إن محمدا نبي النور
الشيخ / محمد الغزالي ــ رحمه الله
ولست أدرى كيف ينتسب إليه شخص مظلم أو أمة مظلمة ؟
هناك عقول تأوي إليها الخرافة وتسكنها الأباطيل !! ما صلتها بالإسلام إذا كان کتاب محمد مبنيا على الحقائق ، معنيا بها وحدها ؟
" إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق.. ". هناك نفوس لا ترى إلا مدى شهوتها ، ولا تقف إلا عند حدود أثرتها
فإذا كان اتباع الهوى - كما أنبأنا الله - يفسد السماوات والأرض فكيف تفسد بالأهواء المطاعة شئون قبيل من الناس قلوا أو كثروا ؟
إن الذين يفقدون أنوار العلم والفضيلة والحق والعدل والإيمان ليسوا من محمد في قليل ولا كثير ، ولا تغني عنهم مزاعمهم في هذا الصدد شيئا .
سمعت أحد الناس يذكر ما روي عن الرسول الكريم : « تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة » ، فقلت : وددت والله لو كنا أهلا لهذه المباهاة !
إن ظلمات الفوضى والمذلة والجهالة التي تلف جماهير المسلمين اليوم تجعل نبيهم ينظر إليهم فيأسي ، أليس نبي النور ؟ فما للنور ، وأهل القبور ؟
والله ما يبالي بكم محمد، وما يتوانى عن البراءة منكم ، إلا تكونوا كما عنت الآية الكريمة .
" أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مّثله في الظلمات ليس بخارج منها .."
فإذا عاد المسلمون إلى الحياة الصحيحة ، وانطلقوا على الأرض تحف بهم أنوار الهدى والسداد ، كانوا أهلا لأن تباهی بهم الأم.
إن محمدا صلى الله عليه وسلم يحب النور ، ويسأل الله في أحواله كلها مزيدا منه ، وهو يكره الظلام وينأى بقلبه ولبه عنه ، لا ظلام الليل ولكن ظلام الجاهلية ، ظلام النفاق ، ظلام الانقطاع عن الله ، ظلام الرثوب مع الأثرة الجياشة الطافحة .
وهو لذلك يدعو الله أن يغمره من جهاته جميعا بالنور ، حتى لا تعمى عليه سبيل ، وحتى لا يطمئن به نزوع ، أو يلتوي به هدف ، إنه يدعو الله أن يشع من حوله هالة لا تنطفئ أبدا ، بل إنه يدعو أن يغلغل هذا النور كيانه حتى يمتزج بجلده وعصبه .
عن ابن عباس أن النبي خرج إلى الصلاة وهو يقول : " اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي بصري نورا ، وفي سمعي نورا ، وعن يميني نورا ، وخلفي نورا ، وفي عصبي نورا ، وفي دمي نورا، وفي شعري نورا ، وفي بصري نورا ."
وفي رواية أخرى : " اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي لساني نورا ، واجعل في سمعي نورا ، وفي بصري نورا ، واجعل من خلفي نورا ، ومن أمامي نورا ، واجعل من فوقي نورا ، ومن تحتي نورا ، اللهم أعطني نورا"
يا من يريد الإسلام لله رب العالمين ، ألتمس شعاعا من المعرفة يضییء عقلك.ويصلك بحقائق الكون ، وشعاعا من الفضيلة ينير قلبك ، ويصلك بما وراء الكون ، فإذا فقدت هذا الشعاع الهادی ، فا زعم كل شيء إلا الإسلام.
موكب الدعوة