مدمرة كما كانت؟

و لعل المراسل الأفغاني الشاب كان محقا عند ما توقع في قالب سؤال وجهه لعبد الله عبد الله وزيرالخارجية الأفغاني في بدايات الغزوالأمريكي لأفغانستان " أن الولايات المتحدة ستنسحب من أفغانستان بعد سنيين ولكنها تترك أفغانستان مدمرة كما كانت ."

نعم.. ينسحب الأمريكان من أفغانستان و قد تلاشت و تبخرت كل ما وعدوا بها الشعب الأفغاني من أمن، وحكومة مستقرة، و ديموقراطية، ونظام ، ودستور، وجيش، وتنمية، واقتصاد وازدهار و كادر..


: الأوسمة



التالي
هناك بعض من الزبائن يحملون خمرة معهم ولا أستطيع رفض أي زبون ذلك هو نظام العمل؟ هل عملي حرام أم لا؟ (الفتوى)
السابق
فقه الدعوة وفقه الرفق

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع