هل السفر إلى بلاد الغرب والعمل في وظائف يباع فيها بعض المحرمات يُعدُ حراماً ومستنداً على التعاون بالإثم والعدوان؟؟
السؤال: هل السفر والعمل في بلاد الغرب مثل أميركا وهولندا وألمانيا وغيرهم والعمل في وظائف مثل كاشير في سوبر ماركت يباع فيه الخمر وبعض المحرمات مثل دهن الخنازير او العمل مندوب توصيل في مطعم يقدم فيه الخمر أو العمل كاشير في مطعم يقدم فيه الخمر أو لحم الخنزير أو غاسل صحون وغيره هل يعد كل ذلك حرام أم استنادا على الآية الكريمة: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة 2.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المسلم مُطالب شرعاً بتحرّي الحلالَ في طلب الرزق ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وما جاء في سؤالك يتضمّن قضايا ورد النهي عنها بشكل صريح في صحيح السنة؛ كبيع الخمر والخنزير اللذان ثبت تحريمهما في الحديث المتفق عليه من حديث جابر بن عبداللَّه رضي اللَّه عنهما أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: "إنّ الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"
لكنّ هذه النازلة تتعلق بأحكام الضرورات والحاجات التي تنزل منزلة الضرورات، فقد يحتاج المسلم إلى الهجرة إلى هذه الديار والمعيشة فيها، ويضطّره الأمر إلى الخروج لطلب الرزق ثم لا يجد فرصةً إلا في أعمال خدمية مرتبطة بالمحرمات في شريعتنا
والذي أراه جواباً على سؤالك هو النظر في خصوصيتك وخصوصية البلاد التي تعيش فيها، ثم التأكد من "الوصف الوظيفي" الذي تكتسب منه، فإن كانت وظيفتك هي قيادة السيارة أو البيع في سوق كبير ، أو غاسل للصحون المتضمنة للمواد المحرمة ، فإن الأمر يستحق الترخص المؤقت إلى أن تجد باباً آخر لا حرمة أو شبهة فيه، فالمجتمعات الأوروبية تقوم على نظام محكم مرتبط بالقوانين والأعراف الراسخة عندهم، والمسلم غير مطالب بتغيير تلك الأنظمة القاهرة لأن تكليفه بذلك هو تكليف بغير المستطاع، كما لا نستطيع تعميم الفتوى بوجوب الهجرة في حق كل أحد نظرا لتباين الظروف والقدرة عند المسلمين في تلك الديار، ولا يمكن للمسلم أن يقبع في بيته دون عمل يكتسب منه، أو نشترط عليه وظيفةً خاليةً من الحرام أو شبهة الحرام في بلاد غير المسلمين،...
ولهذا فإني أوصي بترك العمل الذي تتم فيه مباشرة الحرام مثل حمل الخمر ووضعه على طاولة شاربه، أما العمل الذي لا يقوم أساسه على مباشرة الحرام مثل حمل المواد الغذائية في سيارات النقل وما قد تتضمنه أحيانا من حمل المحرمات، وكذلك غسل الصحون المُلطخة بالمحرمات، أو الوقوف على محصّلة المال في سوق كبير لا يقوم أساساً على بيع الخمر، ... كل ذلك مما يمكن الترخّص المؤقت فيه، والله تعالى يقول "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" ويقول سبحانه " وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ" كما أن تحريم هذه المعاملات يدخل في باب المحرم لغيره لا المحرم لذاته ، أي يدخل في باب تحريم الوسائل لا تحريم المقاصد، و التي يدخل فيها الترخص في حال العنت والمشقة الظاهرة ، كما أوصي من ابتلي بمثل هذه الأعمال أن يستصحب دائما عزيمة الترك لهذه الأماكن، والسعي للحصول عن بديل خالص من هذه الشوائب والمحرمات، والله تعالى أعلم وأحكم.
د. ونيس المبروك
عضو لجنة الفتوى في الاتحاد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الفقرة هي أجوبة على أسئلة وفتاوى المتابعين الكرام ، فيمكن الجميع التواصل معنا عبر الرسائل في الفيسبوك أو على رقم إيميل المكتب الإعلامي [email protected].