البحث

التفاصيل

أعراض عامة وعلل في المجتمع 

الرابط المختصر :

أعراض عامة وعلل في المجتمع 

الشيخ/ محمد الغزالي

 إن الناس الذين يعيشون داخل أنفسهم، وفى حدودها وحسب، لا يعون الحقائق المقبلة عليهم من خارجها، ولا تخترق أبصارهم أسداف الشهوات والغفلات التى تخيم عليهم من كل جانب.

إنك إن أغريته بالدنيا قد يشغله عرضها عن الدين، وإن مسكته بالدين قد يصرفه ذلك عن الدنيا..

فالأمر بحاجة إلى نصائح موزونة، تساق إليه بقدر، حتى يحصل على الدنيا التى فيها معاشه، وبها نجاحه...!

وحتى يحرز الدين الذى هو قوام أمره وضمان عاقبته...!!!

والإسلام معرفة للحقيقة الواحدة وقيام بحقوقها. وإنما ترجح كفة المسلم بالإيمان والعمل جميعا...!

وقد كانت غلبة المسلمين الأوائل، والمكانة التى بلغوها نتيجة علم عظيم وعمل أعظم...!

ثم جاء الأعقاب الكسالى يملأون أفواههم فخرا بأنهم مسلمون ويحقرون الآخرين الذين حرموا هذه النعمة، ولا يعملون للإسلام شيئا..

لكن حفيد الملوك لا يغنيه نسب، ولا يسبق به فى عالم الكفاح فخر وادعاء، إذا كان أبناء الصعاليك قد انتهزوا كل فرصة، وتزودوا بكل سلاح، ثم نازلوه فغلبوه...!!!!

ولقد انتصر اليهود لذلك فى فلسطين.

وانتصرت قوى أخرى للشر فى غير مكان..

وذلك سر البلادة التى تستولى على بعض الناس وتجعل موقفهم من الحق ومطالبه فاترا.

أغلب الظن أنهم لا يفقهونه، وإذا فقهوه لا يقدرونه، وإذا قدروه يتثاقلون عن التضحية من أجله...!

وتدبر قول الله فى التعويض بهؤلاء: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و رسوله و لا تولوا عنه و أنتم تسمعون * ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون).

وانظر العاقبة التى يصيرون إليها فى هذه الحياة! إن بلادتهم تتحول إلى بهيمية، وعجز مشاعرهم عن الإدراك والإحسان يخلق منهم دواب بشرية (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * و لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم و لو أسمعهم لتولوا و هم معرضون).

وهذا المستوى المنحط من الوجود لا يسمى حياة وإن زعم أصحابه أنهم أحياء يأكلون ويتمتعون.

ولذلك يناديهم الله جل شأنه أن يدخلوا فى دينه، وأن ينخلعوا عن أهوائهم وأوهامهم، فهذا وحده طريق الحياة..(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم ..).

والمسلمون المعاصرون أحوج أهل الأرض لتدبر هذا الدرس، والاستنارة به فى الظلمات التى تكتنفهم من كل ناحية...!

على أن مشكلة المسلمين ليست فى هذا الخمول النفسى، ولا فى هذا الفتور الحسي وحدهما..

فإن الإسلام تضمن جملة من العبادات والفرائض من شأنها ـ فى مجموعها ـ أن توقظ القلب الهاجع إذا غلبته سنة عارضة.

وهذه العبادات من التكرار والتنويع بحيث تعتبر ضوابط محكمة، قلما يبقى الفؤاد على ذهوله معها جميعا..!

أجل، فإن الرقاد قد يستولى على الإنسان إذا كان إلى جواره منبه واحد...!

أما إذا ضبطت جملة منبهات متعاقبة ذات أصوات متفاوتة، فإن جرسا منها سيستفز النائم حتما...!

ومع أن القلب أصل الحياة فى الجسم المادى، فقد رأينا فى بعض الجراحات الخطيرة أنه إذا توقف أمكن أن يستأنف وظيفته بالدلك والتحريك.

ونحن نعلم أن الصلوات الموقوتة ليلا ونهارا، والمناسك السنوية، والواجبات المربوطة بمناسبات لا تنقطع...!

كل هذا حقيق بأن يرد المسلم إلى الله إذا أبعده الشيطان عنه، وأن يوجه قلبه إليه إذا صرفته فتنة عارضة...!

إن كثرة المعالم والمنارات التى بثها الإسلام فى طريق المسلم تمنعه من التيهان...!

اللهم إلا إذا تعمد أن يزيغ عن الصراط، وأن يذهب مع مطارح النوى كل مذهب...!

وذلك للأسف ما صنعه المسلمون الأخلاف، وما ظهر جليا فى مسالك الأجيال المتأخرة..

إن كثيرا منهم تمرد على أمر الله، وقرر مخالفته، كما يقرر السائق المتهور أن يعصى أوامر المرور، وأن يضرب عرض الحائط بشاراته الحمراء والخضراء..

فهل تعجب إذا رأيت فى عواقب هذا الشطط، حطاما مبعثرا، ودماء مراقة، ومزيدا من الآلام؟؟

 

الإسلام والطاقات المعطلة


: الأوسمة



التالي
تقدير أمور الجهاد 
السابق
هل يجوز التعجيل بصلاة الصبح قبل الجماعة بسبب التعب أو عدم القدرة على الانتظار أو بسبب تطويل الإمام للصلاة؟

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع